وزارة الشباب.. أي شباب؟

توصيات المؤتمر الوطني للشباب.. ماذا تحقق منها؟
توصيات المؤتمر الوطني للشباب.. ماذا تحقق منها؟

كتبت شيخة البهاويد:
بينما كانت وزارة الشباب تقيم غبقتها الرمضانية، كانت المجاميع الشبابية تعتصم أمام مبنى المباحث الجنائية، للإفراج عن الشباب المعتقل، إثر اعتصامات متتالية، تطالب بالإصلاح السياسي.. وزارة الشباب لم تهتم, لم تلتفت, لم تضع الأمر موضع الاعتبار.. إذاً أي شباب يقصد بالوزارة؟ الشباب من طبقة معينة أم أصحاب رأي معيَّن؟ إن لم تكن هذه الوزارة قد قامت من أجل جميع الشباب بكافة آرائهم وتوجهاتهم وفئاتهم، فلا تعد وزارة دولة.

سلمان-الحمود-مقالة-الشبابالمطالب ذاتها

انتهى المؤتمر الوطني للشباب الذي كان تحت شعار «الكويت تسمع» لما يسمى بالوثيقة الوطنية للشباب, وصدر قرار من مجلس الوزراء رقم 465، يقضي بتكليف وزارة الدولة لشؤون الشباب بمتابعة وبحث ودراسة التوصيات، ووضع الخطط والخطوات اللازمة لتنفيذها، بالتعاون مع الجهات المختصة.

تنص هذه الوثيقة على توصيات عدة، منها:

سيادة القانون على الجميع، وغرس ثقافة الثواب والعقاب، مع العدالة في إرسائها.

الذهاب نحو الديمقراطية الكاملة، من خلال:
تشريع قانون لتنظيم أعمال الأحزاب، على أن ينص نصا صريحا وملزما على عدم تشكيلها انطلاقا من أسس طائفية أو عرقية، ومن ثم إشهار الأحزاب، وتفعيل المفوضية العليا لمراقبة الانتخابات، ومنح مؤسسات المجتمع المدني دورا أكبر في مراقبة الانتخابات.

الزين-الصباح-مقالة-الشباباستكمال مشروع تطوير واستقلال القضاء.

تشريع وتفعيل قوانين مكافحة الفساد، وإنشاء هيئة لمكافحة الفساد، وبصلاحيات موسعة.

التأكيد على سيادة الدستور، من خلال تحويل جميع القوانين ذات الشبهة الدستورية إلى المحكمة الدستورية، للفصل في دستوريتها، والعمل على منح الفرد والمؤسسات الحق في اللجوء مباشرة إلى المحكمة الدستورية.

مخاصمة القضاء: تشريع وإقرار قانون مخاصمة القضاء، الذي يسمح بمقاضاة القضاة الذين يثبت أن هناك خطأ عمديا قد ارتكبوه وتسببوا من خلاله في ضياع حقوق المتقاضين، وفقا لقواعده وشروطه التي ستظهر بعد صدور القانون.

استقلالية القضاء: يتبع القضاء في الكويت في شؤونه المالية والإدارية السلطة التنفيذية، المتمثلة في وزارة العدل، والذي بدوره قد يثير عند البعض شبهة التدخل والتأثير في القرارات التي تصدر من النيابة العامة أو حكم المحاكم، على الرغم من أننا نؤكد أن القضاء الكويتي نزيه، وجميع قضاته يراعون الله في أحكامهم، لكن صدور قانون استقلال القضاء سوف يساهم في تحقيق العدالة بين الأفراد والمؤسسات في المجتمع، ما يقطع الشك باليقين، ويحد من التدخلات السياسية.

هذه التوصيات الواردة في الوثيقة التي قدمت لصاحب السمو أمير البلاد في المؤتمر الوطني للشباب، التي تختص وزارة الشباب اليوم بالتنسيق مع الجهات المختصة لتنفيذها، هي المطالبات ذاتها التي خرج من أجلها الشباب في الشارع عندما عجزت وزارات الدولة، ومن بينها وزارة الشباب، عن تنفيذها.. توصيات المؤتمر المتعلقة بالديمقراطية الكاملة والأحزاب واستقلال القضاء ومخاصمة القضاة، هي نفسها التي يتعرَّض بسببها الشباب للمضايقات الحكومية والتهم الجنائية.

يقولون إن الكويت تسمع، لكن وزارة الشباب لم تسمع!

مشكلة الوزارة

نثمّن جهود الوزارة في دعم المبادرات الشبابية، ومحاولة كسر الطابع التقليدي للتعامل في الجهات الحكومية، وموافقته للطابع الشبابي الحديث، بالإضافة إلى إقامة حلقات تواصل مباشرة مع بعض المسؤولين في الوزارات، للالتقاء بالشباب والسماع منهم.

مشكلة وزارة الشباب، أنها تتعامل مع تخصصاتها على أنها مشروع تطوعي.. لا وزارة, فالحديث عن «الوزارة ستكبر معكم»، كما صرَّحت وكيلة الوزارة ليس سليماً, فالوزارات تأتي بأهدافها الكبيرة الضخمة وخططها الكاملة المدروسة لتطبقها وتحولها من الورق إلى أرض الواقع.. الوزارات ليست مشاريع تكبر وتنمو وتنجح وتفشل, الوزارات تأتي بنهج سياسي واضح، ووزارة الشباب تبدو هيئة سياسية تخشى الخوض في السياسة. إن الأولويات التي تهم الشباب أكبر من المبادرات والمشاريع الصغيرة والمعارض والمسابقات التي تنظمها الوزارة, هذا لا يعني أننا ندعو إلى إهمال هذا الجانب, لكن المطلوب الاهتمام بما هو أولى.. البطالة المتزايدة بين صفوف الشباب, حرية التعبير التي صارت تضيق وترمي بهم في الحبس أحياناً, الأولويات هي التي وردت في الوثيقة، من صحة وتعليم وسكن, وعلى عكس ما صرَّح به وزير الشباب سلمان الحمود، فإن أغلب التوصيات لم تتحقق.. فلو أن ربعها صار واقعاً، لكان واقع الكويت اليوم أفضل بكثير.

إن اضطلاع وزارة الشباب بملف الوثيقة الشبابية ودور الوزارة الاستشاري التنسيقي يلزمها بمتابعة خطوات التنفيذ في بقية الوزارات، والعمل على تصحيح مسارها وإلزامها بعدم مخالفتها, كما يفترض بها تقديم الدراسات والاقتراحات بالقوانين لتعديل القوانين، بما يتوافق مع الوثيقة, فليس بـ»الغبقات» وحدها تدار الوزارات يا سادة!

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.