
حنين أحمد:
ازدادت في الآونة الأخيرة ظاهرة العنف في المجتمع، خصوصاً بين الشباب، بحيث لا يكاد يمرّ يومٌ إلا ونسمع بجريمة ما، أو عراك واشتباك في الأماكن العامة، أو في المنزل نفسه.
ورغم أنه لا يوجد تحليل واضح لظاهرة العنف، فإن بعض الشباب ممن التقتهم «الطليعة» أرجعوا السبب إلى الأهل وعدم قيامهم بمراقبة أبنائهم، وبالتالي إسداء النصيحة أو توجيههم، فضلاً عن قلة اهتمام الدولة بالفئة الشبابية وانتشار البطالة وقلة فرص العمل.
وأكدوا أنه للحد من هذه الظاهرة لابد من إيلاء الشباب المزيد من الاهتمام، وفتح المجال أمامهم لتولي بعض المناصب القيادية، وخلق فرص عمل، وإقامة تجمعات تنموية ثقافية ورياضية تتيح لهم تفريغ طاقاتهم.
وهذه حصيلة الآراء:
في البداية، عرّفت خلود المطيري العنف من وجهة نظر علم النفس، ووصفته بأنه ذلك السلوك الذي يتّسم بالقسوة والشدة والإكراه، حيث يلجأ الفرد إلى أسلوب الضرب، وقد يصل الأمر إلى القتل وهدم الممتلكات العامة.
أما في علم الاجتماع، فإنه كل سلوك يسبب ضرراً للفرد أو ملكيته.
ورأت أنه بدءاً من قابيل إلى يومنا هذا، تنوعت أسباب ظاهرة العنف، وللأسف الشديد زادت في الآونة الأخيرة، واجتاحت حتى أماكن الترفيه؛ كالمجمعات التجارية، كاشفة أن من أبرز أسباب ذلك إهمال الدولة لفئة الشباب، التي تُعد أكبر شريحة في المجتمع، فوزارة الشباب والرياضة جهودها ضئيلة في دعم الشباب والاهتمام بهم، فكم مرة سمعنا بأسماء كويتية شابة حصدت جوائز عالمية ولم يتم تكريمها وتشجيعها من قبل هذه الوزارة؟!
وقالت «لا تلوموا الشباب وأنتم مخطئون مثلهم»، مبينة أن من أسباب العنف أيضاً اتكالية كثير من الشباب وعدم احترامهم، أو بالأحرى احتقارهم، لمن يقف أمامهم، سواء لجنسه أو لونه..إلخ، وكذلك الغضب، الذي تتم ترجمته أحياناً إلى الضرب من دون أي سبب وجيه أو لسبب تافه.
صفة فطرية
واعتبرت أنه ليس هناك من حل جذري لهذه المعضلة، كونها صفة فطرية في الإنسان، ولكن من الممكن الحد منها بطرق عدة، منها الاهتمام بفئة الشباب وإنشاء مركز تنموي ثقافي في كل محافظة لتغذية وتنوير عقول الشباب، وبالتالي تثقيفهم.
واختتمت المطيري وجهة نظرها برسالة تشارلي تشابلن للإنسانية، التي يقول فيها: «تلك الآلات التي توفر احتياجاتنا قد تركتنا في احتياج. المعرفة جعلتنا متشائمين، وذكاؤنا صار وحشياً وقاسياً. كثيراً ما نفكر وقليلاً ما نشعر. أكثر من الآلات، نحتاج إلى الإنسانية. وأكثر من العبقرية والذكاء، نحتاج إلى الطيبة والأخلاق. من دون هذه المبادئ ستكون الحياة مليئة بالعنف وسنهلك جميعاً».
بطالة.. وتهميش
واعتبر أسامة العبدالرحيم أنه في ظل غياب لغة وثقافة الحوار بين الأشخاص في المجتمع سيحل محلها مفهوم القوة، فيصبح سلوك العنف هو السلوك السائد، مشيراً إلى أن هناك عدة أنواع للعنف، منها العنف ضد المرأة والعنف بين الأوساط الطلابية في الجامعات، الذي يحدث بسبب عوامل كثيرة، منها ضعف أو عدم وجود قناة من الدولة للتواصل مع الشباب ومعرفة همومهم ومتطلباتهم، على الرغم من وجود وزارة الشباب البعيدة كلياً عن الشباب واحتياجاتهم الحقيقية، وانتشار البطالة وعدم توفير فرص العمل، بالإضافة إلى مستوى التعليم المتدني بعشوائية وعدم تطبيق وزارة التربية أيّ استراتيجية واضحة للطلبة.
مسؤولية الدولة

وحمّل العبدالرحيم الدولة مسؤولية تفشِّي هذه الظاهرة بسبب إهمالها بعض الطبقات المُهمَّشة، بحيث لا تخلق لها بيئة مناسبة للتعليم والصحة والترفيه والعمل.
ورأى أن الحل يكمن في العمل على ضمان العدل والمساواة والعدالة الاجتماعية في إقرار السياسات الاجتماعية وتطبيقها وتكثيف مراقبة الدولة لظاهرة انتشار الأسلحة ودخولها الأماكن العامة والتعاون في عمل وطني مشترك بين جميع المؤسسات التربوية والقانونية والاجتماعية لمواجهة هذه الظاهرة السلبية، فضلاً عن ضرورة وجود قنوات تربط ما بين الدولة والشباب لتسهيل الحوار بينهم، ولتعي الدولة همومهم واحتياجاتهم، وخلق فرص عمل متنوعة، مع الاهتمام بجميع طبقات المجتمع من دون تمييز (أي دون الوساطات)، وكذلك اهتمام الدولة بالثقافة والأدب والرياضة، وفتح أندية لتحتضن مواهب الشباب وهواياتهم.
العنف الأسري
وعزا محمد حسن أسباب ازدياد العنف بين الشباب إلى العنف الأسري، حيث يتمثل في ضرب الآباء لأبنائهم، فضلاً عن انتشار البطالة التي تصيب صاحبها بالشعور بالإحباط وخيبة الأمل واليأس من المستقبل، لافتاً إلى أن من الحلول المقترحة نشر ثقافة تربوية عند الآباء والمربين والمدرسين في كيفية التعامل مع النشء وتوجيههم، بعيداً عن الشدة والعنف وكذلك إيجاد فرص عمل للشباب.
الثقة بالنفس

واعتبرت مــريـم الـعـازمـي أن العنف ما هو إلا نتاج لجيل من الشباب غير الواثق بنفسه، والعابث الذي لا يجد مكاناً يحوي طاقته ولا مدى تفكيره، في ظل غياب البيئة الحاضنة لمقومات الشباب وطاقاتهم الفكرية، موضحة أن العنف ما هو إلا رد فعل لفشل احتواء طاقاتهم، وأيضاً غياب القدوة في عالم انتشر فيه الإنترنت الذي لم يعد فيه للعائلة والأصحاب دور في التأثير فينا، إلى جانب غياب الأشخاص المؤثرين في حياتنا من كتّاب ومفكرين، وحلول عالم الفكاهة والأزياء والماكياج مكانهم، حيث بات جل اهتمام البعض إلى أين يسافر؟ وماذا يرتدي؟، وهذا ما يسبب إهداراً لطاقته وفكره، في حين أنه لا يخصص وقتاً، ولو بسيطاً، لقراءة كتابات أهم المفكرين والمثقفين، الذين كانت لهم بصمة ودور في التاريخ العربي.
وبيّنت العازمي أن الأعمال التطوعية والرياضية قد تكون جزءاً من الحلول، حيث تتيح لهم تفريغ طاقاتهم في هذه الأعمال وتوسيع مداركهم من خلال القراءة وإعطائهم فرصة القيادة ليثبتوا أنفسهم، ويحققوا طموحاتهم، وبالتالي يصبحون قدوة لغيرهم.
أماكن ترفيهية
وأوضح حسين المطرود أن من أبرز الأسباب عدم توعية الشباب، كاشفاً أن الحل يكمن في القيام بحملات توعية للشباب، للحد من هذه الظواهر السلبية، ونشر الوازع الديني، وجعلهم يقضون وقت الفراغ في أشياء إيجابية يكون لها تأثير في رفع راية الوطن والإعلاء من شأنه بالطاقات الإيجابية، كالرسم والفن والأنشطة الرياضية، والسفر للتعلم من ثقافات الشعوب الأخرى، وإنشاء أماكن ترفيهية خاصة بالشباب.

غياب دور الأهل
وأكد بدر أشكناني أن ظاهرة العنف سببها عدم توعية الشاب الكويتي وإهماله من قِبل الدولة، وغياب دور الأهل في مراقبة تصرفات أبنائهم «ومثال على ذلك الدكتور الذي قُتل في مجمع الأفنيوز لسبب تافه، وكان من الممكن التوصُّل إلى حل سلمي، بعيداً عن العنف الذي أدى إلى مصرعه»، مبيناً أنه يجب للحد من العنف إقامة ندوات توعوية، فضلاً عن قيام الأهل بمراقبة أبنائهم ونصحهم وتوجيههم التوجيه الصحيح والسليم.