من يؤجج الصراع بين الحكومة ومجلس الأمة؟

p4-majlessكتب ياسر أبوالريش:
المشهد السياسي الكويتي خلال هذه الأيام يبعث على التخوُّف على مستقبل البلد، في ظل حملة لتصفية الحسابات السياسية، ودخول كثير من الأطراف والحركات والكتل في لعبة سياسية شديدة الخطورة، تجعل البلاد تعيش كابوساً شديد الوطأة.

ففي ظل حالة الحراك، التي تشهدها الساحة الكويتية هذه الأيام، بعد إبطال مجلس الأمة مرتين، بحكم من المحكمة الدستورية، وتحصين مرسوم الصوت الواحد، يتحدَّث محللون سياسيون ومراقبون عمَّا يسمى «الطرف الثالث»، الذي يؤجج الصراع بين السلطتين، التنفيذية والتشريعية، لأجندات خاصة، حتى أن الأمر وصل إلى استغلال هذه الخلافات في الدعايات الانتخابية، وفي الترويج لأي حدث، سواء كان سياسياً أو اجتماعياً.

وأشار المحللون إلى أن هناك من يستغل البرلمان كوسيلة ضغط، من أجل تنفيذ أجندتهم، لكن هذه الأجندة في أحيان كثيرة تسبب الصراعات التي تخرج من تحت قبة عبدالله السالم إلى خارجه، وتنعكس في أحيان كثيرة على الساحتين السياسية والاقتصادية، بل ويمتد الأمر إلى الساحة الاجتماعية، وربما الطائفية!

محطات وصراعات

وشهدت الحياة البرلمانية في الكويت محطات وصراعات تصاعدت وتيرتها في الفترة الأخيرة، عاش خلالها المواطنون حالة من عدم الاستقرار السياسي، فمنذ العام 2006 وحتى هذا الوقت، شهدت الكويت سلسلة من الأزمات السياسية المتتالية أدَّت إلى تقديم تسع حكومات استقالاتها، وإلى حلّ البرلمان ست مرات. ويقول المراقبون إن أكثر هذه الأزمات مفتعل، يتم خلالها استغلال الصدامات والصراعات الاقتصادية والسياسية، وتجنيد بعض نواب مجلس الأمة، أكثرهم من المحسوبين على تيار المعارضة، لتنفيذ لمصالح وأجندات خاصة.

صراع الأقطاب الذي يدور على الساحة السياسية منذ فترة ليست بالقريبة، تجسَّد بكل معانيه في انتخابات مجلس الأمة الاخيرة، وتحديداً مع انتخابات رئاسة المجلس، وهو ما دفع المراقبين لوصفه بأنه صراع غابت عنه مصلحة الكويت، في سبيل الوصول إلى هدف واحد، هو الحصول على أكبر جزء من الكيكة.

ويرى المراقبون السياسيون، أن هذا الصراع المستمر ستكون له انعكاساته على أداء السلطتين، فالتصعيد المبكر والمنظم والأزمات الموجودة أصلاً على أرض الواقع، والتي تحمل وزرها السلطتان، ستقضي على الأولويات أو تطلعات الشارع العام التي ستدخل في رحلة جديدة من التأجيل والمماطلة أو ستعود إلى الأدراج، انتظاراً لما سيؤول إليه الصراع السياسي الذي ما إن تنتهي منه جولة، إلا وتبدأ سريعا جولة أخرى أشد وأقوى من سابقتها.

تحذيرات

وأكد مراقبون أن تلك الانقسامات والصراعات الوهمية وغير المستحقة تهدد الإصلاحات الاقتصادية في البلد النفطي، الذي أشارت تقارير اقتصادية كثيرة إلى أنه على الرغم مما تملكه الدولة من مشتقات نفطية وفيرة، فإنها تعاني أزمة اقتصادية خانقة، قد تعرّضها لخطر حقيقي، وما يؤكد ذلك هو احتلال الكويت المركز الأخير خليجيا، وفي مراكز متدنية للغاية عالميا في تقرير التنافسية العالمي 2013/ 2014 الذي يصدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، بمشاركة 148 دولة، وهو ما مثل صدمة للكويتيين.

وفي الفترة الأخيرة، تعالت أصوات كثيرة، إلى جانب تقارير اقتصادية، محذرة من استمرار مسلسل الهدر المالي، الذي يهدد أركان الدولة بالإفلاس خلال عقدين من الزمان، وهو ما حذر منه محافظ بنك الكويت المركزي السابق، وكذلك صندوق النقد الدولي، الذي قال إن الكويت ستستنزف مدخراتها من عائدات النفط بحلول 2017.

دلالات خطيرة

تقرير صندوق النقد حمل بين طيات أرقامه دلالات خطيرة عن الوضع الاقتصادي الكويتي، أبرزها خسارة قطاع الاستثمار في بورصة الكويت ما يقارب 79 في المائة من قيمته خلال أربع سنوات، وخسارة قطاع العقار 16.5 في المائة من قيمته خلال العام الماضي بمفرده.

ووفق الاقتصاديين، تعد الصراعات السياسية المتهم الأول في هدر المال العام، مع إمعان سياسيين ونواب بعينهم في استمرار حالة الصدام والصراعات الشخصية، في حين انشغل مجلس الأمة عن قضايا تنموية خطيرة أكثرها حالة الاقتصاد الكويتي المتردية.

المراقبون للمشهد السياسي الكويتي أشاروا إلى أنه لابد من التعاون بين جميع سلطات الدولة، لإنقاذ الوطن من الفشل وضياع الدولة، منتقدين غياب الرؤية الواضحة، وانتشار قوى الفساد في جميع مفاصل الدولة، ما أدَّى للتأخر في جميع المجالات، مطالبين بإيقاف الهدر في المال العام ومكافحة الفساد، وإعادة ثقة المواطن في الحكومة والقانون بمعاقبة المسؤولين الفاسدين.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.