أصدر المنبر الديمقراطي الكويتي بياناً، بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين للغزو العراقي على الكويت عام 1990، والذي استذكر فيه هذا الحدث، والتضحيات التي قدَّمها الشعب الكويتي، بكافة فئاته وأطيافه ومكوناته، للدفاع عن بلدهم، وفي ما يلي نص البيان:
مرَّت يوم السبت الماضي (2 أغسطس 2014) الذكرى الرابعة والعشرون للغزو العراقي للكويت في الثاني من أغسطس 1990 عندما قامت القوات العراقية باحتلال كامل للتراب الكويتي استمر سبعة أشهر متتالية.
ونحن إذ نستذكر هذه الفترة المظلمة والحالكة، نتوقف أمام البطولات التي سطَّرها الشعب الكويتي العظيم، بأروع أشكال التلاحم الوطني بين مكوناته وأطيافه الاجتماعية والسياسية، ونستحضر، أيضا، أبلغ صور التصدي للاحتلال بشكل لم يسبق له مثيل في العالم، حيث سجلت صفحات التاريخ إخلاص هذا الشعب، ورفضه، بكافة مستوياته، للتعاون مع سلطات الاحتلال. كما يسجل له وفاء لا يضاهيه وفاء بتمسكه بالوطن والشرعية الدستورية، التزاما وعقدا، بالديمقراطية نظاما.
تماسك ووحدة
إن الشواهد في هذا الحدث، وما ترتب عليه، ليست أقوالا مرسلة تذكر هنا وهناك، بل إنها أفعال تصدرتها قائمة الشهداء الأبرار الذين جادوا بأرواحهم الزكية ووهبوها للوطن بالذود والدفاع عنه وعن أهله وأعراضه وسيادته وشرعيته، مجسدين صورة بالغة الصدق عن تماسك ووحدة الكويتيين، فتشارك مزيج المجتمع المخلص في التسابق بتسجيل أرواحهم بقائمة الشرف والوطنية الصادقة والذين يستحقون منا، اليوم وكل يوم، وقفة إجلال وتقدير ومحبة لذكراهم العطرة.
كما نحيي شعب الكويت، النبيل والكريم، على وقفته النادرة بين شعوب العالم، متساميا فوق جراحه وآلامه عندما طوى صفحة الاحتلال، فاتحا أخرى جديدة نحو للعمل والبناء، ومتجاوزا في الوقت ذاته أهمية وضرورة مساءلة ومحاسبة المقصّرين والمتسببين بهذه الكارثة، الذين تهاونوا وتقاعسوا وتعاملوا بشكل غير مسئول تجاهها، ولم يتخذوا الاحتياطات والخطوات المستحقة لمنع الاحتلال.
لقد كان الأمل يحدونا لبناء وطن جديد، مبنيا وقائما على أسس صحيحة، من خلال دستور يحقق أمرين أساسيين، اﻷول يتمثل في اﻷمن والطمأنينة، في حين أن الثاني يتمثل في السلوك والمنهج الديمقراطي الذي يحقق اﻷول، ولهذا جاء اﻹعلان بالتمسك بدستور 1962 الذي ارتضاه الجميع نحو العدالة الاجتماعية والمحافظة على ثروات الوطن وصون وحدة مكوناته، للتنمية والبناء لمستقبل مشرق، وهو ما أكده الشعب الكويتي في المؤتمر الشعبي الذي أقيم في جدة أثناء الاحتلال.
ولكن، للأسف الشديد، لم تكن السلطة على القدر ذاته من الفكر والمسؤولية والطموح، فنجدها مستمرة في سلوكها القديم وفق مبدأ «فرّق تسد»، وتخلق المبررات واﻷسباب لتشجيع الخلافات والانقسامات بين صفوف ومكونات المجتمع، حتى تفشت بينه العنصرية والفئوية والطائفية والقبلية بطريقة وشكل لم نعهده وبأسلوب لم نألفه، وكذلك خطاب لم نعرفه.
ولم يتوقف اﻷمر عند هذا الحد فقط، بل استمرت السلطة بتراجعها ونكوصها عن تعهداتها بالالتزام بالدستور، والقيام بمسؤولياتها بتطبيق أدواته، فنجدها تستمر بالتضييق على الحريات العامة وتعتقل أبناءها المحتجين على تردي أوضاع الوطن والقلق على مستقبله، وتقحمه بصراعات لا علاقة للمواطن بها، بل وتجعلها أسبابا للانتقام منه، من خلال اتباع سياسات الترغيب والترهيب.
حوار وطني
والمنبر الديمقراطي الكويتي، وفي ذكرى هذه الكارثة وتداعياتها، واستمرار مسلسل الأزمات السياسية في الكويت، وارتفاع حالة الاحتقان الشعبي في مختلف المجالات والأصعدة، يدعو إلى ضرورة إزالة كافة المسببات التي أعاقت سبل التنمية الحقيقية، وضرورة المصالحة الفعلية لمكونات المجتمع الكويتي التي دخلت في أتون صراعات فرضها بعض أقطاب السلطة، وهو ما يتطلب حوارا وطنيا شاملا تجتمع عليه كافة القوى والتنظيمات السياسية الحقيقية الداعية للإصلاح المنشود الذي يأمله الجميع وفق برنامج وطني، في إطار أحكام دستور 1962.