
كتب محرر الشؤون المحلية:
البداية انطلقت من ساحة الإرادة يوم الثلاثاء (10 يونيو الجاري) في أجواء حارة رطبة، عندما توافدت عليها جموع غفيرة، لا للاستماع للنائبين السابقين عبدالرحمن العنجري أو د.جمعان الحربش، بل بهدف الاستماع لما لدى النائب السابق مسلم البراك.
تنوَّعت مشارب القادمين للاستماع، فبعضهم جاء يبحث عن «فضيحة بالأسماء»، وأن يستمع للبراك وهو يقول أسماء صريحة يتهمها بالرشوة والفساد ويعلنها واضحة، ويتحمَّل هو تبعاتها السياسية والقانونية، وأخرى لم تهتم لذكر الأسماء، بقدر اهتمامها بما لديه من شيء جديد حول الفساد وآلية التعامل معه.. فهم يرون أن الفساد موجود والجميع يعترف به، سواء أعلن البراك عن أسماء، أم لم يعلن، فلا أحد يختلف حول وجوده وتبعاته الخطيرة على البلد، إنما الخلاف هو حول كيفية التعاطي معه، وآلية التصحيح، فالمهم هنا ماذا لديك جديد يا مسلّم؟
وجَّه البراك كلاما قاسيا ومباشرا للمستشار فيصل المرشد رئيس المجلس الأعلى للقضاء، في سابقة ربما هي الأولى من نوعها في الكويت، وقد سبقه المستشار المرشد قبل ذلك بتصريح يتوعد فيه كل من يمس رجال القضاء بالملاحقة القانونية، فجاء رد البراك مرتكزا على أن المركز القانوني للمستشارغير صحيح، كونه قد استقال من القضاء، على حد قول البراك، وأن القضاء غير منزه عن الخطأ، وبعضهم أخطاؤهم ظاهرة، وتفاعل كثير من الجمهور مع هذا الهجوم على المستشار فيصل المرشد وعلى نقد القضاء، معتبرين كلمته حقيقة، وأنه يجب «تطهير القضاء»، كما ردد ذلك كثير من الحاضرين.
ملل وتذمر
بعد هذه الكلمة الموجهة للقضاء، تحدَّث البراك بعدها بكلام عام عن الرشاوى، ثم استعرض أرقاماً ورشاوى وتحويلات من دون ذكر أسماء، وأخذ وقتاً طويلاً جداً، أصاب من خلالها الحضور بشيء من الملل، حتى غادر الكثيرون منهم، مللاً من الحديث الطويل، وتعباً من الحرّ الشديد، وتذمر بعض الحضور واعترضوا على البراك، مطالبين له بذكر الأسماء المتورطة بالفساد وفق اتهامه، حتى اضطر البراك للرد عليهم، قائلاً إن الهدف ليس البحث عن «فضيحة» على حد قوله.
حساب «كرامة وطن»
بعد انتهاء كلمة البراك الطويلة، نشر حساب «كرامة وطن» صوراً لتحويلات مزعومة لبعض شخصيات من رأس هرم السلطة القضائية، وكأن الحساب كان يدار من أطراف مقرَّبة من البراك، وأنه لم يُرد أن يعطي فرصة لملاحقته قانونياً، فقرروا أن يتم نشر الصور عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي بحسابات سرية لا يمكن ملاحقتها قانونياً.
وأثارت هذه الصور زوبعة في مواقع التواصل الاجتماعي، بين مصدّق لها، ومكذب، ومطالب بفحص من لجنة محلية محايدة، وآخرون يطالبون بشركات تحقيق دولية، كما طالب البراك وبقية الأطراف المشاركة له.
الغانم والفهد
لم تنتهِ معركة الإرادة عند هذا الحد فقط، بل تواصلت لعبة الكرّ والفرّ بدخول مجلس الأمة، من خلال رئيسه مرزوق الغانم في الجلسة التي تلت ندوة «الإرادة»، حيث فنّد بدوره ادعاءات البراك، والتي أشعلت حرب التصريحات الشديدة والقاسية بين الطرفين عندما تبِع هذه الجلسة لقاء تلفزيوني للبراك، الذي رد بدوره على حديث الغانم.
الأجواء المشتعلة تتواصل، ولم تتوقف عند هذا الحد، فخرج هذه المرة أحمد الفهد، حاملا ملفا يحمل، وفق حديثه لإحدى القنوات التلفزيوينة، حُكما قضائيا، يؤكد صحة «الشريط»، وهي المقاطع التي تم تصويرها صوتا وصورة للشيخ ناصر المحمد والرئيس السابق لمجلس الأمة جاسم الخرافي، وفق البلاغ الذي تم تقديمه من قِبل محامي الفهد أمس الأول (الإثنين)، موجها تهم الإساءة لنظام الحُكم وغسل الأموال والاستيلاء على المال العام.
حرب «الأقطاب» لن تتوقف عند هذا الحد، بل من الواضح أنها ستتطور إلى مسائل أكبر وأعمق، وأن كل طرف سوف يستخدم أدواته وما يمتلك من وسائل ليثبت أنه الأقوى.