بيروت ـ خاص:
تعيش عرسال هدوءاً حذراً، بعد الاشتباكات التي اندلعت بين مسلحين من تنظيم داعش وجبهة النصرة والجيش اللبناني، على خلفية اعتقال الجيش أحد أبرز المطلوبين، هو عماد جمعة، وقد استمرت الاشتباكات أياماً، وأدَّت إلى استشهاد أكثر من 18 عسكرياً لبنانياً وجرح 90 آخرين، فضلاً عن وقوع أكثر من ثلاثين عنصراً بيد التنظيمات المسلحة.
هذا، ولايزال مصير العسكريين المخطوفين مجهولاً حتى الساعة، ولاسيما بعد غياب المسلحين الذين قاموا باختطافهم.
تسوية الأزمة
وبالعودة إلى ما حصل، فإن الاشتباكات استمرت أياماً، قبل أن تبدأ بوادر تسوية ما لإنهاء الأزمة، تسوية قامت بها هيئة علماء المسلمين في لبنان، وبمباركة الحكومة اللبنانية، والتي نتج عنها الإفراج عن بعض العسكريين، فضلاً عن هدنة لا تزال حتى الآن هشة.
هبة سعودية
في هذا الوقت، جاءت الهبة السعودية المقدرة بمليار دولار للجيش اللبناني، كرسالة سياسية واضحة على دعم الجيش، لكن الصورة حتى الآن لاتزال ضبابية، فلا شيء حسم في عرسال، والجيش دخل إلى المنطقة، بعدما كان على تخومها، والمسلحون انسحبوا إلى الجرود، ومعهم الأسرى العسكريون، الذين لايزالون حتى الساعة بيد المسلحين، ولا أحد يعلم إن كانوا لايزالون على قيد الحياة، رغم أن مصادر مقرَّبة من هيئة علماء المسلمين كانت قد أكدت أن صحة العسكريين جيدة، مع العلم أن قائد الجيش اللبناني والمرشح للرئاسة جان قهوجي لفت في آخر تصريح له إلى أن العسكريين ربما أصبحوا خارج المدينة الحدودية.
عسكريون مخطوفون
من جهة ثانية، أشار مصدر عسكري لـ«الطليعة» إلى أنه «جنبنا البلد معركة عسكرية وسقوط ضحايا وجرحى من المدنيين الذين هم أهلنا، بالإضافة إلى الخسائر المادية، لأن الجيش كان سيدخل المدينة لو رفض المسلحون الانسحاب، وهذا الأمر مهم للجيش وللناس».
ولفت المصدر العسكري إلى أن «المعطى الثاني الذي لم يتحقق، هو الإفراج عن العسكريين المخطوفين من قِبل المسلحين»، مشدداً على أن «الإفراج عن العسكريين المخطوفين هو الأساس، وقيادة الجيش لن تسكت حتى تحقيق هذا الهدف».
مخطط خطير
وذكرت مصادر أمنية مطلعة على ملف الموقوف عماد جمعة، أن «التحقيقات الجارية مع جمعة كشفت عن مخطط خطير كان يجري الإعداد له، حيث أدلى باعترافات خطيرة حول وجود خلايا نائمة مزروعة في جميع المناطق في أكثر من منطقة لبنانية تنتظر ساعة صفر للتحرك»، كاشفاً بعض الأسماء والتفاصيل التي على أساسها نفذت عمليات دهم وتوقيف، موضحة أن «القرى المسيحية الواقعة على تخوم عرسال، كانت المستهدف الأول من الضربة الأساسية، كونها تشكل الحلقة الأضعف».
ولفتت المصادر إلى أن أخطر ما في الأمر، أن هذه الخلايا وضعت خريطة مفصلة ودقيقة لانتشار الجيش اللبناني على جميع الأراضي اللبنانية، وخصوصاً في الجنوب، بغية شل وحداته، في حال فتح أكثر من جبهة في آن واحد.
في المقابل، كشفت معلومات متقاطعة، مستقاة عن مصادر استخباراتية، عن دخول أحد المسؤولين رفيعي المستوى في تنظيم «الدولة الإسلامية» لبنان قبل أسابيع قليلة.
وقالت المصادر إن الشيخ هذا يعرف باسم الشيخ وهاب، سوري الجنسية من مواليد مدينة معرة النعمان في إدلب، يبلغ من العمر 57 عاماً، وقد دخل إلى أحد المخيمات الفلسطينية، جنوب لبنان، متنكراً بأوراق تابعة لشخص آخر، بهدف عقد لقاءات سرية تتمحور حول إيجاد بيعات لـ «البغدادي» و«داعش» في صف المجموعات السلفية المنتشرة في هذا المخيم والمخيمات الفلسطينية الأخرى.
وتفيد المعلومات، بأن الشيخ المذكور، عقد لقاء مع أحد أمراء تنظيم سلفي موجود في المخيم المشار إليه، بالإضافة إلى عقده لقاء مع أمير جماعة «جند الشام» في لبنان، ووضعه بأجواء الأمور، حيث استطاع نيل بيعات متعددة من هذه التنظيمات بشكل سري، وبدأوا (وفق المعلومات) بتحضير مخطط إرهابي، انطلاقاً من تلك المخيمات، يستهدف مناطق في منطقة الشوف، وصولاً إلى ساحل بيروت على تخوم الضاحية.
وقالت المصادر إن «الأجهزة اللبنانية وضعت في ضوء المعطيات المتوافرة حول ما يحضر، وهي تتحذ الإجراءات ونشطت مجموعات الرصد والتعقب الإلكتروني والميداني»، حيث ربطت هذه المصادر بين ما كشفت عنه هذه الأجهزة وبين تحرك النائب وليد جنبلاط نحو الضاحية والرابية.