
أبو رياض:
كتب د.أحمد الخطيب عدداً من المقالات في جريدة «الفجر»، ويقول حول هذا الأمر: بعد إغلاق «صدى الإيمان» انتقل نشاطنا إلى جريدة «الفجر» – التابعة لنادي الخريجين، التي كان يرأس تحريرها يعقوب يوسف الحميضي، وكانت لي زاوية أسبوعية بعنوان «زاويتي» وبتوقيع اسم مستعار.
ويواصل الخطيب: «المتصفح للصحف التي صدرت في الخمسينات يجدها تنبض بالحيوية، فعلاوة على ما تفسحه من مجال مهم للأدب والشعر والرياضة، فهي تقدم مادة دسمة لمعالجة القضايا الاجتماعية والتربوية والسياسية، فقد واكبت المسيرة المطالبة بالديمقراطية، وأكدت أهمية الانتخاب ورفضت التعيين، كذلك طالبت بتوسيع القاعدة الانتخابية.. وانتقدت الفساد والمحسوبية، ودعت إلى التوسع في التعليم والخدمات الصحية والرعاية السكنية، وأيَّدت تحرر المرأة.. ودعت إلى التضامن ومساعدة حركات التحرير في المغرب العربي، كما كانت تنتقد الحكومات العربية على سياسات تعد مضرة بالقضية القومية، ما سبب إحراجاً للكويت».
ومن أبرز المقالات التي كتبها الخطيب، هو مقال حمل عنوان «هذا بترولكم يا جمال»، والذي نشرت في عدد «الفجر» رقم 55، الصادر بتاريخ 2 ديسمبر 1958، وفي ما يلي نصه:
هذا بترولكم يا جمال!
سيدي الرئيس، مساء يوم الخميس الماضي كنا معك، نستمع إلى حديثك الحلو، وكان كل عربي معك من الخليج إلى المحيط، كانوا آذانا صاغية، وقد استبد بهم الفخر والاعتزاز، كيف لا، وقد رأوا أنفسهم في الجمهورية العربية المتحدة، وتحت قيادتك، يقهرون جميع أعداء العروبة من مستعمرين وأذناب، يقهرونهم في كل معركة، سواء كانت عسكرية أو سياسية أو اقتصادية.
هذا فخر لنا، وأي فخر، ولكن.. نحن في بلاد البترول، يا سيادة الرئيس، نشعر بأننا حتى الآن لم نساهم في هذه الانتصارات التي حققتها أمتنا العربية، إخواننا في الجمهورية العربية المتحدة هم الذين تحملوا كل شيء، خاضوا المعارك العسكرية، وصمدوا للمؤامرات السياسية والدعاوية، وهم الذين تحملوا الحرب الاقتصادية.
أما نحن في بلاد البترول، فنشعر بكل ألم وخجل، بأننا لم نقدّم أي شيء، لم نحصل على شرف الجهاد في هذه المعارك، ولعل أوضاعنا لم تساعدنا حتى الآن في الحصول على شرف هذا الجهاد، وشرف العمل في جعل أمتنا العربية المجيدة تحتل مكانها اللائق تحت الشمس.
ونحن يا جمال أبناء هذه المنطقة البترولية نؤمن بأن هذه الأرض هي أرضنا وخيراتها هي خيراتها، وعلينا أن نقدم كل شيء في سبيل إسعاد أمتنا في سبيل الأهداف النبيلة التي تعمل يا جمال لتحقيقها، يساعدك فيها شعبنا الأبي في هذه الوحدة «النواة».
والبترول هو بترولنا نحن، هو ملكنا نحن العرب، ولا يمكن أن نفكر في غير استغلاله لخدمة هذه الأمة.
أنت تستطيع، وقد برهنت بأنك قادر بمساعدة شعبنا العظيم على خوض كل معارك العرب من دون حاجة إلى هذا البترول، وإنك عندما تنادي بالوحدة، لا يمكن أن تفكر بالمكاسب المادية، لأن الوحدة هي فوق كل الاعتبارات الأخرى، وهكذا حققت وحدتنا النواة، وهذا ما قلته في خطابك عن عدم حاجتك لهذا البترول، لا بترول العراق، ولا بترول الكويت أو بترول الجزيرة.
ولكن، يا سيادة الرئيس، هذا هو بترولنا نحن العرب، هو ملكنا، ونحن نريده في خدمة هذه الأمة، ولا يمكن أن نكون راضين أو مرتاحين وخيرات النفط تذهب إلى جيوب المستعمرين، أو تبذر على الكدالك والقصور، بل إننا نريد كل قرش يذهب في بناء وحدة العرب وعزتهم، وإننا لنفضل مليون مرة أن نعيش على الكفاف، في ظل دولة عربية واحدة، قوية عزيزة، من أن ننعم بالملايين ونحن مستعبدون مستعمرون أذلاء.
وأنت قد اختارك هذا الشعب قائدا وزعيما له، ولا قائد أو زعيم غيرك لهذا الشعب العربي العظيم، ولا يمكن إذن أن نطمئن إلى مصير خيراتنا البترولية، ما لم نضعها بين يديك، تشرف أنت على صرفها.
هذا البترول هو بترولك يا جمال، بترولك كقائد لنا، لجميع العرب في كل مكان، ولا فضل لأي كان في ذلك.
نحن اخترناك قائدا، وعليك أن تقبل كل ما نستطيع أن نقدمه لخدمة أمتنا، لا، بل من واجبك أن تدعونا إلى دفع المزيد، أو تظن أننا يمكن أن نتمتع بسعادة أعظم من سعادتنا في التضحية والفداء في سبيل مجد العرب، مجدنا وعزتنا نحن.
المستعمرون وأذنابهم، والإقليميون الانتهازيون، هم الذين يحاولون أن يمنعونا من استغلال بترولنا في معاركنا القومية المقدسة، وعلينا أن نفوت على هؤلاء هذه الفرصة.
إننا نتطلع بشوق إلى ذلك اليوم الذي نكون فيه قادمين على وضع هذا البترول بين يديك، ليكون في خدمة العرب.. إن هذا من أبسط واجباتنا نحوك كقائد لنا في معارك الشرف، وليقل الأعداء ما شاؤوا.