
استمرت المفاجآت في مونديال البرازيل، وحضرت بأشكل مختلفة، بل ومميزة، وتصاعدت وتيرتها أيضا في الدور الثاني من البطولة.
فالفريق الكوستاريكي واصل إبداعه، وتأهل إلى دور الربع نهائي، وكذلك منتخب البرازيل حقق الفوز بالركلات الترجيحية، ليقابل المنتخب الكولومبي، الذي ظهر بصورة رائعة أمام الأوروغواي، في حين استطاعت هولندا قلب الطاولة على الفريق المكسيكي، وواصلت فرنسا مشوارها بهدوء، لتضرب موعداً مع الألمان، الذين تمكنوا من التغلب على الفريق العربي الوحيد بشق الأنفس.
دور الربع النهائي ستبدأ منافساته بعد غد الجمعة (4 يوليو الجاري) بإثارة مستمرة.
البرازيل – تشيلي
تمكن المنتخب البرازيلي، صاحب البطولات الخمس ومستضيف البطولة، من الهروب من الفخ التشيلي، بفضل تألق حارسه جولي سيزار في التصدي للركلات الترجيحية، بعد أن انتهت المباراة بالتعادل (1-1)، وليتأهل المنتخب البرازيلي بنتيجة 3-2 إلى دور الثمانية، ليقابل المنتخب الكولومبي.
كعادته، لم يظهر المنتخب البرازيلي بشكل يليق بحجمه وسمعته، رغم افتتاحه للتسجيل عبر مدافعه ديفيد لويز (18)، بعد كرة عرضية، لكن سرعان ما عاد المنافس للمباراة بهدف التعادل عبر نجم برشلونة سانشيز (32)، وظهر منتخب تشيلي من خلال هذا الشوط بشكل ممتاز، وتمسك بخطط مدربه.. ورغم ولوج مرماهم هدف مبكر، فإن ذلك ما أهَّلهم للعودة بالمباراة، قبل أن تفلت منهم لصالح أبناء «السامبا».
ومع انطلاق الشوط الثاني، تمكن الحارس والدفاع التشيلي من الوقوف أمام هجمات نيمار وأصدقائه، فقد تكسَّرت جميع الهجمات البرازيلية أمامهم.. ورغم محاولات سكولاري بالتغيير، حيث أشرك المهاجم جو ومن ثم صانع اللعب راميرز، لكن من دون أي جدوى، فكان تنظيم المنتخب التشيلي لا يمكن اختراقه.
ويتكرر سيناريو الشوط الثاني، من خلال الأشواط الإضافية الأول والثاني أيضا، لتنتهي المباراة بالتعادل، الذي يبدو أن تشيلي قد بحثت عنه منذ نهاية الشوط الأولى، ويلجأ حكم المباراة إلى ركلات الحظ (الترجيحية)، والتي أبدع فيها الحارس البرازيلي سيزار خلال مجرياتها، ليقود منتخب بلاده للتأهل لدور الثمانية.
كولومبيا – الأورغواي
يبدو أن إيقاف لويس سواريز قد أثر سلبا في منتخب الأورغواي، ليس فقط بعدم مشاركته مع اللاعبين على أرض الميدان، ولكن أيضا من خلال تأثر نفسية الفريق من لاعبيه وحتى جهازه الفني، وتمكن المنتخب الكولومبي من انتزاع بطاقة التأهل بهدفين نظيفين عن طريق نجم البطولة ألان جيمس رودريغيز.
أحرز رودريغيز أحد أجمل أهداف البطولة بتسديدة صاروخية لا تصد ولا ترد (28)، لينتهي الشوط الأول بهذه الوضعية.
ومع انطلاق الشوط الثاني، عادت الأورغواي إلى أجواء اللقاء، بعدما نظمت صفوفها، في الوقت الذي أضاف فيه رودريغيز الهدف الثاني، بعد جملة تكتيكية من المنتخب الكولومبي تكاد تكون لوحة فنية (50)، وليتصدر بهذا الهدف قائمة هدافي البطولة.
وبعد تخطي كولومبيا للأورغواي، يتوجب عليها الآن مقابلة صاحب الأرض والجماهير المنتخب البرازيلي بدور الربع نهائي.
هولندا – المكسيك
استطاع المنتخب الهولندي من العودة للبطولة من الأبواب الخلفية، بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من الخروج أمام المكسيك، فعندما كان متأخرا بهدف وحيد حتى الدقيقة 88 ظهر شنايدر ومن بعده هونتيلار ليقلبا النتيجة بهدفين مقابل هدف لصالح «الطواحين» الهولندية، لتتبخر آمال المكسيك، بعد أن لامسوا الأحلام بيدهم.
فعلى ملعب «كاستيلاو»، ووسط درجة حرارة بلغت 30، انطلق شوط المباراة الأول، وسط تحفظ من الطرفين، للأهمية المباراة التي يتوجب فيها على الخاسر حمل أمتعته والمغادرة إلى دياره، لذلك ظهر هذا الشوط بـ«رتم» بطيء.. ونظرا لحرارة الجو توقف الحكم عند الدقيقة 32 تقريبا، لفسح المجال أمام اللاعبين لشرب الماء والتبريد على أنفسهم، وليستمر اللعب بعدها، ولينتهي الشوط سلبيا.
ومع انطلاق الشوط الثاني، استطاع دي سانتوس نجم برشلونة السابق من إطلاق تسديدة سكنت شباك الهولنديين، ليحرز أول أهداف المباراة، ولتفرض «الطواحين» الهولندية سيطرتها على مجريات اللقاء، ولكن إبداع الحارس المكسيكي أوتشوا حرمهم من العودة سريعا للمباراة، حتى كانت الدقيقة 88، لتنشق الأرض ويخرج منها شنايدر غير المراقب، وسط دربكة الدفاع، ويطلق كرة الأمل وعودة الروح، مسجلا هدف التعادل، وبعدها بدقائق، وتحديدا في الوقت المحتسب بدل الضائع يتقدَّم روبن ويراوغ في منطقة الجزاء المكسيكية، ويتعرض لعرقلة، ويتحصل على ركلة جزاء مشكوك في صحتها وينفذها هونتيلار ببراعة، مسجلا الهدف الثاني، ويطلق الحكم بعدها صافرة نهاية المباراة، معلنا تأهل هولندا للدور الربع النهائي، وسط دهشة وحيرة من لاعبي المكسيك، لسرعة انقلاب نتيجة المباراة ضدهم، فبعد أن كانت جماهيرهم تحتفل بالمدرجات للصعود للدور القادم، أصبحت تضرب كفا بكف على مرارة الخروج.
كوستاريكا – اليونان
مازال المنتخب الكوستاريكي يواصل مغامراته المثيرة.. فبعد أن تمكن من إقصاء إيطاليا وإنكلترا وتصدر مجموعته وترك الوصافة للأورغواي، ها هو يسقط منتخبا أوروبيا جديدا، وهذه المرة بطل أوروبا 2004، المنتخب اليوناني، وإن لم يكن بحجم منخبي إيطاليا وإنكلترا، حيث انتهت المباراة بوقتهيا الأصلي والإضافي بالتعادل الإيجابي بهدف لكل منهما، ولجأ حكم المباراة إلى الركلات الترجيحية، لتنتهي لمصلحة كوستاريكا 5-3، ولتتأهل لدور الربع النهائي، لتضرب موعدا مع «الطواحين» الهولندية.
دخل المنتخب الكوستاريكي المباراة بهدوء تام، فهو لا يعاني أي ضغوط جماهيرية أو مطالب، فالفريق حقق إنجازا لم يكن أحد يتوقعه، على عكس المنتخب اليوناني، الذي كان مطالبا بالفوز، لأسباب عدة، ويكفي منها أنه فريق أوروبي.
جاءت المباراة بصفة عامة مملة، وغلب عليها اللعب الخشن، وهو ما استدعى الحكم إلى إخراج البطاقات الملونة بكثرة، إلا أن ما ميَّز اللقاء، هو إصرار اليونان على العودة بعد تأخرهم بهدف.. وبالفعل تمكنوا من تحقيق مرادهم، بهدف التعادل في الدقائق الأخيرة من الشوط الثاني، ليفرض بعدها سيطرته على الأشواط الإضافية، لكنهم خرجوا بركلات الحظ، التي ابتسمت لمصلحة كوستاريكا.
فرنسا – نيجيريا
أحرز المنتخب الفرنسي فوزا مهما في مشواره نحو اللقب العالمي عندما تمكن من هزيمة المنتخب النيجيري بهدفين نظيفين عن طريق بول بوغبا وهدف عكسي من النيجيري يوبوا، لتتأهل فرنسا إلى الدور الربع النهائي.
شهد الشوط الأول أفضلية نسبية للمنتخب النيجيري، الذي أثبت للجميع منذ اللحظات الأولى من عُمر المباراة أنه ليس الطرف الأضعف، حيث ركز هجماته على الطرف الأيمن، عبر المهاجم موسيس، في حين ظهر المنتخب الفرنسي متماسكا، نظرا لخبرة لاعبيه، وعلى رأسهم باتريك إيفرا، وكانت أبرز فرص هذا الشوط كرة بول بوغبا الفرنسي التي تمكن الحارس النيجيري من إبعادها (22)، لينتهي الشوط بالتعادل السلبي.
لم تتبدل الحال كثيرا مع بداية الشوط الثاني، وسط كرات متبادلة وهجمات متساوية ما بين الفريقين، حتى انتصف الشوط الثاني، وظهرت خبرة ولياقة نجوم الديك الفرنسي، الذين أثبتوا أنهم الأقرب للعبور للدور القادم، وتسابقوا إلى إهدار الفرص.. وبالفعل، تمكن بوغبا من افتتاح أهداف المباراة (79)، ليحاول بعدها المنتخب النيجيري العودة للمباراة في آخر دقائقها، لكن من دون فائدة، حتى جاء الهدف الثاني بالخطأ عبر المدافع النيجيري يوبوا، لينتهي اللقاء عليه.
الجزائر – المانيا
أتعب المنتخب الجزائري منافسه الألماني، وأخذ المباراة إلى الأشواط الإضافية، قبل أن يتمكن الألمان من تحقيق الفوز بهدفين لهدف، ليحجز بطاقة التأهل لدور الربع نهائي بصعوبة بالغة لمقابلة المنتخب الفرنسي في معركة أوروبية حاسمة.
توقع الجميع أن تكون هذه المباراة الأسهل في هذا الدور، نظرا لفارق التاريخ الكروي ما بين الفريقين، ولكن الجزائر تفوَّقت على نفسها في الشوط الأول، قبل أن تتفوق على خصمها، وكان أبناء الصحراء الأفضل والأكثر خطورة طوال دقائق الشوط الأول، إلا أنهم لم يتمكنوا من افتتاح الأهداف، لقلة الخبرة، على ما يبدو، وتسرع اللاعبين أمام المرمى.
وفي الشوط الثاني، فرض المنتخب الألماني سيطرته وبسط أسلوبه على وسط الميدان تحديدا، في الوقت الذي تألق فيه الحارس الجزائري الريس، حارما الألمان من التسجيل، لينتهي الشوط الثاني بالتعادل السلبي، وتذهب المباراة إلى الأشواط الإضافية.
ومن خلال مجريات الأشواط الإضافية، بدا الإرهاق واضحا على لاعبي الجزائر، قبل أن تتفوق ألمانيا، فقد شاهدنا انخفاضا هائلا في لياقة الفريق العربي، الذي تساقط لاعبوه على أرض الملعب من المجهود المبذول، ليتمكن الخصم الألماني المعروف تاريخيا بلياقة لاعبيه العالية من تسجيل هدفين (92 و120) عن طريق شورليه ومسعود أوزيل، قبل أن تحرز الجزائر هدف الشرف (121) عبر جابو، ليودع العرب والجزائر مونديال البرازيل مرفوعي الرأس، بعد الأداء الراقي، من خلال مجريات مجموعتهم أمام كل من بلجيكا وكوريا والدب الروسي، وأخيرا كان مسك الختام ضد المنتخب الألماني المرشح، ليس للفوز فقط، لكن للفوز باللقب العالمي.
أهم التصاريح بالبطولة
● مدرب الجزائر ينفي طلبه للاعبين بالإفطار في رمضان.
● بيكرمان (مدرب كولومبيا): لم نظهر بهذا المستوى الممتاز منذ زمن بعيد.
● تاباريز (مدرب الأورغواي): رودريغز مهاجم كولومبيا أفضل لاعب بالمونديال.. ولم نخرج بسبب غياب سواريز.
● سامباولي (مدرب تشيلي): كنا على أعتاب انتصار تاريخي.
● دونغا (قائد ومدرب البرازيل السابق): هذا أسوأ منتخب برازيلي منذ عام 1974.
● سكولاري (مدرب البرازيل): الحكام متحفظون مع البرازيل.
● ديشامب (مدرب فرنسا): فرنسا سوف تواصل مهما كان الخصم القادم.