عريقات يستجدي الولايات المتحدة.. وهي تغلق الباب في وجهه

صائب عريقات
صائب عريقات

كتب محرر الشؤون العربية:
استمرت إسرائيل في بناء المستوطنات الجديدة في القدس المحتلة غير آبهة بالتصريحات التي تعلنها الإدارة الأميركية، أو البيانات من بعض الدول الأوروبية، فلقد تعوّدت على صدور مثل تلك البيانات منذ سنوات طويلة، مستمرة في قضم أراضي الضفة الغربية، وبناء المستوطنات، وتوسعة الموجود منها في القدس.. لا البيانات أوقفتها، ولا التصريحات منعتها من الاستيلاء المنظّم على أراضي السلطة.

كم هو لافت التصريح الذي أدلى به كبير المفاوضين، (ما زال يحمل هذا المسمى حتى الآن!) صائب عريقات، خلال زيارته لأميركا الأسبوع الماضي حين قال «إن قرار إسرائيل بناء 500 وحدة استيطانية في القدس الشرقية المحتلة يشكّل صفعة على وجه الولايات المتحدة والفلسطينيين»! تصريح السيد عريقات يذكّرنا بقول أحد الأعراب، الذي لا يملك من متاع الدنيا إلا الشيء القليل، «أموالي وأموال الملك مئات الملايين من الدراهم»! فالولايات المتحدة الأميركية وإن عبرت في بيان لها عن امتعاضها من استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات في القدس، إلا أن العلاقات بينها وبين إسرائيل لم تتغير من حيث الدعم السياسي أو المالي أو بالسلاح.. لم يتغير شيء وهذا ما عبر عنه بشكل واضح موشيه أرنس في مقالة منشورة له الأسبوع الماضي، وهو من الشخصيات الإسرائيلية السياسية المهمة بحكم مناصبه التي تولاها منذ توليه سفارة إسرائيل في أميركا، فوزارة الدفاع الإسرائيلية لفترات متعاقبة ووزارة الخارجية الإسرائيلية، وذلك بعد أن أسند إليه عدد من رؤساء وزراء إسرائيليين من مناحيم بيغين حتى نتنياهو تلك المناصب – بقوله بداية:

«يجب القول أولا وقبل كل شيء إن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة جيدة، وستستمر كذلك، الولايات المتحدة هي الصديقة الأقرب لإسرائيل، وليس لها صديقة أفضل من إسرائيل. لا يمكن مقارنة التقارب بين الدولتين مع علاقة الولايات المتحدة بأي دولة أخرى. إن هذه العلاقات تستند الى مبادئ مثالية، ومصالح استراتيجية مشتركة.

كل واحدة من الدولتين تلعب في الساحة السياسية للدولة الأخرى، وهذا أيضا جزء من العلاقات الخاصة بينهما» وبموجب تصريح أرنس، فالعلاقة بين الدولتين مترسخة استراتيجياً، ومتداخلة بشكل كبير، بحيث يمكن القول وفق مقالته إنهما دولة واحدة بتأثيرات كل منهما حتى في الساحة الداخلية لهما.. هذه علاقة قائمة منذ عقود طويلة ومتزايدة ووثيقة جداً، وترجمتها مادية بالمعونات المليارية التي تمنح لإسرائيل سنوياً، أو التسليح النوعي الذي يتم تزويدها به أو الوقوف إلى جانبها في المحافل الدولية قاطبة.. فحتى قبول فلسطين عضواً عاملاً في اليونيسكو عام 2011، وقفت ضده الولايات المتحدة..!

وبالتالي لا نعتقد أن مثل تلك الأمور والأحداث غائبة عن عريقات، ولا ينبغي أن تكون غائبة عنه وهو من يتولى المفاوضات المتوقفة منذ سنة مع إسرائيل.

صفعات عدة

في الحقيقة تلك الصفعة ليست موجّهة إلى الولايات المتحدة ولا للشعب الفلسطيني أيضا، بل هي عدة صفعات للسلطة الفلسطينية في رام الله.. وليست الأولى، بل سبقتها عدة صفعات موجّهة إليها من دون توقف.

هل يراد من مثل تلك التصريحات حث الولايات المتحدة على الضغط على إسرائيل لإعادة المفاوضات العبثية بين السلطة وإسرائيل على السكة مرة أخرى؟

الجواب أتى مباشرة بعد تصريح السيد عريقات من قبل المتحدثة باسم الخارجية الأميركية السيدة بساكي «بأن بلادها لا تفكر في المرحلة الحالية ببذل جهود لجلب الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية إلى طاولة المفاوضات كما أن الولايات المتحدة ليس لديها أية خطط حالياً لتقديم خطة للسلام»..

تلميح عريقات بأن تتحرك الولايات المتحدة لفتح، ولو باب موارب، من أجل إعادة المفاوضات حتى لو كانت من دون جدوى، تم إغلاقه بتصريح السيدة بساكي بشكل واضح وجليّ أثناء تواجده في أميركا مستجديا الطرف الأميركي، السلطة الفلسطينية أهملت الطرف المهم والأهم، هذا الطرف ليس الولايات المتحدة أو غيرها من الدول، بل شعبها الفلسطيني الذي قيّدته بـ «التنسيق الأمني» بينها وبين إسرائيل، وقمع الشعب الفلسطيني حتى في تحركاته السلمية.. والسلطة في رام الله تكابر في إعلان وفاتها بعد عقدين من الزمن بتعاونها مع إسرائيل، بينما الضفة تُقضم، والقدس تهوّد، وهي مازالت في مرحلة الاستجداء من أعداء الشعب الفلسطيني.
هناك فرق كبير بين المطالبة والاستجداء، وما تصريحات عريقات إلا نوع من التذلل والاستجداء لا غير.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.