
كتب محرر الشؤون الاقتصادية:
في الوقت الذي تنتظر فيه بعض الدول المنتجة للنفط الاجتماع المرتقب لمنظمة «أوبك»، المقرر في فيينا 27 نوفمبرالمقبل، بفارغ الصبر، لعل هذا الاجتماع يسفر عن أي نتائج تعيد إلى أسعار النفط الاتجاه الصعودي الذي فقدته منذ فترة، نجد على الجانب الآخر دولاً تتمنى فشل التوصل إلى أي اتفاق بين أعضاء المنظمة حول خفض الإنتاج، حتى تظل الأسعار على المستويات المتدنية الحالية، ولا شك أن على رأس هذه الدول الصين، التي تعد من كبار مستهلكي النفط على مستوى العالم.
بدأ تراجع أسعار النفط الحالي في شهر يونيو الماضي، حيث انخفض سعر خام مزيج برنت بنحو 30 دولاراً للبرميل من آخر قمة بلغها في منتصف يونيو الماضي، حيث سجل حينها 115 دولاراً ليفقد خلال أربعة أشهر ما يقرب من 25 في المئة من قيمته، ونظراً لأهمية النفط في الاقتصادات العالمية، فإن تغير أسعاره يؤثر بشكل ملحوظ في الاقتصاد العالمي، وفي الدول الكبرى المستهلكة له.
وعلى الرغم من التأكيدات المستمرة أن من أسباب تراجع النفط تباطؤ الاقتصاد العالمي وتباطؤ الاقتصاديات الصناعية الكبرى في أوروبا واليابان والصين والهند، وهو ما تسبب في انخفاض الطلب على النفط، إلا أن هذه الدول تبقى المستفيد الأكبر من تراجع الأسعار، إذ إن هذا التراجع من شأنه أن يوفر مبالغ مالية طائلة في ميزانيات هذه الدول، خصوصاً الصين، التي تعدّ ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.
وسيزداد الناتج المحلي للدول المستوردة للنفط بمقدار توفيرها من قيمة الواردات النفطية، بينما سيتراجع الناتج المحلي للدول المصدرة، وستتأثر الدول بدرجات مختلفة، فالصين ستكون أكبر المستفيدين من تراجع الأسعار، بينما سيكون التأثير مختلطاً في الولايات المتحدة الاميركية بسبب مخاطر تراجع الاستثمار في النفط الصخري، الذي أضاف نحو مليوني وظيفة خلال الأعوام الأربعة الماضية.
وسترتفع إنتاجية القطاعات المستخدمة للنفط بسبب تراجع تكاليفه، حيث ستنخفض تكاليف إنتاج تلك السلع والخدمات، ما سيساعد على خفض أسعارها ورفع الأرباح في تلك السلع والخدمات، وسيستفيد القطاع الزراعي كذلك من تراجع أسعار الوقود والمبيدات والأسمدة، الذي سينتج عن تراجع أسعار النفط، ما سيدعم الإنتاج الزراعي ويزيد المعروض من السلع الزراعية، ويعمل على تراجع أسعار عدد من المواد الغذائية.
ويرى بعض المختصين أن تراجع أسعار النفط ومنتجاته لفترة ليست طويلة، سيقود إلى رفع معدلات النمو العالمي، حيث ستستفيد الشركات والأسر من هذا التراجع، وتنفق على سلع وخدمات أخرى، ما سيزيد الطلب على باقي السلع والخدمات، ويرفع معدلات النمو العالمي، وقد يضغط تراجع أسعار النفط على أسعار أنواع الطاقة الأخرى، مما سيسهم في تعزيز معدلات النمو.