دليل محمود عباس المفقود ودماء الشهداء

الانتفاضة الثالثة ستكون اكثر شراسة
الانتفاضة الثالثة ستكون اكثر شراسة

محمد الغربللي:
في مقابلة له مع المحطة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، تحدَّث رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، عن مواضيع عدة، ومن ضمن الأمور التي تطرَّق إليها «اغتيال» أو وفاة أبو عمار، حين أجاب محدثه قائلاً إنه «لا يُتهم أحد بمقتل الرئيس ياسر عرفات من دون دليل، وإنه لا يوجد دليل على أن إسرائيل قتلت الرئيس ياسر عرفات، ولذلك لا أتهمها»، للتذكير فقط في أمر وفاة عرفات بأنه قبل وفاته تدهورت صحته بصورة يومية متواصلة، وسط الحصار الذي فرضه أرييل شارون على المقاطعة التي فيها مقر إقامة عرفات، ما حال دون حضوره مؤتمر القمة العربي الذي عقد في بيروت عام 2002، ولم يستطع الأطباء الذين كانوا حوله تشخيص حالته المرضية، ووقفوا عاجزين أمام التدهور المتواصل فيها مما اضطرهم لنقله إلى فرنسا في أحد المستشفيات الرسمية بالقرب من باريس.. وهناك حارَ الأطباء الاختصاصيين أيضا في تشخيص المرض والتدهور المستمر في صحته، ولم يستطيعوا التوصُّل إلى العلاج أو التشخيص الإكلينيكي، وتوفي هناك.

محمود عباس
محمود عباس

تاريخ من الاغتيالات

عودة مرة أخرى لحديث عباس، الذي أطلّ من الشاشة الإسرائيلية وأعطى ما يشبه صك البراءة لإسرائيل في قضية اغتيال عرفات، على الرغم من وجود نهج إسرائيلي في عملية الاغتيالات مارسته في عمان ضد خالد مشعل.. وإن لم يكن الرئيس عباس يملك دليلاً على اغتيال عرفات وينفي التهمة عن إسرائيل، فإن هناك الكثير من القادة الفلسطينيين البارزين، الذين اغتالتهم.. فلا يمكن لعباس أن ينفي قيام إسرائيل باغتيال الشهيد غسان كنفاني عام 1972، كما لا يمكن أن ينفي اغتيال القادة الفتحاويين الثلاثة، كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار عام 1973، أو اغتيال المسؤول العسكري في فتح، الشهيد سعد صايل عام 1978، أو القائد العسكري الفتحاوي راسم الغول، أو محرك الانتفاضة الأولى الشهيد خليل الوزير أبو جهاد عام 1988، أو صلاح خلف عام 1991 مع الشهيد هايل عبدالحميد في الوقت ذاته، أو الشهيد يحيى عياش أو صلاح شحادة، الذي دكت إسرائيل المنزل الذي كان يتواجد فيه بصاروخ بزنة طن متفجرات عام 2002، أو أبو علي مصطفى، أمين عام الجبهة الشعبية، بصاروخ موجه إلى مكتبه عام 2001، أو الشيخ أحمد ياسين عام 2004، أو اغتيال ممثل المنظمة في باريس الشهيد عز الدين القلق عام 1978، أو الرجل الطيب الأخلاق الشهيد محمود الهمشري، ممثل المنظمة في باريس عام 1973، أو محمود المبحوح في دبي عام 2010.

زمن الخنوع

القائمة طويلة جداً سعادة رئيس السلطة، لا يمكن حصر الأسماء فيها، فهم من مختلف الفصائل الفلسطينية من قادة عسكريين أو مفكرين أو سياسيين أو مناضلين مدنيين للقضية الأولى.. ولكننا نعيش زمن التبرئة وزمن التعاون الأمني مع إسرائيل.. إنه زمن التكامل الاقتصادي، وهي مرحلة تعدّت التطبيع، بتوقيع عقود الغاز ما بين بعض الدول العربية وإسرائيل، وهذا ما ندَّدت به اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل «BDS» في بيان لها مؤخراً، كما ندَّدت بالاتفاقيات المذلة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية وبعض الدول العربية ووصفتها «بأنها تشكل تواطؤا خطيرا في دعم اقتصاد الاحتلال».

إنه زمن الإذعان الكلي لدولة الاحتلال، زمن الخنوع والاستذلال، ولم تعد دماء الشهداء تهم، وإن كانوا قادة أو مفكرين أو أطفالاً أو شيوخاً أو نساء مدنيين، فالسير في طريق الذل والهوان يؤدي إلى السجود أمام القاتل والتذلل له، ونسيان كل دماء الشهداء وغسل يديه من دمائهم.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.