
كتب آدم عبدالحليم:
لا تزال قضية الفراغ التشريعي المتعلق بقضية الإيداعات، والذي بسببه قد يُعاد حفظ قضايا من هذا النوع مرة أخرى في حال تكرارها، تشغل أجندة أطراف نيابية في المجلس، ولاسيما مع اهتمام الشارع السياسي بالتصريحات المتناقلة بين النائب المستقيل رياض العدساني، والذي كان عضواً في لجنة التحقيق في قضية الإيداعات وأعضاء اللجنة الحاليين.
سؤال واعتذار
وتعد النقطة الأبرز في تلك القضية اعتذار وزير العدل عن الإجابة عن سؤال النائب فيصل الشايع، الذي استفسر فيه عن مدى تنسيق الوزارة مع الجهات المعنية التابعة لها، بوضع أو تقديم تشريعات لسد الفراغ التشريعي، الذي كان سبباً في حفظ قضايا تتعلّق بعمليات تشمل إيداعات وتحويلات مالية في البنوك الكويتية، بحجة أن السؤال يعد تدخلاً في أعمال النيابة العامة والمجلس الأعلى للقضاء من جانب النائب مقدم السؤال (وفقا لإجابة الوزير).

يأتي هذا على الرغم من أن الهدف من تقديم السؤال، وفقاً لمصادر أفادت «الطليعة»، تأكد النائب من الآلية التي ستتعامل معها النيابة العامة قانونياً مع قضايا مشابهة في حال تكرارها ونظرتها النيابة، والوصول إلى منع تكرار حفظ قضايا من هذا النوع مرة أخرى، بسبب نقص التشريعات، كما حدث مع قضية الإيداعات الشهيرة، والتي طالت ما يقارب من ربع أعضاء مجلس 2009، أي نحو 13 نائباً من أصل خمسين.
وقد كشفت إعادة تقديم الشايع لسؤاله مرة أخرى، وباختلاف طفيف في صيغة السؤال، عن ازدواجية تمارسها الحكومة أو عدد من وزرائها تتعلق بمدى تعاملها مع الأسئلة من الناحية الدستورية.. ففي الوقت الذي اعتبر فيه وزير العدل السابق شريدة المعوشرجي أن السؤال يعد تدخلا في أعمال النيابة والقضاء، أجاب الوزير الشيخ محمد العبدالله (وزير العدل بالإنابة بعد استقالة الوزير السابق نايف العجمي) عن السؤال نفسه، وشرح خطة الوزارة حيال الفراغ التشريعي الذي تعانيه قضايا تضخم الحسابات في حال تكرارها.
تعديلات
وقد أكد كتاب صادر من رئيس المجلس الأعلى للقضاء، أن تقرير المجلس الأعلى للقضاء لعام 2013 تضمن تعديلات تشريعية في شأن المرسوم بالقانون رقم 24 لسنة 2012 «إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد»، مضيفا أن تلك التعديلات المقدَّمة تتلافى النقص في التشريعات القائمة على نحو يكفل مواجهة تكرار حفظ قضايا مشابهة من قِبل النيابة العامة في حال التكرار «وفقا لسؤال النائب».
وبالاطلاع على رد الوزير على السؤال، فقد أكد العبدالله أن تقرير المجلس الأعلى للقضاء «وتوصياته» أحيل إلى اللجنة الدائمة لمراجعة تطوير التشريعات في الوزارة لدراسة ما تضمنه من اقتراحات وتفعيل المشاريع اللازمة لاستصدارها، وقد وافقت اللجنة بالفعل على ما ورد في التقرير بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم 24 لسنة 2012 بإنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية، وأعدت مشروع القانون الذي يتضمن التعديلات التي اقترحها المجلس الأعلى للقضاء في هذا الشأن، وهذا المشروع من المزمع إرساله مع باقي المشاريع المتعلقة بالموضوعات الأخرى، التي وردت الاقتراحات بشأنها ضمن التقرير، إلى إدارة الفتوى والتشريع لتولي مراجعته وصياغته قانونياً، إعمالا لما تقضي به المادة 2 من المرسوم الأميري رقم 12 لسنة 1960 بقانون تنظيم إدارة الفتوى والتشريع لحكومة الكويت، وذلك تمهيدا لاستصدار مرسوم بإحالته إلى مجلس الأمة.
وأضاف العبدالله في رده: ورد أيضا في هذا النطاق من الهيئة العامة لمكافحة الفساد مشروع قانون بتعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم 24 لسنة 2012 بإنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد ومشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء الصادر بالقانون رقم 16 لسنة 1960، وذلك بموجب الحق المخول لها بمقتضى المادة 5 فقرة 7 من المرسوم بالقانون رقم 24 لسنة 2012 بإنشاء الهيئة،

وتم إرسال هذين المشروعين للمجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 16 يونيو 2014 للنظر وإبداء الرأي فيهما، تمهيداً لإحالة ما يستقر عليه الرأي بشأنهما إلى إدارة الفتوى والتشريع، لمراجعتهما وصياغتهما في الصيغة القانونية، تمهيدا لاستصدار مرسوم بإحالتهما أيضا إلى مجلس الأمة.
استحداث نصوص تشريعية
وقد حصلت «الطليعة» على مسودة مشروع قانون بتعديل بعض أحكام إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد ومشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء، وإجمالا تهدف التعديلات إلى استحداث نصوص تشريعية لسد الفراغ، بغية تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي وقَّعت عليها الكويت، وذلك بعد تأكيد هيئة مكافحة الفساد في معرض تقديمها للمقترح لوزير العدل، أن التعديلات تهدف إلى إكمال المنظومة التشريعية بما يتوافق مع متطلبات اتفاقية الأمم المتحدة، من خلال فرض واستحداث تعديلات صارمة بعيدة عن الثغرات.
وشملت التعديلات تغييراً في تعريف الكسب غير المشروع، لتدخل في نطاقه الهدايا والهبات والعطايا المخالفة للعرف والتقاليد حصل عليها بسبب توليه الصفة او المنصب، وكذلك تحديد أركان الجريمة وعناصرها، وكذلك تعديلات تتعلق بتيسير إجراءات الإذن للحصول على بيانات من البنوك والمؤسسات المالية، بالإضافة إلى اختصاصات واسعة للنيابة العامة، والتوسع في آلية تقديم تقارير الذمة المالية، وأمور أخرى تتعلق بالعزل من الوظيفة وتشديد العقوبات، ونصوص أخرى تتعلق بالهيئة نفسها وكادرها الوظيفي.
وقد شملت تعديلات قانون الجزاء نصوصا مستحدثة تتعلق بتعريفات الرشوة والاختلاس للأشخاص الاعتباريين، وكذلك تحديد عقوبات حالة قبول الأشخاص الاعتباريين الهدايا والمنح ومقدمها، وتعديلات تتعلق بمصادرة العطية، ومواد مكررة تختص بمعاقبة الضغط على الشهود لتغيير أقوالهم والتحريض على شهادة الزور.
ولم تعلن وزارة العدل عن خططها حيال تلك التعديلات التي تسلمتها، ولم تتحرك في اتجاه مخاطبة مجلس الأمة بإيداع التعديلات لديه، لكي تأخذ دورتها التشريعية في اللجنة المختصة، ومن ثم إصدار تقرير للتصويت عليه في قاعة عبدالله السالم، فضلاً عن عدم التطرُّق إلى مصير تلك التعديلات، في حال تم تقديمها في جدول أولويات دور الانعقاد القادم والمتوقع صياغته مطلع شهر نوفمبر القادم.