محمد جاد : داعش ونصر أبو زيد

محمد جاد
محمد جاد

نظمت مؤسسة نصر حامد أبو زيد للدراسات الإسلامية بالقاهرة مؤتمراً بعنوان «التأويلية ونصر أبو زيد»، شارك فيه العديد من الباحثين العرب والأجانب، وتجدد موضوع التأويل وآفاقه، وانعكاس ذلك على الواقع، ودور النص الديني ومُفسريه أو محتكري تفسيره على مصائر مَن يقعون تحت طائلتهم.

وقد لاقى المؤتمر نجاحاً وحضوراً ملحوظاً، إضافة إلى الأبحاث المهمة التي تناولت منهج أبو زيد، أو إشكاليات قضية التأويل.

على الجانب الآخر، تعالت الأصوات، خاصة على مواقع وصفحات العالم الافتراضي، لتجدد العهد مع أفول العقل، وتعيد نعت الرجل دون فكره ــ فهم لا يفقهون ــ بسلسلة من الاتهامات الجاهزة، خاصة أن دولة الإيمان ــ مصر ــ قد فرّقت بين الرجل وزوجته بتهمة الرّدة، وبالطبع أصبح الحكم القضائي حجة في يد هؤلاء للكشف عن نوايا الرجل الدينية. وقبل ذلك بمدة قصيرة تمت مصادرة بعض كتب أبو زيد عند دخولها مصر بعد طبعها في طبعات جديدة. وقبل ذلك بسنوات ــ في حياة الرجل ــ تم منعه من دخول الكويت، بإيعاز من بعض رجال السلف، لحضور مؤتمر داخل الأراضي الكويتية، لكن المشرفين على المؤتمر نقلوا محاضرته عبر تقنيات الحداثة، التي تأتينا من بلاد الكُفار.

المشهد في مُجمله يدعو إلى الرثاء، ويؤكد أن ناطقي العربية هم بالفعل عالة على العالم، ولا ينتمون إليه إلا من خلال بعض الحسابات السياسية والاقتصادية، وفي ما عدا ذلك الأموات إليهم أقرب. وفي ظِل سلطات هرمة ومرتعشة الأعصاب، تتنفس الرعب من قرب نهايتها، وقبلها أفكار قد تعجّل بهذه النهاية، يبدو المشهد في غاية الغرابة، فجهلهم أرعبهم من ظِلهم، وقد أصبحوا بين أفكار متحررة وناقدة لمجتمع الغيبيات، وأفكار طالما راعوها لتنقلب عليهم في شكل أسلحة وقطع رؤوس وتمثيل بمخاليق الله، لم يدرك هؤلاء أن الاحتماء بالأفكار حتى لو مخالفة لهم أهدى السُّبل من نفخ النار في أوهام مُسيّسة عن خلافة وترهات لا مجال لها بأن تحيا إلا في المصحّات النفسية.

والسؤال الأهم: هل الأفعال الدموية التي نشاهدها ليل نهار بعيدة بالفعل عن نصوصنا المُحتفى بها على الدوام؟

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.