
كتب دلي العنزي:
يبدو أن منتخب الكويت للناشئين قد اقتدى بمنتخبنا الكويتي (الكبار)، فكان أزرق الكبار مثالاً له ليس في الفوز وتحقيق الإنجازات، بل في الخسارة وتراجع المستوى، وخصوصا مع نتائج المباريات التحضيرية لكأس الخليج القادمة، والتي كانت أمام الصين والبحرين.
الوداع المبكر
فقد ودَّع أزرق الناشئين بطولة كأس آسيا من أضيق الأبواب، إن لم يكن من النوافذ، فخسر ناشئو الكويت جميع مبارياتهم في الدور الأول، والتي كانت أمام كل من منتخبات كوريا الشمالية ونيبال، وأخيرا أوزبكستان، ليكون بذلك منتخبنا أول فريق يودّع البطولة، وبشكل رسمي، بعد أن خسر أول مباراتين له، وبشكل مخزٍ.
كيف لخسارة مباراة أن تكون مخزية؟.. نعم، نحن نؤمن بأن الرياضة فوز وخسارة، لكننا نؤمن أيضا بقدراتنا وتاريخنا، فمن غير المعقول أن تمتلك نيبال خامات أو موارد مالية أفضل من الكويت، ونتلقى منها هزيمة تاريخية.. فريق نيبال الذي لا تعرف له أي إنجازات كروية.
أن يودع منتخب ما بطولة من الأدوار الأولى ومن دون تحقيق أي نقطة، وتحديدا بثلاث هزائم، قد تكون له أعذار ومبررات، مثل عدم الاستعداد أو كثرة الإصابات أو عدم الاستقرار.. إلخ من الأمور التي دائما ما يتحجج بها الخاسر أو المهزوم، أو حتى المتخاذل، لكن دعونا هنا نستعرض كيف كان استعداد منتخب الكويت الناشئين لكأس آسيا، حتى نكون منصفين وحياديين إلى أبعد الحدود.
كيف كان الاستعداد؟
استعد منتخب الناشئين لبطولة كأس آسيا بأربعة معسكرات.. نعم أربعة، فقد كان المعسكر الأول في تركيا، حيث الطبيعة الخلابة هناك، ثم المعسكر الثاني في المملكة العربية السعودية، والثالث كان في مصر، أم الدنيا، ومعشوقة السياح الكويتيين، والمعسكر الأخير والرابع في تايلند، حيث الأسواق الممتعة، فلا ندري إذا ما كانت هذه الدول ومعسكرات المنتخب فيها للتنزه والسياحة ووفق مواصفات كل دولة، كما ذكرنا، أم للتدريب الحقيقي؟!
عموما، بعد أن علمنا أن المنتخب قد استعد للبطولة بأربعة معسكرات كاملة، يكاد لا يحصل عليها المنتخب الأول، فقد كان من المفترض أن نشاهد هذه المعسكرات تنعكس إيجابيا على أدائه في البطولة.. طبعا هذا إذا كانت المعسكرات ناجحة، والهدف منها الاستعداد، وليس أي شيء آخر.
دعونا نرجع إلى الوراء قليلا، وتحديدا إلى يوم 29 أغسطس الماضي، حيث صرَّح رئيس الوفد مشعل السعيد قائلاً: انطلاقا من حرص اللجنة على الاهتمام بالقاعدة والنهوض بها، لأنها اللبنة الأساسية للكبار، وأنه تمَّت الاستفادة من المعسكرات التي أقيمت للفريق، حيث استطاع الجهاز الفني الوقوف على نقاط الضعف لدى بعض اللاعبين، ووضع البرنامج الذي يساعدهم على التغلب على تلك الأخطاء.
ويبدو واضحا أن المعسكرات كانت بالفعل ناجحة، وقد تمت معرفة الأخطاء وحلها، لذلك خرج هذا الفريق من الدور الأول، ومن أول مباراتين له في مشوار البطولة الذي انتهى قبل أن ينطلق أصلا.
وبعد الخروج من البطولة بهذه الصورة، التي تسيء للكويت بمعنى الكلمة، يخرج علينا أحد المسؤولين عن الفريق بنفس الحجج والأعذار، التي أكاد أجزم أنها عبارة عن تسجيل صوتي يتم إخراجه من الأدراج بعد نفض الغبار، وهي أن الفرق المشاركة لم تلتزم بالسن المخصصة لهذه الفئة العمرية، بالإضافة إلى ضغط المباريات.
ألا يعرف هذا المسؤول جدول المباريات مسبقاً أم أنه فوجئ به هو الآخر، كما فوجئنا بعدم الالتزام بالسن وفق تصريحه؟! إلى متى ونحن نمارس هذه التصريحات التي أصبحت مستهلكة؟
كيف نحكم على نجاح المعسكرات؟
بعد كل ذلك، وبعد كل ما صُرف على معسكرات أزرق الناشئين، وتصريح الوفد المرافق بنجاحها، ثم الخروج المخزي أمام فرق أقل منا بكل شيء، هناك سؤال يطرح:
من يقرر نجاح المعسكرات أو فشلها؟ بكل تأكيد ليس أصحاب الحاجة من يحددون ذلك، ولا أي شخص آخر، بل إن نتائج الفريق في البطولة هي التي تحدد ذلك، من خلال البطولة التي من المفترض أنه تم الاستعداد لها.
لكن مع نتائج المنتخب وخروجه من البطولة الآسيوية من الدور الأول، وكأول فريق يودع البطولة رسميا، ومع الأخذ بعين الاعتبار الخسارة أمام نيبال.. كل هذه الأمور تثبت حقيقة واحدة، وهي أن هذه المعسكرات فاشلة.
لماذا تفشل معسكراتنا؟
تحقيق النجاح لا يحتاج إلا إلى تخطيط وتنظيم وحسن اختيار، فعندما نعلم أن البطولة ستقام في تايلند، وأننا سنواجه فرقاً آسيوية، وهي نيبال وكوريا الشمالية وأوزبكستان، فنحن إذن بحاجة إلى معسكرات تقام في مناخ مشابه لأجواء شرق آسيا، وهي أجواء رطبة، وليست كأجواء تركيا ومصر والمملكة العربية السعودية، وكذلك نحتاج إلى مباريات تدريبية مع فرق، مثل إندونيسيا أو كازاخستان أو اليابان.. الخ، أي فرق تلعب بنفس أسلوب مجموعتنا، من أجل أن يتعلم لاعبونا الصغار كيف ستكون أجواء البطولة هناك والتمرن عليها، ومعرفة أسلوب ولعب منتخبات شرق آسيا السريعة، وخصوصا أنهم مازالوا صغاراً في السن، ولا يعلمون كل هذه الأمور التي هي بالأصل تقع على عاتق مَن اختار الدول والفرق للمعسكرات.
مَن المسؤول؟
المسؤول عن الخسارة، هو مَن قرر اختيار هذه الدول لتقام فيها المعسكرات التدريبية، ولا أعلم إن كان الهدف منها بالحقيقة التدريب أم أنها مجرَّد سياحة، وخصوصا أن توقيتها كان مناسباً في الصيف، ونعرف كيف تكون السياحة الصيفية. ومن الواجب تطبيق مبدأ المحاسبة، ليس فقط لوقف هدر المال العام، بل للحفاظ على سمعة الكويت، وكي لا تظهر في الخارج بهذه الصورة، وحتى وإن كانت النوايا سليمة، فاسم الكويت لا مجال للتهاون به. إن ما يجب اتخاذه الآن هو توفير خبراء متخصصين بهذه الفئات العمرية من الناشئين، والسبب أن هؤلاء الصغار سيكونون رجال المنتخب الأول في المستقبل، فكما يتم التعاقد مع مدربين أجانب للمنتخب الأول، فما الذي يمنع من التعاقد مع مدربين مشهود لهم بتأسيس فرق الصغار؟