كتب آدم عبدالحليم:
لا يزال مجلس الأمة الحالي غير قادر على معالجة قضايا الشباب، التي أعلن عنها كثير من النواب في مناسبات عدة، لذلك لم يلبِ المجلس الحالي طموح فئة الشباب ومطالبهم، بداية من الحق في المقعد الدراسي الجامعي، مروراً بالقضاء على مشكلة البطالة بعد التخرج، وصولاً إلى المشكلة الإسكانية، التي لا تزال تراوح مكانها، على الرغم من الترويج لبعض القرارات الصادرة حولها في الفترة الأخيرة.
فعلى الرغم من وجود لجنة برلمانية مؤقتة، تختص بالشباب والرياضة، فإنها لم تناقش – على الرغم من قرب موعد انتهاء مدتها – أي قضية تتعلق بالشباب وهمومهم المطروحة، وانحصر عمل هذه اللجنة في مناقشة وإقرار قوانين الرياضة واللجنة الأولمبية واتحادات الرياضة والأندية الشاملة وقضايا اتحاد كرة قدم.
قضايا التعليم الجامعي
ولم ينجح المجلس في متابعته لقضايا التعليم الجامعي، والضغط على الحكومة، لتنفيذ ما في جعبتها من مشروعات وقوانين قادرة على حل مشاكل التعليم الجامعي المتراكمة، والتي تعد أولى القضايا التي يواجهها الشباب في مستهل حياتهم.. ويأتي هذا بالتزامن مع تأكيد أغلبية النواب في تصريحاتهم عدم جدية الحكومة في معالجة تلك القضية.
وحتى الآن لم تنتهِ الحكومة من مشروع جامعة الشدادية، الذي كان مقررا الانتهاء منه في العام الحالي، واتفقت مع المجلس، ومن قبله اللجنة التعليمة، على إصدار قانون يؤجل افتتاح المشروع إلى 2019، وقد يتأجل الافتتاح إلى أبعد من ذلك التاريخ، ليصل إلى 2025، وفقاً لآراء بعض المتابعين، وتأكيد الحكومة نفسها، على لسان وزير التربية والتعليم العالي السابق أحمد المليفي، أن لا تاريخ محدداً للانتهاء من المشروع ككل، وما لديه تواريخ لمراحل ضمن إطار المشروع.
حال جامعة الشدادية لا تختلف كثيرا عن مصير جامعة جابر الأحمد، والتي صدر قانونها في أبريل 2012، وتضم ثلاث كليات جديدة كمرحلة أولى، هي: الهندسة والعلوم الإدارية والحقوق، إلى جانب كلية التربية الأساسية، والتي هي كلية قائمة تتبع التعليم التطبيقي نص القانون على أن تتبع الجامعة الجديدة حين الانتهاء من إنشائها.
وعلى الرغم من أن القانون، الذي صدر منذ عامين، بشأن إلزام الحكومة إنشاء الجامعة الجديدة والانتهاء منها في أبريل 2015، فإن كل المؤشرات تؤكد أن الحكومة لن تنتهي من المشروع في الموعد المحدد أو بعد ذلك، وما يؤكد ذلك أن الحكومة غير ملتزمة بالتقرير الدوري (الذي نصَّت عليه إحدى مواد القانون)، والمفترض تقديمه للمجلس كل ثلاثة أشهر، وفيه توضح الحكومة الإجراءات المتخذة على صعيد تنفيذ المشروع.
التوظيف
وتشير الأرقام الرسمية غير المحدثة إلى واقع سيئ يتعلق بالشباب على صعيد قضية التوظيف، فالشباب أكبر الخاسرين في أرقام البطالة، حيث تؤكد الأرقام الرسمية، أنهم يتصدَّرون قضية البطالة بنسبة تتخطى حاجز الـ 90 في المائة من إجمالي أعداد العاطلين عن العمل، الذي تقدره بعض الأوساط بما يقارب 45 ألف عاطل عن العمل. ولم ينجح المجلس في معالجة القضية أو الوصول إلى حلول لها، واعتمد بشكل أكبر على سياسة الحكومة التي خلقت بطالة مقنعة في الجهات الحكومية، وأجبرت الشباب على الابتعاد عن العمل في القطاع الخاص، بعد إقرار عدد من الكوادر والمزايا المالية خلال الفترات الماضية.
لذلك، اكتفى المجلس بجلسات خاصة لمناقشة القضية غلب عليها التكسب الانتخابي، واختتمت بتوصيات لا تلتزم بها الحكومة، وأهمها التقارير الدورية التي تزود الحكومة المجلس بها عن سياساتها تجاه القضية، إلى جانب عدم متابعة التوصيات المهمة، والتي يأتي على رأسها تفعيل قانون ضد البطالة، وربط المشاريع الكبرى بتوظيف الشباب، وتشريع قانون يقنن تعيين القياديين بمدد زمنية محددة، إضافة إلى التصدي لظاهرة إغراق سوق العمل، من خلال تجارة الإقامات، ومحاربة التوظيف الوهمي في القطاع الخاص.
إصلاحات سياسية
وتحمل قطاعات عريضة من الشباب مطالب للإصلاح السياسي تهدف إلى إيجاد مناخ وبيئة سياسية صحية، تتيح للشباب من خلالها الانخراط في العمل السياسي، وفق أطر تنافسية شريفة بعيدة عن الأجواء غير الصحية، التي تعانيها البلاد، ويأتي في مقدمة تلك المطالب إصدار قانون الهيئات السياسية والأحزاب، وتعديل النظام الانتخابي من النظام الفردي الحالي إلى نظام القوائم، للحد من سطوة المال والطائفية والقبلية وتقنين سقف الحملات الانتخابية.
تأتي هذه المطالب بالتزامن مع مطالب أخرى بتعديلات دستورية تهدف إلى إصلاحات سياسية شاملة، وإلى الآن لم ينتبه المجلس إلى تلك المطالب، ولم يتقدَّم خطوة نحوها، سوى تقديم أطراف نيابية تعديلات طفيفة على قانون الانتخاب الحالي، وصفت من قِبل المتابعين بأنها قدمت لأغراض قبلية.
القضية الإسكانية
ولا يزال المجلس عاجزا عن معالجة القضية الإسكانية، بعدما وصلت أعداد الطلبات الإسكانية المتراكمة إلى ما يقارب 112 ألف طلب.. وعلى الرغم من التحرُّكات النيابية، سواء على صعيد اللجنة الإسكانية أم قاعة عبدالله السالم، فإن تلك الجهود لم تتوصل إلى حل ناجع للقضية، والتي خلفت تضخما في أسعار السوق العقاري وارتفاع اسعار الإيجارات، بالتزامن مع الأرقام التي تؤكد أن أعداد الطلبات ستتزايد بمعدل 8 آلاف طلب سنويا.
وتطالب حملة «ناطر بيت» بإعادة النظر في مفهوم الرعاية السكنية، ولاسيما على صعيد طريقة توزيع الدعم الإسكاني على المواطنين، والذي رأت أنه يخضع للحاجة، بهدف ضمان الاستدامة والترشيد الأمثل لموارد الدولة، مع إجراءات تصحيحية في وضع السوق العقاري المتضخم، لكي يمكن الجميع من تملك سكن مناسب عبر الرعاية السكنية أو الشراء المباشر من السوق، كما كان الوضع في فترة الثمانينات وبداية التسعينات.