
عندما نشاهد ملاعب، مثل التي أقيمت فيها مباريات كأس العالم في جنوب أفريقيا، قد أنجزت خلال 3 أعوام فقط، وبمواصفات قياسية وفاخرة، وهي دولة أفريقية، قد يقول البعض إن جنوب أفريقيا دولة متقدمة، بغض النظر عن أنها تقع جغرافياً في أراضي القارة الأفريقية، وكذلك الأمر عندما نشاهد ملاعب، مثل استاد ويمبلي الجديد أو استاد الإمارات الخاص بالآرسنال أو حتى ملعب «اليوفي» الجديد أو بايرن ميونيخ، وإذا نظرنا حولنا، وإلى دول الجوار تحديداً، وقارنا مستوى ملاعبهم بمستوى ملاعبنا، وما أنجزوه من بناء ملاعب بما أنجزناه نحن في الكويت، لشعر الجميع بالدهشة والاستغراب.
لا أريد أن أفصل في التكلفة المالية لتلك الصروح الكروية، سواء التي في الخليج أو أوروبا، وتكلفة استاد جابر ومدى حجم الأوامر التغيرية بالتكلفة الأساسية أو صيانة ما لم يتم استعماله أصلا.
في عام 2005 استبشر أهل الرياضة في الكويت خيراً من خبر وضع حجر أساس استاد جابر، وبدأ الكل يتحدث عن أنه سيصبح لدينا ملعب يشرّف الكويت على الخارطة الكروية، ولكن، وحتى يومنا هذا، ومع اكتمال الاستاد ظاهرياً، فإنه لم يتم استخدامه، والأسباب كثيرة لا يتسع المجال هنا لذكرها.
فهل نتحدث هنا عن أرضية الملعب الصفراء أو العيوب الهندسية بالمبنى أم عن حجم مواقف السيارات التي لا تشكل 10 في المائة من سعة الملعب؟! فالمدرجات معرَّضة للسقوط، بسبب التشققات، وهناك عيوب هندسية لا تمكن الجماهير في بعض الأماكن من مشاهدة ما يحصل على أرض الملعب أو موقع شاشات العرض.. الخ.
عندما نعلم أن تحفة نادي العين قد أنجزت خلال 17 شهراً فقط، وليس الأمر المهم في سرعة الإنجاز، ولكن في التصميم الفريد من الناحية الجمالية، وكذلك المرافق وأمور كثيرة يعجز عنها استادنا العزيز.
والكل أيضاً شاهد وتابع حفل افتتاح جوهرة جدة، الذي أنجز خلال 14 شهراً فقط، ونحن نتعجب من سرعة إنجازه فعلاً خلال هذه الفترة، فالجميع شاهد المنظر الرهيب لجوهرة جدة، وكيف أنها تحفة معمارية وصرح كروي بمعنى الكلمة، بكل ما فيه من تصميم داخلي وخارجي والمرافق الخاصة بالضيوف أو غرف التعليق أو أماكن الصحافة، وكأنها في فندق 5 نجوم.
وفي جارتنا الأخرى قطر، التي تستعد لاستضافة كأس العالم 2022، وأخذت تبني الملاعب، استعداداً لتلك البطولة، فإنها ستنتهي من بناء كل ملاعبها، ونحن سنبقى نشاهد استاد جابر يراوح مكانه.
استاد جابر ما هو إلا مثال حي على تراجع كل ما يخص رياضتنا، فالشعور بالكبت والقهر من الأحاسيس غير الملموسة، ولكن ما يحسب للاستاد، أنه حوَّل هذه الأحاسيس إلى مادة ملموسة لها كتلة وحجم، وتشغل حيزاً من الفراغ، فقد أصبحت أصابعنا وبوصلة الفساد والإهمال تشير باتجاه الاستاد المهجور.
الوضع يحتاج إلى وقفة من كل رياضي ومن نواب مجلس الأمة، للبحث والتحقيق حول أسباب تضخم تكلفة الاستاد بالأوامر التكميلية وعيوب التنفيذ أو التصميم الهندسي، فمن غير المعقول أن يتم تعليق الملعب من تاريخ وضع حجر الأساس عام 2005 إلى يومنا هذا.. والمصيبة أننا لا نعلم متى تنتهي هذه المعضلة.