
كتب محرر الشؤون المحلية:
اتخذ مجلس الوزراء في الأسبوع الماضي قرارا، يقضي بزيادة نسبة عدد الكويتيين العاملين في القطاع الخاص إلى مجموع العاملين غير الكويتيين في هذا القطاع، وبيَّن أمين عام برنامج إعادة الهيكلة فوزي المجدلي نسب العمالة وزيادتها ما بين عامي 2008 وهذا العام، بموجب القرار الذي اتخذ أخيراً، وقد وزعت نسب هذه الزيادة على القطاعات والأنشطة المختلفة، فارتفعت النسبة المقررة على البنوك لتوظيف العمالة الكويتية من 60 في المائة عام 2008، لتصبح 64 في المائة، وزادت النسبة في الاتصالات من 56 إلى 60 في المائة، وارتفعت بالصرافة 13 في المائة، وبدور الحضانة 30 في المائة، وهكذا تم تحديد 25 قطاعاً مختلفا يفترض أن يلتزم به القطاع الخاص بتوفير النسبة المطلوبة من الكويتيين العاملين لديه.. ابتداءً من قطاع البنوك، وانتهاءً بنشاط الجمعيات التعاونية.
وصرَّح المجدلي «إن التعديل الجديد على قرار النسب رقم 2008/4، يهدف إلى إيجاد فرص توظيفية لما يزيد على عشرة آلاف كويتي للعمل في القطاع الخاص»، وقد أتى هذا التصريح، بعد إقرار الجدول الجديد لنسب العمالة، بموجب قرار مجلس الوزراء، ولنا ملاحظات عدة حول الموضوع.
3 ملاحظات
أولاً: معالجة الخلل الوظيفي بين القطاعين العام والخاص لا تتم بموجب قرارات تتخذ فقط، سواء كانت على المستوى الوزاري أو مجلس الوزراء، فهناك خلل في التوجه للعمل لدى القطاع الخاص، تمَّت معالجته منذ عام 1977، عندما تمَّ شمول القطاع الخاص بنظام التأمينات الاجتماعية، وهي ميزة لم تكن موجودة سابقا، ما أدَّى إلى التحاق عدد من الكويتيين للعمل هناك، ولكنهم ظلوا ضمن نسب متواضعة جداً، ما دعا إلى إيجاد حوافز مالية لمن يعمل في القطاع الخاص عن طريق برنامج القوى العاملة، ومع ذلك ظلت النسبة أيضا قليلة، ولم يعد القطاع الخاص جهة جاذبة للعمل، ولاسيما مع التوجه إلى إقرار مكافأة نهاية خدمة للعاملين في القطاع الحكومي، ما يعني وجود امتيازات جديدة في هذا القطاع، الذي يئن تحت وطأة التضخم الوظيفي.. لذا، فقرار النسب الجديدة لن يضيف الشيء الكثير من عدد الكويتيين العاملين في القطاع الخاص، فالعملية ليست قرارا يتخذ بزيادة النسبة، كأننا نضغط على دواسة البنزين، لنزيد السرعة، بل تحتاج لدراسة معمقة، كي تأتي النتائج والقرارات قابلة للتنفيذ.
ثانياً: للتأكيد على هذا الأمر، نجد أن الخطة الرباعية التي تنتهي هذا العام كانت تهدف إلى زياة نسبة العمالة الكويتية لمجمل العمالة في الكويت من 15.5 إلى 21 في المائة، وقد بينت المعطيات أن نسبة العمالة الكويتية في سوق العمل وصلت إلى 17 في المائة حتى عام 2013، بخلاف توجهات الخطة الرباعية، الهادفة إلى إيصال النسبة لـ 21 في المائة، فالعملية أيضا ليست موضوع نسب، حتى يتحقق الهدف، إن كان ذلك ضمن خطة وضعت بقانون رسمي أو قرار وزاري، فكما أسلفنا، ما لم تكن المخرجات التعليمية مميزة وتلبي حاجة السوق، سواء في القطاع العام أو الخاص، فلن نصل إلى نسبة أو هدف نريد تحقيقه.
ثالثاً: هناك قطاعات وضعت نسبة تشغيل عمالة وطنية فيها، ومنها قطاع الصرافة، حيث حددت النسبة بواقع 13 في المائة، وقطاع الصرافة هذا هي تلك المحال الصغيرة في مدينة الكويت أو مناطق أخرى ممن لديها عاملون يقومون بالصرافة النقدية، أو التحويلات الخارجية، ساعات عملهم غير محددة، وفقا لساعات العمل التي حددها قانون العمل في القطاع الخاص، بل قد يمتد عملهم لعشر ساعات يومياً.. أما رواتبهم، فتتراوح ما بين 120 – 200 دينار، وهذا يتناسب مع المردود المادي الذي تتقاضاه الشركة شهريا من التحويلات أو الصرافة النقدية.. وبهذه الرواتب لن يستطيع هذا القطاع توظيف 13 مواطنا كويتيا من أصل مائة موظف أو «صراف» يعملون لديه، ونحن نعلم أن هناك شكوى قدمت لمحافظ البنك المركزي السابق من أصحاب العلاقة بخصوص نسبة العمالة الوطنية المفترض العمل لديهم، وكان هناك تطابق في وجهة النظر بين أصحاب الشكوى والمحافظ، كما أنهم توجهوا في وقت سابق إلى مجلس الأمة، شارحين له أوضاعهم، وبينوا أن التزامهم بمثل تلك النسب يعني في النهاية ما يشبه انعدام أي مصلحة مالية قابلة للتحقيق، ولم يكن أمام عدد منهم إلا التوظيف الوهمي من أقرباء لهم، ولكن هذا ليس حلاً للإشكال الذي فرض عليهم.
وهنا نتساءل، هل وضعت النسب السابقة وزيادتها بموجب القرار الأخير بناءً على دراسة علمية تأخذ بعين الاعتبار النشاط، والمردود المالي، ومتوسط الرواتب للعاملين في كل قطاع وغيرها من المعايير التي بموجبها يتم تحديد النسب وتوفير الكوادر المؤهلة للدخول في سوق العمل لدى القطاع الخاص؟
هناك كليات جامعية، عربية أو أجنبية، تفرض على الطالب قبل تخرجه أن يقوم بدورة تدريبية على حسابه في إحدى الشركات المعتمدة في قائمة لديه، وهي خطوة تأهيلية قبل دخوله إلى سوق العمل الحقيقي.
من المهم أن يقوم برنامج إعادة الهيكلة أو الجهة الوزارية التي تشرف عليه بإعداد دراسة تتضمن جانبين، الأول عملية تقييم لعمله وإجراءاته طوال فترة نشاطه منذ عام 1997، أي منذ ما يقارب من السبعة عشر عاماً، إضافة لذلك، القيام بدراسة ميدانية عن سوق العمل في القطاع الخاص، بكل مكوناته الحالية ومرئياته في المستقبل، إن كنا نريد حقا إعادة هيكلة القوى العاملة بين القطاعين الخاص والعام.