ما دام القانون غائباً والدستور منتهَكاً: بتنا نعيش في بلد التطويق والمداهمات

كتب محرر الشؤون المحلية:
خبران مرَّا مرور الكرام في زحمة العيد نشرتهما القبس والراي في اليوم نفسه الذي صادف أول أيام العيد «السبت 4 أكتوبر»..
الخبر أو الموضوع الأول نشرته القبس نقلاً عن دراسة عالمية متخصصة، تناولت أحوال المغتربين من حيث جودة الحياة والعمل والعلاقات الاجتماعية والترفيه، وجاءت الكويت في هذه الدراسة في المرتبة الـ 61 على مستوى العالم، بعد قطر والسعودية، وبيَّنت الدراسة، وفق ما نشرته القبس، أن المغتربين يجدون صعوبة في الاستقرار في الكويت أو تكوين صداقات أو الشعور وكأنهم في وطنهم، وذكرت الدراسة نسباً ضئيلة جداً على صعيد تكوين الصداقات، حيث بلغت 7 في المئة، أو الشعور بأن المغتربين في وطنهم الثاني، حيث بلغت النسبة 5 في المئة، أما من حيث الترفيه، فقد احتلت الكويت المرتبة الـ 60 في المؤشر، وبالنسبة لتكاليف الحياة والمعيشة فتُعدّ الكويت من أغلى الدول.

وعندما ننظر إلى الدراسة، فنحن لا نتحدث عن أقلية من السكان، كحال الوضع الطبيعي في الدول الأخرى، خلاف دول الخليج العربي، بل عن المغتربين والوافدين، الذين يشكلون الأغلبية من السكان، وبالتالي نتحدّث عن حقوق أغلبية من البشر وليس أقلية ذات نسب صغيرة في الدولة.. فجميع معطيات الدراسة أتت بالسالب في وضع الرفاهية وسهولة الحياة في الكويت.

حفل مختلط

في اليوم ذاته، السبت نشرت صحيفة الراي خبرا يتعلق بالوافدين أيضا، تحت عنوان «الجنائية لبَّت الدعوة لحفل مشبوه» وكتبت «اقتنص رجال مباحث الآداب 30 وافداً بينهم مواطن ومواطنة في حفل مشبوه أقيم في سرداب في منطقة المنقف»، ويمضى الخبر تفصيلاً بالقول إن «رجال الإدارة العامة للمباحث الجنائية، واستناداً إلى مصدر أمني كانوا قد تلقوا معلومات عن إقامة حفل مختلط في سرداب بناية في منطقة المنقف يضم جنسيات مختلفة»، وإن «رجال المباحث استصدروا إذناً من النيابة العامة بالانطلاق إلى المكان ومداهمته، وتم فرض طوق أمني عليه واقتحامه، وألقوا القبض على 30 شخصاً من المحتفلين رجالاً ونساء، وتم اقتيادهم إلى إدارة المباحث الجنائية».

وكما هو منشور في الخبر، فالأمر يتعلق بقيام وافدين بحفل خاص، وأن المعلومة التي وصلت إلى المباحث الجنائية من مصدر ما، وليس شكوى من الجيران أو من القاطنين حول مكان الحفل، بل من مصادر سرية، وجاء ذكر «التطويق والمداهمة» كأن الخبر يتحدّث عن مجموعة إرهابية من جماعات «داعش» أو «النصرة»..

المادة 30 من الدستور

مجموعة من ثلاثين شخصاً يقيمون حفلاً خاصاً من دون إزعاج أو إلحاق ضرر بأحد، فما السند القانوني الذي يجيز لرجال الأمن من مباحث، أو غيرهم، مهاجمة المكان وإلقاء القبض على من فيه؟

لو كانوا مواطنين أو من بعض علية القوم لما تجرَّأ رجال المباحث على الاقتراب من المكان أو الوصول إليه.. ألم تلتفت وزارة الداخلية أو النيابة العامة، التي منحت إذن الاقتحام، إلى المادة 30 من الدستور، التي تنص بشكل واضح، ومن دون إجراءات أو قانون يفسرها، على أن «الحرية الشخصية مكفولة»؟

هكذا أتى نص المادة بالمطلق.. حرية هؤلاء الوافدين مكفولة ماداموا يمارسون ما يريدون في مكان مغلق، من دون إلحاق الأذى بأحد أو التعدي على آخرين.. ومع ذلك ينسف رجال الداخلية هذه المادة، ويتدخلوا في أماكن ليس لهم حق التدخل فيها، لاسيما أنه لم تكن هناك شكوى أو تعدٍّ على أحد، ويعتبرون ما فعلونه إنجازاً يُحسب لهم، وليس تعدياً على الحرية الشخصية التي كفلها الدستور بالمطلق.

دولة الانتهاكات

نعلم تماماً أن هذه المادة ليست الوحيدة التي يتم انتهاكها في الدستور، فهناك مواد أخرى منتهَكة، والتجاوزات كبيرة وخطيرة على المواطن والمقيم في الوقت ذاته، والتجاوز وصل إلى حد التعدي على الحرية الشخصية متى ما رغبت جهة تنفيذية ما في مثل هذه التعديات، من دون مساءلة أو تعليق.. فنحن نعيش حاليا في دولة الانتهاكات على اختلاف أنواعها وأشكالها على المواطن والمقيم، ولا عجب أن تحتل الكويت المراكز الأخيرة من حيث جودة الحياة للمقيمين، والأمر ذاته للمواطنين، وما الهروب الجماعي في العطلات القصيرة إلا تعبير وترجمة لأوضاع البلد، الذي يتفنن في التطويق والمداهمات.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.