
عرض: هدى أشكناني
عن المركز الثقافي العربي، صدر كتاب «في معنى العروبة – مفاهيم وتحديات»، تقديم الباحث اللبناني الكبير د.جورج قرم.
الكتاب الذي يقع في ٣١٥ صفحة – من القطع الكبير- عبارة عن مجموعة أبحاث وضعها شباب من المملكة العربية السعودية من أصحاب المنحى القومي العربي، وتنصب كل واحدة منها بقضية أساسية تعانيها المجتمعات العربية، والقضايا كما جاءت بالترتيب: (في هجاء الحدود: التجزئة والوحدة العربية) للباحث محمد الربيعة، (السيادة والاستقلال الوطني) للباحث ثمر المرزوقي، (القومية والعنصرية) للباحث أحمد الجنيدل، (القومية والدين والطائفية) للباحث عبدالله الدحيلان، (القومية والنسوية) للباحثة نورة الدعيجي، (المذهب الإنساني، والإنسانوية وحقوق الإنسان) للباحث سلطان العامر، (القومية والديمقراطية) للباحث بدر الإبراهيم، (المزاعم الصهيونية في فلسطين) للباحثة غادة بن عميرة، (التنمية المستقلة عربيا) للباحث علي الصفار، (خاتمة: في معنى أن تكون عروبيا) للباحثة حنان الهاشمي.
يشير د.جورج القرم في مقدمة الكتاب إلى أن تنظيم المحاور الثلاثة:
1- الحدود، الاستقلال، السيادة.
2- القومية، العنصرية، التعددية، الدين والطائفية، التبادل الثقافي.
3- الديمقراطية، القومية والتنمية المستقلة.
هو تنظيم يعطي صورة عامة معمقة حول جميع المشاكل التي هزت الكيانات العربية، وسببت الحروب الأهلية المتعددة. وتعد هذه الأبحاث قاعدة فكرية متجددة لتحليل المشاكل التي نتخبط فيها، وللمضي قدما لتجاوزها تدريجيا على أساس المنطق والرصانة الفكرية والسياسية والفلسفية، بدلا من الانغماس في كل المهاترات الجدلية التي تشهدها الساحة العربية منذ سنين عديدة. (ص١٠)
مفهومية الحدود
قدَّم الباحث محمد الربيعة في بحثه (في هجاء الحدود: التجزئة والوحدة العربية)، صورة متكاملة الملامح حول مفهوم الحدود، الذي استلهمه من فكرة الفيلسوف الفرنسي الجمهوري ريجيس دوبريه، وقد اتخذ من أزمة الحدود القُطرية في مصر مثالا لتوضيح فكرته حول الحدود والوحدة العربية، يقول الربيعة: «إن الحل لأزمة الدولة القُطرية العربية وشرعيتها، هو التأكيد أن الحدود العربية بشكلها الحالي هي حدود نفوذ لا تحدد مصدراً للشرعية، وأن اكتساب الشرعية يأتي عبر تقليص سيادة هذه الحدود باستمرار لمصلحة حدود انتشار الجماعة السياسة العربية، لأنها إذا تخلت عن هذا الأمر، فستتحول إلى كيانات محكومة بشكل سلطوي/طبقي، لا يمثل أي شرعية وطنية، وهو مهدد دائما بالتقسيم ومحكوم عليه بالتبعية لقوى النفوذ الإقليمي والدولي». (ص٣٦)
مفهوم السيادة
«السيادة والاستقلال الوطني» للباحث ثمر المرزوقي، وضّح فيه مفهوم السيادة فيقول: «السيادة يعني السلطة العليا التي لا تعلوها سلطة وميزة الدولة الأساسية الملازمة لها، والتي تتميز بها عن كل ما عداها من تنظيمات داخل المجتمع السياسي المنظم والجهة الوحيدة المخولة بمهمة حفظ الأمن، وبالتالي المحتكرة للشرعية الوحيدة لوسائل القوة ولحق استخدامها لتطبيق القانون». (ص٣٧)
في البحث يتم تعريف السيادة على نطاقين داخلي وخارجي، وعن السيادة والهيمنة الخارجية، والاستقلال.
يختتم البحث «إن سيادة الشعب المبنية على الديمقراطية والاستقلال عن الهيمنة الأجنبية، يجب أن تكون منطلقا للسياسات الخارجية العربية التي تمثل مصالح الأمة لا مصالح حاكمة تمارس وظيفة «الخادم» للمصالح الغربية في المنطقة» (ص٥٠)
العروبة وعلاقته بالاسلام
«القومية والدين والطائفية».. ثلاثة مفاهيم متداخلة بصورة أو بأخرى في المشهد السياسي العربي، وهو ما أشار إليها الباحث عبدالله الدحيلان في بحثه، يوضح رأيه حول العروبة وعلاقته بالإسلام: «إن العروبة ليست شعورا عرقيا عنصريا يحارب الآخر ويتصادم معه، كما أنها ليست مضادة للدين، وتهدف إلى محاربته وإقصائه، ولكنها شعور قومي يقوم على رابطة ثقافية مشتركة أساسها اللغة، التاريخ، بقصد تقرير مصير الأمة العربية).
ويضيف: «إن تأكيد عدم وجود تناقض بين العروبة والإسلام، يلزمه تأكيد آخر بضرورة اعتماد الهوية العربية المتضمنة للبعد الحضاري للإسلام، كهوية سياسية تعبّر عن الجماعة العربية (الأمة) المنتشرة من المحيط إلى الخليج، وتحفظ التماسك الاجتماعي في أغلبية المجتمعات العربية عبر الرابطة الثقافية والتاريخية للمجتمع». (ص٨١)
ويوضح الدحيلان أن الحوارات المذهبية التي تقوم على أساس التقريب بين المذاهب لا تقدم حلاً للمسألة الطائفية، حيث إنها لم تفلح في إخماد فتيل أي صراع طائفي، والحل يكون بتفعيل كافة التشكيلات الحديثة، من مثل الأحزاب والتجمعات والنقابات، حتى تحل بديلاً عن الطائفة وبقية العصبيات القديمة والجماعات الأهلية، وتكون عاملا مساهما في التصدي للطائفية عبر إحداث اندماج وطني في قالب حديث فاعل يتولى مهمة تحقيق متطلبات الأفراد من دون النظر إلى انتمائهم الديني والمذهبي». (ص٩٦)