
كتب آدم عبدالحليم:
لم يكن تقرير ديوان المحاسبة، الذي تسلمته الأمانة العامة لمجلس الأمة في شأن أسباب التأخر في إنجاز جامعة الشدادية، سوى تأكيد عملي على ضعف الجهاز التنفيذي للحكومة، وعدم قدرته على إنجاز المشاريع العملاقة والمتوسطة، لأسباب كثيرة، يأتي في مقدمتها عدم وضوح الرؤية، وغياب التخطيط الاستراتيجي، وتأخير الجهات الحكومية في تحديد متطلباتها ومتابعة احتياجاتها، إلى جانب العقبة العملاقة التي تعانيها المشروعات الكبرى في الكويت، والمتمثلة في طول الدورة المستندية، بشقيها المالي والإداري، نتيجة تعدد الجهات واللجان المشرفة.
تقرير ديوان المحاسبة، الذي أدرج على الجلسة الأخيرة، وحالت ظروف الجلسة السياسية دون مناقشته والتصويت على توصياته، جاء بناءً على تكليف المجلس لديوان المحاسبة بالتحقيق في أسباب تأخر إنجاز جامعة الشدادية في اليوم نفسه، الذي وافق فيه المجلس بأغلبيته على تعديل القانون رقم 30 لسنة 2004 «المتعلق بجامعة الشدادية، والتي غيرت في ما بعد إلى جامعة صباح السالم»، حيث أتاح هذا التعديل مدّ العمل خمس سنوات أخرى، حتى 2019، بعد أن حدد القانون بنصوصه القديمة عام 2014 موعداً لانتهاء المشروع.
قراءة سياسية
وفي قراءة سياسية لوضع جامعة الشدادية في مجلس الأمة، سواء على صعيد اللجنة التعليمية أو تصريحات النواب ومداخلاتهم في قاعة عبدالله السالم، يتضح أن أغلبية النواب يرون أن الحكومة غير جادة في الانتهاء من الجامعة في الموعد الجديد 2019.
فالتقارير تشير إلى أن الإنجاز حتى الآن يتمثل في 6 اتفاقيات تصميم من أصل 13 اتفاقية، و3 عقود من أصل 21 عقداً، إلى جانب إنجاز 20 في المائة من كلية الهندسة، أولى الكليات المقرر افتتاحها وبدء الدراسة فيها، وقياساً على هذا الإنجاز، ووفقا لتصريح عضو اللجنة التعليمية النائب د.عودة الرويعي، فإن الانتهاء من المشروع عام 2020 يُعد حلماً، متوقعا أن يكون عام 2025 هو الموعد الذهبي لإنجاز المشروع وفقا لوصفه.
جلسة مناقشة تعديل قانون جامعة الشدادية في 12 مارس الماضي على الرغم من أهميتها، فإنها، ووفقا لمداخلة أحد النواب، لم تحظ بالاهتمام الحكومي الكافي، فالجلسة سيطر عليها الغياب النيابي الوزاري، حيث شهدت قاعة عبدالله السالم وجود ما يقارب 15 نائباً، إلى جانب وزير واحد فقط، هو بالأصل نائب هو د.علي العمير، ليؤكد أحد النواب أن عدم الاهتمام الحكومي أضاف جامعة الشدادية إلى المشاريع المعطلة، كمستشفى جابر وميناء مبارك وجسر جابر، وبقية مشاريع خطة التنمية.
مخالفات
كل المؤشرات غير المعلنة تؤكد أن التحرك الحكومي لتعديل القانون والتقدم به لمجلس الأمة في شكل مشروع حكومي وتحديد عام 2019 موعداً للانتهاء يعود إلى ديوان المحاسبة، الذي رصد عدداً من المخالفات خلال الفترة الماضية، وخاطب وزير التربية وزير التعليم العالي بصفته الرئيس الأعلى للجامعة بتعديل القانون، من أجل الموافقة على مشاريع الجامعة الجديدة، ولكي لا تجد الوزارة نفسها أمام مشاكل أخرى تعيق صرف المبالغ وتنفيذ العقود المبرمة بعد انتهاء مدة المشروع نظريا.
وقد حاول وزير التربية في بادئ الأمر جعل مدة الانتهاء من المشروع غير مقيدة، ولكن اللجنة التعليمية خلال مناقشة القضية أصرَّت على أن تجعلها محددة بمدة زمنية للتنفيذ، واقترحت بالتوافق مع الوزير المختص خمس سنوات، بعدما رفض المجلس فترة الثلاث سنوات، التي اقترحتها مجموعة من النواب لكي يتم الانتهاء من المشروع بمراقبة من المجلس الحالي قبل انتهاء مدته الدستورية.
إلى ذلك، لم تسع الوزارة إلى تعديل المادة، التي جعلت جامعة الكويت الموكل إليها تنفيذ المشروع بجهازها الذي لا يتناسب مع حجم المدينة الجامعية، إلى توكيل وزارة الأشغال العامة أو أي جهة أخرى للانتهاء من المرحلة المتبقية من المشروع، وذلك بعد أن رصد ديوان المحاسبة في أكثر من تلك المخالفة وأكد عليها.
توصيات
وبالعودة إلى توصيات ديوان المحاسبة بشأن تأخر الإنجاز، والتي سيناقشها المجلس في جلسته القادمة، فإنه من المحتمل أن يتبنى أحد النواب، وفقا لمصادر أبلغت «الطليعة»، تعديلاً على القانون نفسه (30 لسنة 2004) يتيح ذلك التعديل نقل تبعية المشروع برمته إلى جهة يتناسب جهازها الفني مع حجم الأعمال للمدينة الجامعية، بدلا من جامعة الكويت التي سبب جهازها الفني المتواضع بطء إجراءات اتخاذ القرار وعدم تذليل العقبات.