«تبي أسحب جنسيتك»؟!
بمعنى هل تريد أن أسحب جنسيتك؟
هكذا كانت مخاطبة مسؤول رياضي لأحد الحكام الكويتيين الدوليين، لأنه كان غير راضٍ عن تحكيمه!
لم يخاطب هذا المسؤول الحكم الكويتي بما يتمتع به من مسؤولية رياضية، فهذه الصفة تحصيل حاصل بالنسبة إليه، بل تحدث بمنطق المشيخة التي تجيز له مخاطبة الغير بمثل هذه التهديدات غير المهذبة والأخلاقية.. فعند توجيهه مثل هذا التهديد للحكم ركل هذا المسؤول الرياضي المادة التاسعة والعشرين من الدستور التي تنص على أن «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين»، بل بالأحرى ركل الدستور بأكمله، هذا الدستور الذي وضعه، تراضيا، الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم مع مَن اختارهم الشعب في المجلس التأسيسي، الذي صاغ مواد الدستور، ووضع نصب عينيه الحرية والمساواة والكرامة الإنسانية.. وكان هناك تفاهم مشترك جمع الطرفين، أعضاء المجلس التأسيسي والشيخ عبدالله السالم الذي اتخذ العديد من الخطوات حتى إقرار الدستور، وذلك عندما أصدر قانون الأراضي الأميرية عام 1955 بعد «زحف البراميل» التي استولت على الأراضي.. عبدالله السالم شيخ كان يتكلم بلغة شعبية صرفة، فقد رفض في بداية الأمر وضع مخصصات مالية له، لأن «ما لديه كافيه»، وتم إقناعه بعد ذلك بأن هذه المادة أو تلك المخصصات ليست لشخصه، بل لمن يتولى أمر الدولة.
حتى لا نطيل في قراءة التاريخ الحديث، نعود لحكاية مَن هدد بسحب الجنسية، فبالنسبة إليه تطغى العقلية الأسرية على المنصب الذي يتولاه.. ولو كان مَن يتولى هذا المنصب شخصا عاديا، لما تفوه بمثل هذا التهديد الذي لا يستطيع تنفيذه، لكنه نوع من السباب والتحقير لا أكثر.
بيان الحكومة
الفعل أتى من الحكومة التي تدير البلد وتهيمن على السلطة التشريعية، بعد أن وضعتها ضمن المادة 123 من الدستور «بهيمنة مجلس الوزراء على مصالح الدولة»، وجعلت هذا المجلس ضمن المصالح تفعل به ما تشاء من قرار أو رفض.. نوع من التكامل، والذي يسميه البعض تلطيفاً «التعاون».
سمعنا بيان مجلس الوزراء بشأن سحب الجنسيات، على لسان المتحدث الرسمي للمجلس، ومعروف مَن هو، كما أن هناك تصريحات مماثلة صدرت من وزير الداخلية بهذا الشأن، وآخر تلك التصريحات أتت من وزير الخارجية، الذي أفتى بوضوح الإجراء الحكومي «كوضوح الشمس».
أما بقية الوزراء، فلم نسمع لهم «حس أو رس» من وزير المالية إلى المواصلات إلى التجارة والتربية إلى الشؤون والتنمية إلى الصحة إلى النفط، إلا وزير الإسكان، الذي لم يدلِ بأي تصريح بشأن الإجراء الذي تم اتخاذه، ليس على المستوى الوزاري، بل على مستوى مجلس الوزراء بالتضامن بين أعضائه.
هل لدى هؤلاء «وضوح الشمس» أم كحالنا «عايشين» بالضبابية الحاجبة لكل نور؟ أم أن الأداء الحكومي ترجم بشكل فعلي كتاب مذكرات د.أحمد الخطيب الذي صدر في جزأين، الأول بعنوان من «الإمارة للدولة» والآخر – وهو بالمناسبة صدر منذ سنوات- معنون من «الدولة إلى الإمارة»؟
وصدقت رؤية الدكتور في عنوان مذكراته!
مراقب