الأزمة ليست بالمال بقدر ما هي بالإدارة!

حتى استاد جابر فشلنا في إنجازه!
حتى استاد جابر فشلنا في إنجازه!

كتب محرر الشؤون الرياضية:
عندما ترغب في الذهاب لمشاهدة مباراة محلية في كرة القدم، أو غيرها من الرياضات، فكل ما عليك إحضاره هو سجادة صلاة أو صحيفة.. الأولى ليست للصلاة، والثانية كذلك ليست لمتابعة آخر الأحداث والأخبار والمستجدات، إنما للجلوس عليهما أثناء مشاهدة المباراة.

نعم هذه هي حال أغلب المنشآت الرياضية بالكويت بشكل عام، فملاعب كرة القدم حتى الآن «كراسي» المدرجات الجماهيرية خشبية مغطاة بقطع بلاستيكية، وحتى التي تتوافر بها مقاعد فردية بحاجة إلى تنظيف وصيانة دورية.

وإذا ما تطرَّقنا إلى الخدمات الملحقة بملاعبنا، فهي تكاد تكون معدومة، وحين يتجاهل عاشق الرياضة جميع هذه الأمور، فهل بمقدور اللاعبين تجاهل سوء أرضيات الملاعب التي تعد جميعها سببا رئيسا في إصاباتهم؟

وبالحديث عن الخدمات الملحقة بالأندية الرياضية، فأغلبها لا تستثمر ملحقاتها بالشكل المناسب، وتحديدا بالشكل الرياضي، حيث غالبا ما تكون الاستثمارات في أمور لا علاقة لها بالرياضة، مثل مطاعم وغيرها.

هذا الأمر هو الآخر بحاجة لقانون لتنظيمه، بحيث ينبغي أن تكون الاستثمارات في المجال الرياضي وخدمات رواد الملاعب فقط.. فعلى سبيل المثال نشاهد الأندية الأوربية وبعض الخليجية في كيفية تعاملها مع هذا الشأن، في أن يكون في كل استاد مركز تسوق رياضي خاص بالنادي، لبيع منتجات الفريق وأشهر الماركات الرياضية.

هل تعلم؟

هل يعلم القائمون على الرياضة أن الكويت، بمثل هذه المنشآت الكروية تحديدا، غير قادرة على استضافة أي بطولة دولية.. فمثلا بطولة كأس آسيا تحتاج إلى ملعبين، لا يقل عدد المقاعد بهما عن 40 ألفا لمباراتي الافتتاح والنهائي، إضافة لشروط الأمن والسلامة الواجب توافرها، وأرضيات الملاعب بمقاييس عالمية للعشب، وكل هذه المتطلبات غير متوافرة، رغم الإمكانيات المالية، بعكس دول كثيرة أقل إمكانيات، ولكنها تتفوَّق علينا، مثل إندونيسيا وفيتنام، فالموضوع ليس بالمال، وإنما بالتخطيط والإدارة السليمة لقيادة دفة الرياضة.

فإذا كانت الدولة، ممثلة بالهيئة العامة للشباب والرياضة، غير قادرة على تطوير البنية التحتية الرياضية، حتى تصبح هذه الأندية قادرة على جذب الجماهير للحضور، وكذلك المحافظة على سلامة لاعبيها.. فأين الحل؟

قانون الاحتراف

التساؤل الذي يطرح نفسه الآن، أين قانون الاحتراف الجزئي الذي من المفروض أن يطبَّق، ويكون لمصلحة اللاعبين؟ لكن، للأسف، أصبح هذا القانون مدعاة للسخرية، فهو للموظفين الذين يريدون أن يتهربوا من العمل والحصول على إجازات، بحجة الرياضة والتفرغات، أو توظيف مَن لا عمل له، بحجة أنه إداري أو لاعب.. كل هذه القوانين لم يستفد أهل الاختصاص منها.

لقد أصبح من الواجب، وليس طلبا، على المسؤولين الرياضيين العمل بقانون احتراف كامل ومحترم يأتي وفق حاجة وتطور القوانين الدولية.. فمن غير المعقول أن تكون كرة القدم لدينا هواية حتى الآن، لذلك، فاللاعب الكويتي يجب يكون محترفا ومتفرغا للرياضة.. هذا إذا كنا نبحث عن الرقي والتطور الرياضي.

فلم تعد كرة القدم مجرد هواية، كما ذكرنا، بل هي اقتصاد مالي يحرك دولاً بأكملها، كالدول الأفريقية التي باتت تركز على تصدير لاعبيها إلى أوروبا، ولا يخفى على أحد كيف أن البرازيل يقوم اقتصادها على إنتاج البن وتصدير اللاعبين.

ليس بالأموال فقط

إن تطوير الرياضة لا يقتصر على حجم الإمكانيات المالية المتاحة، وإنما بحاجة، أولا، لفكر يؤمن بأهمية الرياضة، ومن ثم إدارة محترفة، وليس مجرد لاعب سابق معتزل، وأخيرا يأتي دور الأموال.

لدينا محليا أمثلة ناجحة لإدارة الأندية الرياضية، كفواز الحساوي، مالك نادي نوتنغهام فورست الإنكليزي، الذي تسلم النادي وهو على حافة الانهيار، وها هو اليوم، ومن خلال الإدارة والمال مجتمعين، وليس المال وحده، يقود النادي لجادة الصواب، وجلب أفضل النجوم على مستوى الدرجة الأولى للدوري الإنكليزي، وهو اليوم في مرحلة المنافسة الفعلية للصعود للدوري الممتاز.
ماذا نريد من الرياضة؟

سؤال يحيّر جميع مَن يتابع الرياضة المحلية.. ويبدو أن الهيئة العامة للشباب والرياضة لم تستوعب مدى أهمية الرياضة، فهي لاتزال تتصوَّر أن كرة القدم مجرَّد كرة جلد «منفوخة»، تمارس بين صغار السن والشباب على الملاعب الرملية لتضييع الوقت.

لذلك، لم نجد أياً من «مليارات الدنانير» التي خصصت لتنمية البلد تصرف على تطوير وصقل الرياضيين أنفسهم، أو على المنشآت الرياضية، التي عفى عليها الزمن، وأكلها الدهر، فنحن نعد من الدول المتخلفة رياضيا.

أين الحل؟

الحل يبدأ بأن تكون هناك قناعة من الحكومة بأن الرياضة أصبحت مطلبا أساسيا للشعوب، وأنها عامل أساسي في اقتصادات الدول، وسوق مالي ضخم ومربح، ومن ثم الوضع الإداري المناسب في القيادة، وليس لاعبا معتزلا يتم تكريمه بمنصب إداري على حساب جيل رياضي كامل واعد للمستقبل.. وأخيرا يأتي دور الدعم المالي في تطوير اللاعب نفسه.

إذا تحققت هذه الأمور مجتمعة، يصبح بالإمكان تطوير جميع أنواع الرياضات، وهذه المراحل لا تأتي من فراغ، فهي بحاجة لقوانين وتشريعات حقيقية وحساب ومراقبة.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.