
كتب ياسر عبدالرحمن:
من جديد، انطلق قطار الإضرابات، الذي ما فتئ يتنقل بين مختلف مؤسسات الدولة، بهدف تنفيذ مطالب موظفيها الذين يرون فيها حقاً مشروعاً لهم.
ففي إضراب وصف بأنه الأطول في تاريخ الكويت، يواصل موظفو المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، إضرابهم لتحقيق بعض المطالب، وفي مقدمتها مطالبة وزير المالية والإدارة العامة للمؤسسة بالتوقف عن التعسف في إقرار كادرهم الوظيفي، أسوة بالجهات المشابهة لهم في طبيعة العمل.
طريق اللاحل
الإضراب الذي بدأ تنفيذه بشكل جزئي، تحول إلى شامل في الخامس من شهر يونيو الماضي، حيث اتهم منفذوه وزير المالية أنس الصالح بالحنث بوعوده التي قطعها على نفسه قبل فترة لموظفي «التأمينات».
وقد أكد الصالح أنه لا يمكن التفاوض إلا بعد إيقاف الإضراب، مشيرا إلى أن هناك أكثر من جهة تأخذ الكوادر نفسها، ولا يمكن التعامل مع مؤسسة التأمينات بمعزل عن الجهات الأخرى، مجددا دعوته إلى الموظفين بإيقاف الإضراب والجلوس على طاولة المفاوضات الودية وفق جدول زمني محدد المعالم، لبحث كل مطالبهم، معتبرا أن الحل في تطبيق البديل الاستراتيجي، وهو ما رفضته النقابة معتبرة أنه نوع من أنواع المماطلة.
وما بين إلقاء الاتهامات، أو محاولة التبرير، يتكبَّد المراجعون يومياً عناء انتظار اتمام معاملاتهم التي تتكدَّس ساعة بعد الأخرى على مكاتب الموظفين المضربين مع دخول الإضراب أسبوعه الخامس، وهو ما يصعب الأزمة، ويجعلها تستعصي على الحلول، بعد سيرها في ما أسماه الكثيرون طريق اللاحل.
انتظار إشارة البدء
ومن إضراب «التأمينات» إلى اتحاد البترول، حيث بدأ اتحاد البترول وصناعة البتروكيماويات جمع التوقيعات، تمهيداً لتنفيذ إضراب شامل من قٍبل نقابة شركة نفط الخليج، بسبب ما اعتبره الاتحاد أنه تعدٍ على الحركة النقابية في البلاد، بعد أن قامت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بحل مجلس إدارة النقابة، وتعيين مجلس إدارة جديد لها، من دون إجراء انتخابات أو جمعية عمومية.
وأكدت النقابة أن الإضراب لا يحتاج إلى جمع التوقيعات، ولكن بعد أن أتت النقابة الجديدة بمباركة حكومية يجب أن يذود العاملون في شركة نفط الخليج عن الحصن النقابي الذي كسرته الحكومة، لافتة إلى أن الوزارة لا تملك حق تعيين أعضاء نقابة.
إضراب مشروط
ليس هذا كل شيء، حيث اعتصم عدد من العاملين في محطات القوى الكهربائية داخل مبنى وزارة الكهرباء والماء، للمطالبة بإقرار بعض البدلات التي يرونها مستحقة، مهددين بالإضراب، في حال عدم تنفيذ مطالبهم في وقت قصير.
مشرفات التغذية
وفي السياق ذاته، نفذت عدد من مشرفات التغذية العاملات في وزارة التربية اعتصاما في مبنى الوزارة احتجاجا على إنهاء خدماتهن من قِبل المسؤولين في الشركات المشرفة على توزيع الأغذية لطلبة المرحلة الابتدائية، ووصفت المعتصمات القرار بأنه حق يُراد به باطل، ما دفع بهن للاعتصمام، وجاء قرار إيقاف خدماتهن، بعد اتخاذ مجلس الوزراء قرارا يقضي بإلغاء مشروع الوجبات الغذائية في المرحلة الابتدائية، وأصدار قرارا بعودة المقاصف المدرسية، وهو ما اعتبره المختصون بأنه قرار متسرّع لم يأخذ بالجوانب الإنسانية، ولم يعط المسرحات متسعا من الوقت لترتيب أوضاعهن.
المسؤول الأول
حالة كبيرة من الاضطرابات سادت خلال الفترة الماضية ما بين اضطرابات لنيل بعض المطالب، وما بين الاعتراض على بعض السياسات التي تتبعها بعض الإدارات أو الأجهزة الحكومية.
الحكومة هي المسؤول الأول عما يشهده الشارع الكويتي من اضطرابات ووقفات احتجاجية عن طريق مماطلتها وعدم تنفيذ المطالب والوعود والتوصيات التي ظلت تراوح مكانها على مدى السنوات الماضية، وعدم تنفيذها الإصلاحات المطلوبة، كما أن الحكومة كان يمكنها تفادي التصعيد في الأساس، من خلال الاستماع والاستجابة للمطالب المشروعة، من دون عناد وفتح قنوات للتفاوض والتواصل المباشر مع المعتصمين.