
في تحقيق وثائقي نادر تمكنت البي بي سي للمرة الاولى من الوصول الى المنطقة الشرقية من السعودية – منطقة القطيف – والالتقاء بالمعارضين الناشطين ضد الحكومة منذ ثلاث سنوات. انها احتجاجات متكررة وحراك من قبل الأقلية الشيعية قلما يحظى بتغطية اعلامية واسعة.
يكاد يكون من المستحيل على الصحفيين الأجانب الوصول إلى المنطقة الشرقية، ولكن الصحافية في بي بي سي، صفاء أحمد، ذهبت إلى مسقط رأسها في المنطقة الشرقية والتقت ببعض زعماء الناشطين دون لفت انظار السلطات الى ما تقوم به. وعلى مدار عام كامل (2013-2014) هي مدة اعداد هذا التحقيق، تحدثت مع شخصيات قيادية معارضة، كثيرون منهم على قائمة المطلوبين للحكومة، وحصلت وبشكل حصري على ساعات طويلة من المواد المصورة التقطها نشطاء في منطقة القطيف، التي تعتبر مركزا للحراك وموقع أكبر حقول النفط في العالم.
هناك، يخرج المتظاهرون تكرارا إلى الشوارع للاحتجاج على ما يقولون انه “سنوات من الظلم”، ويطالبون بتوزيع أكثر عدالة، على حد تعبيرهم، للثروة النفطية الهائلة في المملكة العربية السعودية. وفي بعض الأحيان، يكون العنف الطابع السائد على المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن، مما ادى حتى الآن الى مقتل وجرح العديد من النشطاء.
وفي المقابل، وخلال الاعداد لهذا التحقيق الوثائقي الجديد، حصلت بي بي سي على مقاطع فيديو صورها ناشطون في الأيام الأولى من الاحتجاجات تظهر قيام بعضهم بإطلاق الأعيرة النارية على قوات الأمن، الأمر الذي كانت السلطات السعودية تصر على حدوثه وينفيه النشطاء. ومع مقتل اثنين من رجال الشرطة السعودية مؤخراً، اعلنت الحكومة انها تعتبر جميع من يخرج بمظاهرات ارهابيين.
في “السعودية: الحراك السري”، تلتقي صفاء بالعشرات من النشطاء، من بينهم اثنان من المدرجة أسماؤهم على قائمة المطلوبين، وهما: فاضل الصفواني ومرسي الربح، الذين قامت قوات الأمن باقتحام منزلي اسرتيهما في فبراير شباط 2013.
يقول فاضل تعليقاً على مداهمة منزله: “من الواضح بأن الهدف هو القتل. نحن نقف فوق حقل من النفط يمكن أن يطعم العالم بأسره ولكن لا نرى أي شيء. فقر وجوع، لا كرامة، ولا حرية سياسية، لا نملك أي شيء. ماذا تبقى لنا؟ وبعد هذا كله، يهجمون علينا ويحاولون قتلنا”. ويضيف “كيف أشعر؟ الحمد الله أنا بخير. الله معنا ونحن في الطريق الصحيح. نحن نطالب بحقوقنا فلسنا مشاغبين كما يزعمون”.
اما صديقه مرسي، وبعد اربعة أشهر من لقاء بي بي سي معه، فقد قتل على يد الشرطة.
حسن هو ناشط آخر، وافق على التحدث مع بي بي سي شرط اخفاء هويته. يقول معلقاً على مقتل مرسي: “بدون شك استشهاد مرسي خسارة كبيرة للانتفاضة، ولكن هذا يقويها ويقوي من عزيمة اصحابها”. ويضيف: “بالتأكيد اذا قامت قوات الأمن السعودي بمداهمة أي منزل، فمن الطبيعي أن نستخدم أي نوع من أنواع الدفاع عن النفس… حتى السلاح”.
العديد من ابناء القطيف يرفضون الحديث صراحة، خوفا من انتقام قوات الامن او النشطاء، كما يقولون. ولكن سيدة من سكان المنطقة قبلت التحدث شرط عدم الكشف عن هويتها. تقول: “انا اتحدث كأم من العوامية. أسكن بالقرب من مركز شرطة. مركز الشرطة محصن وسياراتهم مدرعة ومحمية. ولكن نحن لا تحصين لدينا، فلماذا يطلق الناشطون النار علينا؟ من المستفيد من هذا؟ وعندما يتم اطلاق النار على الشرطة، تقوم هذه بالرد بإطلاق النار أكثر، ونحن بين هذا وذاك”.
تقول صفاء احمد: “هذه الانتفاضة غير مسبوقة في تاريخ السعودية الحديث. فمن الصعب على الصحفيين الأجانب ان يتمكنوا من الوصول إلى القطيف او حتى إلى السعودية، ولذلك فمن النادر تغطية الاحتجاجات في الإعلام. ما يحدث هو أمر مهم، ولكن لا يتم الحديث عنه بشكل كاف”.
يذكر ان بي بي سي، وطوال فترة الاعداد للتحقيق، طلبت تكرارا من الحكومة السعودية المشاركة في الفيلم والتعليق على ما جاء فيه، ولكن الرد لم يأت.
الفيلم تم بثه على شاشة بي بي سي العربية يوم أمس الجمعة الموافق 30 مايو، وسيعاد بثه يوم بعد غد الاثنين الثاني من يونيو (17:10) بتوقيت غرينتش – الساعة 20:10 بتوقيت الكويت-، وهو انتاج مشترك بين بي بي سي Our World وبي بي سي عربي وبي بي سي فارسي.