بيروت – هازار يتيم:
لا شيء يوحي بحدوث عملية انتخابية رئاسية في لبنان قبل الخامس والعشرين من شهر مايو، ولا شيء يبشر بولادة رئيس جديد ينتظره اللبنانيون، بعد أن أيقنوا أن لا تمديد للرئيس الحالي ميشال سليمان أقله حتى اللحظة.
دخل الاستحقاق الرئاسي أيامه الأخيرة دستورياً، من دون أي تقدم يذكر، رغم ازدياد الاتصالات بين مختلف المكونات السياسية، وخصوصاً المسيحية منها، والتي لم تؤد إلى أي خرق يذكر، فكل طرف متمسك بمرشحه حتى الآن، حيث لا تنازلات، ولا حتى تفكير بمرشح آخر ذي لون وسطي.
الكل يجمع على انتخاب رئيس قبل انتهاء مدة الرئيس الحالي، والجميع أيضاً يعمل على قاعدة أن الفراغ آتٍ، وأن الوقت متاح للجميع، للعب ما تبقى من أوراق.. فشد الحبال مستمر بين طرفي الصراع في لبنان، أي الثامن والرابع عشر من آذار، وما بينهما من مرشحين وسطيين ينتظرون اللحظة المناسبة للانقضاض على الكرسي والفوز به لست سنوات مقبلة.
وفي هذا السياق، استمرت حركة الاتصالات، عبر زيارات مكوكية لمرشحي الرئاسة، فالرئيس أمين الجميل دخل بقوة على خط الاستحقاق الرئاسي، عبر مبادرة تقدَّم بها، واعتبرها إنقاذية للجمهورية وللاستحقاق، حيث قام بزيارات إلى كل من حليفه اللدود سمير جعجع، وخصميه المسيحيين ميشال عون وسليمان فرنجية، من دون نتيجة تذكر، سوى التأكيد على أهمية حصول الاستحقاق.
وإذا كان د.جعجع قد ألمح إلى استعداده للتخلي عن ترشحه، في حال أمَّن فريقه السياسي مرشحاً آخر لديه فرص أكبر للوصول إلى كرسي الرئاسة، فإن آراء كل من الجنرال ميشال عون والنائب سليمان فرنجية كانت أكثر وضوحاً، عندما أعلن الأول استمراره بالترشح ودعمه الثاني حتى إشعار آخر، من دون أن يعلن فريق الثامن من آذار ذلك بشكل رسمي، فلعبة الكراسي وشد الحبال مستمرة على وقع حصول ثلاث جلسات نيابية لم تسفر عن أي شيء، وعلى وقع تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري لجلسة جديدة في الخامس عشر من مايو، وهو اليوم الأول من الأيام العشرة الأخيرة التي تسبق المدة الزمنية لانتهاء ولاية الرئيس الحالي، وهي المدة التي يعتبر فيها المجلس النيابي ناخباً رئاسياً فقط.
تقدم الفراغ
وحتى الساعة تشير الأمور إلى أن الفراغ يتقدَّم على حصول الاستحقاق، وذلك في دلالة واضحة على عدم اتفاق اللبنانيين حتى الساعة على اسم رئيس، وبالتحديد عدم اتفاق المسيحيين حتى اللحظة على مرشح، سواء كان مرشحاً حزبياً أم مرشحاً وفاقياً، ولا شيء يشير إلى إمكانية حصول الاتفاق، ما لم تتدخل جهة خارجية، أو بالأحرى جهات خارجية في الاستحقاق الرئاسي الذي يأتي موعده على وقع النار التي تلتهب في منطقة الشرق الأوسط من سوريا إلى مصر، مروراً بالعراق والسودان وليبيا، وليس انتهاء بفلسطين المحتلة، التي تبقى دائماً القضية الأولى عربياً والمنسية، في ظل تعدد القضايا الدولية.
إذن، فالعد العكسي بدأ قبل أيام من الوصول لتاريخ 25 مايو، فهل تحصل المفأجاة ويحصل الاستحقاق وينتخب لبنان رئيسه الثالث عشر منذ تأسيس الجمهورية؟ أم تتجه البلاد نحو فراغ حذر منه الجميع وارتضاه الجميع مرغمين في نهاية المطاف؟ بانتظار الإجابة، لاشك أن العامل الخارجي مازال يلعب الدور الأبرز في تحديد اسم الرئيس الذي سيجلس على كرسي بعبدا، سواء قبل أو بعد الخامس والعشرين من شهر مايو.