الديمقراطية الأميركية.. ودموع التماسيح!

باراك أوباما
باراك أوباما

محمد الغربللي

مدعو من قِبل إحدى الجامعات الأميركية في ولاية ديترويت ولم يذهب سياحة أو تطفلاً إلى الولايات المتحدة، ذهب بناءً على دعوة من جامعة هناك.. يحمل جواز سفر فرنسيا ساري الصلاحية، وأيضا سمة دخول إلى الولايات المتحدة صالحة حتى عام 2017.. لبَّى الدعوة وغادر باريس إلى المطار، وهناك تم منعه من السفر، بطلب رسمي من السلطات الأمنية الأميركية، ليعود أدراجه إلى باريس.. هو ليس من جبهة النصرة، وليس من تنظيم داعش، أو الوجه الجديد المسمى بمجموعة خرسان.. بل مناضل في مجال حقوق الإنسان منذ أمد بعيد، وأحد القياديين في هيئة التنسيق السورية المعارضة للنظام، ولديه الرؤية السياسية ذاتها التي أعلنتها الهيئة منذ بداية الأحداث في سوريا، والتي أثبتت الأيام صوابها، على عكس القوى السياسية الأخرى التي ذهبت باتجاه آخر، وقادت رؤاها إلى تمهيد الطريق الكارثي الذي تسير فيه سوريا كدولة.

تم منع هيثم مناع من التوجه للولايات المتحدة، بناءً على دعوتها له.. لم يكن ذاهبا لإبرام صفقات سلاح أو الاجتماع بمسؤولين رسميين، هدفه الوحيد هو لقاء طلبة ومختصين في الجامعة التي دعته.. وزاده الوحيد هو الكلام والحديث.

ديمقراطية الشعارات

هذه هي الديمقراطية التي ترفع شارتها وبيارقها الولايات المتحدة، وتذرف دموع الحزن والأسى على الشعب السوري، وتقوم بضرب «داعش» وأخواتها بالزفة والزار العربي المصاحب لها.. تنادي بحقوق الإنسان وحق الشعب السوري في تقرير مصيره وقائمة طويلة من المطالبات للشعوب بالكرامة والحرية.. وآخرها الحديث الوعظي، الذي أدلى به أوباما من على منصة الأمم المتحدة.. ولم يكن ينقصه سوى ارتداء العمامة في خطبته العصماء تلك من على المنبر الرخامي.

التباكي الأميركي

التباكي الأميركي هذا ليس جديداً، وليس الأول من نوعه، فقد مارسته الولايات المتحدة طوال عقود من الزمن، عندما تريد تحقيق مصالحها، باستخدام كافة السبل، بما في ذلك الحديث عن حقوق الإنسان والحرية والكرامة الإنسانية.. ويصل حديثها إلى حدّ البكاء، أو استخدام الأسلحة الفتاكة أو الإرهابيين كذريعة.

كم من عشرات المرات استخدمت أميركا حق الفيتو في مجلس الأمن، كي لا يصدر قرارا يدين إسرائيل؟! إدانة وليس معاقبة إسرائيل على اعتداءاتها الدائمة والمتكررة على الدول العربية أو لوَّحت باتخاذ قرار الفيتو، في حال تقديم أي دولة لمشروع قرار إدانة وليس عقابا.. هذه هي الديمقراطية الأميركية، وهذه هي الدموع المتواصلة التي تذرفها على الشعوب، ليس كل الشعوب بالطبع، مادامت مثل تلك الأنظمة تنفذ سياسة الولايات المتحدة وتخدم مصالحها، حتى لو نكلت بشعبها وأذاقته أشد أنواع العذاب والحط من الكرامة.

هنا تغمض عينيها وتربطهما برباط أسود، خشية رؤية هذه الانتهاكات، بل تكون الأمور في ما بينها وبين مثل تلك الأنظمة سمناً على عسل.. لذا، لا عجب أن يُمنع مناع من دخول الولايات المتحدة كما فعلت أخيراً.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.