
سيطر القلق على الأوساط الشعبية من تداعيات هبوط سعر برميل النفط المستمر حتى وصل سعر البرميل، حتى وقت كتابة هذا المقال، إلى سعر لم يصله منذ ٤ سنوات، وتحديداً منذ أكتوبر ٢٠١٠.
وهذا الهبوط في الأسعار ليس الأول في التاريخ القريب، فقد هبط في منتصف تسعينات القرن الماضي، ليصل إلى أدنى مستوياته، ضارباً ناقوس الخطر للدول المصدّرة حتى تستفيق من غفوتها، وتسعى نحو الاعتماد على مصادر بديلة للطاقة، خصوصاً بعد تطور العلم في هذا المجال، لتصبح بعض دول الخليج العربية في يومنا هذا رائدة في هذا القطاع.
فالسعودية المصدر الأكبر للنفط في العالم، اتجهت في السنوات الأخيرة إلى الاستفادة من النفط الصخري، وأبحاثها مستمرة بالتوازي مع الأبحاث التي تقوم بها الولايات المتحدة، كما بدأت باستثمار الطاقة الشمسية عام ٢٠١٢، وخطت كل من الإمارات وقطر ذات الخطوات في استثمار الطاقة البديلة، فقد احتلت أبوظبي المركز الثالث في استثمار الطاقة البديلة من أصل ٤٠ دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجاءت دبي سادساً، والسعودية في المرتبة الثانية عشرة، تليها قطر التي اعتمدت على صناعات الحديد والصلب.
الشاهد مما تقدّم، أن أشقاءنا في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي استوعبوا الدرس مبكرا، وبدأوا بحلول عملية، وليس بمقدورنا الآن سوى أم نبعث لهم بأمنياتنا الصادقة بالتوفيق.
المسؤولون في الكويت كذلك بدأوا خطواتهم الأولى بالتنبيه على الخطر كي تبدأ الخطوة الثانية، التي لم تبدأ حتى الآن، أو أنها بدأت ولكن باتجاه معاكس للتيار والمنطق، لغياب الرؤى المستقبلية، وهو ما نلاحظه بوضوح من خلال الأعمال التي تقوم بها الحكومة المغايرة تماماً لتصريحاتها الإعلامية، والأمثلة هنا متعددة وكثيرة مع حكوماتنا المتعاقبة.
فمثلاً يظهر لسان مسؤول حكومي يحذِّر من ارتفاع الهدر في الطاقة، وفي المقابل لا توجد جدية في تحصيل فواتير الكهرباء المتراكمة، أو يخرج آخر متعهداً بعدم مساس أصحاب الدخل المحدود من المواطنين، إلا أنه يعطي المشروعية فرض ضريبة عليهم.
إن تنويع الدخل العام للدولة أصبح ضرورة ملحّة، وأحد أهم الأولويات في المرحلة المقبلة، على أن تكون بالاعتماد على مصادر طاقة بديلة بالمقام الأول، ولكن يجب أن يسبقها أولاً مخافة الله في أصحاب الدخل المحدود في أي حل حكومي اتجاه المصدر النفطي.