زياد.. درويش.. والقاسم مثلث المقاومة الفلسطينية شعرا خالدا

محمود درويش
محمود درويش

محمد الغربللي
كانت رؤيتنا لإسرائيل قبل حرب 1976، أنهم مجموعة من الحثالة الذين يستقوون بفرنسا وبريطانيا، وأي نفخة عربية تذروهم أدراج الرياح.

لم نكن نعلم وقتها أن هناك مفاعلاً ذرياً في صحراء النقب قامت فرنسا بالموافقة على إقامته عام 1955، ولم نكن نعلم أيضا أنها بقوتها العسكرية قادرة على هزيمة الجيوش العربية المتكلسة عتاداً أو أفراداً.. كانت الصورة غائبة والرؤية معدومة.. وقتها لم نكن نعلم إطلاقاً أن هناك عرباً في إسرائيل، لم يصدر بعد كتاب العرب في إسرائيل من مؤسسة الدراسات الفلسطينية وقتذاك، لم نكن نعلم أنهم يعيشون في مدن وقرى في شمال إسرائيل في منطقة الجليل الأعلى.. لديهم نواديهم وتجمعاتهم وتنظيماتهم ونضالهم.. كنا نحن المتابعين بالقدر الكافي وقتها نجهل ذلك، وبعد الحرب، «النكسة»، وفي تسمية ملطفة أخرى «حرب الأيام الستة»، كما يطلق عليها، بانت الصورة بشكل أكثر وضوحاً، بعد حالة الضباب والغشاوة التي كنا نعيش فيها.

وقتها اكتشفنا أن هناك عربا في إسرائيل، هم أنفسنا وجزء من نسيجنا القومي ولديهم نتاجهم الأدبي القصصي والشعري ونواديهم الأدبية.

ثلاثة شعراء

من أزاح الستار عن الشعراء العرب في إسرائيل كان الشهيد الفلسطيني غسان كنفاني، فهو الذي أظهر أن هناك ثلاثة شعراء مميزين في إسرائيل، وبدأت أسماؤهم تظهر وأشعارهم تنشر..

محمود درويش وتوفيق زياد وسميح القاسم.. كنا نتابع أشعارهم وحفظنا منها قصيدة درويش «سجل أنا عربي».. ونقرأ باستمتاع وحماس قصيدة توفيق زياد «أناديكم أشد على أياديكم وأبوس الأرض تحت نعالكم وأقول أفديكم».. التقيت توفيق زياد في موسكو نهاية عام 1973، بعد حرب أكتوبر، كان الحماس يشع منه على الانتصار العربي، مكرراً مقولته «شو ما بتعرفوا أديش هم جبناء هالإسرائيليين؟!» كانت حرب أكتوبر قد انتهت منذ أيام، ورائحة البارود لاتزال عالقة، وحماس زياد لايزال مشتعلاً، كما كنا في تلك الأيام.

سميح القاسم
سميح القاسم

غزة والمقاومة

والشاعر الثالث الذي أظهره لنا كنفاني كان سميح القاسم، الذي غادرنا بعد صراع مع المرض الأسبوع الماضي.. كانت آخر إطلالة له من على التلفزيون من شاشة الميادين.. في مقابلة مباشرة معه.. لم أتعرف على صورته من على الشاشة إلا بعدما تم وضع الاسم.. لقد كبر وهدّه المرض.. عشقنا قصيدته..

منتصب القامة أمشي
مرفوع الهامة أمشي
وفي كفي قصفة زيتون
وعلى كتفي نعشي
وأنا امشي وأنا امشي

قصيدة أبدع بها الفنان مارسيل خليفة.. وصورتها لاتزال في تجليات تعابيرها لدى أهل غزة في تصديهم للعدوان الإسرائيلي وصمودهم البطولي.. فلايزالون مرفوعي القامة والهامة.

ولا ننسى قصيدة أخرى له بعنوان «خطاب في سوق البطالة»، فيها تعبير عن المقاومة والتصدي عن الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي من عرب فلسطين وامتدادهم في الضفة وغزة.

ويقول فيها في قصيدته المميزة تلك:

ربما أفقد ما شئت.. معاشي
ربما أعرض للبيع ثيابي وفراشي
ربما أعمل حجاراً وعتالاً وكناس شوارع
ربما أبحث في روث المواشي عن حبوب
ربما أخمد عريانا وجائع
يا عدو الشمس لكن لن أساوم
وإلى آخر نبض في عروقي سأقاوم

توفيق زياد
توفيق زياد

توفيق زياد رحل أيضا عن دنيانا في يوليو عام 1994، ومحمود درويش في أغسطس 2008، وسميح القاسم كان آخر الشعراء الثلاثة الراحلين، وأيضا في أغسطس من الأسبوع الماضي..

ثلاثتهم لايزالون ينشدون بقصائدهم ولاتزال الأفعال تترجمها في غزة والضفة الغربية، فجميعهم غنوا لفلسطين ولايزال غناؤهم يصدح.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.