صدر حديثاً عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة ــ سلسلة الإبداع القصصي ــ ترجمة رائعة «نيكوس كازنتزاكيس» «إليسكيس زوربا.. سيرته وحياته» عن اليونانية مُباشرة، من دون لغة وسيطة، قام بها «خالد رؤوف». وتعتبر الرواية العمل الأشهر لكزانتزاكيس، التي تتضمن فلسفته في الحياة، وقد تحوَّلت إلى فيلم شهير قام ببطولته أنتوني كوين، وأخرجه يانيس كاكويانيس.
ما يميز هذه الترجمة عن الترجمات الأخرى عبر اللغة الوسيطة، سواء الإنكليزية أو الفرنسية أنها جاءت أكثر ثراءً، وكشفاً عن خبايا نفسيات الشخصيات، خاصة شخصية الشاب، الذي يمثل كازنتزاكيس نفسه، وهو لايزال في مرحلة البحث عن إجابات طالما أرقته ككاتب يبحث عن دلالات المعنى، مما يوحي بأن هذه الترجمات جاءت مُبتسرة إلى حدٍّ كبير. كذلك الحوارات المطوَّلة التي أراد زوربا الكشف عبرها عن وجهة نظره في الآلهة والكون والطبيعة الإنسانية. فالصراع هنا ما بين بدائية الأحاسيس وخوض التجارب أياً كانت نتائجها، مقابل العيش من خلال حياة وآراء الآخرين، كما كان يفعل المؤلف الشاب، الذي يسجن نفسه في أفكار غيره، كلما قرأ أكثر، وكأنه نسي ذاته وتحوَّل إلى بوق يصدر أصواتاً مُتنافرة تعكس نظرته المشوّشة عن العالم. فالمقارنة الدائمة هنا بين التحضّر وقيوده، والطبيعة وقوتها، من دون استدعاء منطق زائف يُبعد الإنسان عن قدراته الخارقة في مواصلة الحياة وتنفسها كما هي.