
كتب ياسر عبدالرحمن:
قضية توحيد سلم الرواتب ومكافأة نهاية الخدمة من أهم القضايا التي شغلت، ولاتزال، الشارع الكويتي، وخصوصاً مع مطالبة البعض بمساواة الأجر مقابل العمل، ولعل هذا ما كان مشروع أزمة بين السلطتين.
ويرى بعض الخبراء أن مشكلة التفاوت الكبير في سلم الرواتب وفي التخصص نفسه بين قطاعات العمل المختلفة، هو ما تسبب في الشعور بأن نظام التوظيف بعيد عن تحقيق العدالة والإنصاف في الحقوق والواجبات، التي نص عليها الدستور، مشيرين إلى أن المشكلة نفسها تتكرر عند التقاعد، فالبعض يحصل عند تقاعده على مكافأة كبيرة ومجزية لنهاية خدمته، والبعض يحصل على أقل من ذلك بكثير، في حين لا يحصل آخرون على أي مكافأة نهاية خدمة.
البديل الاستراتيجي
ورغم أن الكويت تفتقر إلى سلم رواتب ثابث يعتمد مبدأ المساواة والعدالة في تحديد راتب كل موظف، وفق شهادته وتخصصه وخبرته، فإن مختصين أكدوا أن مشروع البديل الاستراتيجي إن تم تطبيقه سيقسم الدرجات الوظيفية من الدرجة الأولى كأقل درجة حتى الدرجة 15، وسيعتمد على النقاط في كل وظيفة أو اختصاص، من حيث عمل التصنيفات اللازمة لكل شهادة، ثم يُحسب مجمل النقاط الحاصل عليها الموظف، ليكون راتباً شهرياً محدداً، كما أنه سيضمن مكافأة نهاية خدمة عادلة.
مخدر سياسي
في موازاة ذلك، اعتبرت بعض الأوساط النيابية والشعبية أن سلم الرواتب هو المخدر الذي يقدم طمعاً لشراء الولاءات السياسية، لافتين إلى أن القضية هي شكل غير مباشر من المال السياسي، مؤكدين أن موقف الحكومة من تلك القضية وسوء إدارتها، قد يؤديان إلى انهيار الدولة، وهو ما يعكسه استمرار الاعتصامات والإضرابات في مختلف الجهات، وهو ما يرسخ لدى الجميع قناعة بأن سلم الرواتب لن يرى النور، لأنه لم يبنَ على قواعد علمية وفنية سليمة.. ووفق المختصين، فإن هذا السلم بني على الانتقائية والمحسوبية، كما أنه استخدم، ولايزال يستخدم، في المزايدات السياسية، حيث إن المعركة الحكومية النيابية وبعض الضغوط النقابية هي التي أحدثت هذا التفاوت الكبير في الرواتب عن طريق إقرار كوادر ومزايا لفئات معينة من دون غيرها، وهو ما أدَّى إلى عزوف المواطنين عن بعض الوظائف ذات الأجور المتدنية والاتجاه إلى بعض المواقع الحكومية التي يكون فيها سلم الراتب مرتفعا مسببا تكدساً في طلبات التوظيف.
استطلاعات بلا حلول
الخطوة التي قام بها رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم من خلال إجراء استطلاع آراء موظفي الدولة حول توحيد سلم الرواتب ومكافأة نهاية الخدمة في مجمع الأفنيوز في الصباح الباكر، أخيراً، وصفها المتابعون للوضع بأنها قد تكون أكثر جدية لو تمَّت مساء بعد انقضاء الدوام الرسمي، لافتين إلى أن هناك استطلاعا للرأي قام به مجلس الأمة من قبل عن أبرز القضايا التي تهم المواطنين، وجاءت على رأسها القضية الإسكانية، ورغم ذلك لم تُحل القضية، وكل ما رأيناه هو تصريحات.
التساؤلات التي تُطرح حول التفاوت في الرواتب بين جهة وأخرى رغم أن الموظف يحمل الشهادة نفسها، وله سنوات خدمة مماثلة، وجدت الإجابة عنها سلطنة عُمان، وحلت هذه المعضلة التي لاتزال تعانيها الكويت، وحولت بعض قطاعاتها إلى بيئة طاردة للموظف وأخرى جاذبة لا يعين فيها إلا المحظوظون، فهل تطلع الكويت على التجربة العمانية؟