
حوار حمود السند:
قال رئيس حزب الكرامة م.محمد سامي إن الخبرة المستفادة من التعامل مع «الإخوان المسلمين» في الفترة الأخيرة أثبتت أنه لا يمكن الوثوق بهم، وأنهم مراوغون وانتهازيون، مشيراً إلى أن ما حدث في 30 يونيو استكمال لثورة 25 يناير، واستعادة لما انقضت عليه جماعة الإخوان من مصادرة الثورة والسيطرة على كل ما يمثل منابر وصناعة القرار في مصر، حيث بدأوا باتخاذ القرارات والأوامر من مكتب الإرشاد، ولم يشركوا الشعب.
وأضاف في حوار مع «الطليعة»، أن مرشح رئاسة الجمهورية حمدين صباحي والذي يمثل حزب الكرامة يمكن أن يكون محل دعم من التيار الشعبي والتحالف الاشتراكي وحزب الدستور والقوى الأخرى، لأن هناك أفكاراً يتبناها حمدين أساسها كانت شعارات في ثورة 25 يناير، مبيناً أنها حتى الآن لم تجد، على مستوى صانع القرار، من يستجيب لشعاراتها ويبدأ في العمل.
وأشار سامي إلى أن صباحي ليس بحاجة للتعريف بانتمائه القومي، فهو ناصري قومي عروبي يتبنى كافة القضايا القومية والعروبية، نافياً أن يكون صباجي مؤيداً للغزو العراقي في يوم من الأيام.
قضايا كثيرة تناولها الحوار، وفي ما يلي التفاصيل:
● كيف تقيم ما حدث في 30 يونيو وحادثة فض اعتصام رابعة؟
ـ 30 يونيو هو استكمال لثورة 25 يناير، واستعادة ما انقضت عليه جماعة الإخوان ومصادرتها لهذه الثورة وسيطرتها على كل ما يمثل منابر وصناعة القرار في مصر، فالإخوان سيطروا حينها على مجلس الشعب ورئاسة مجلس الوزراء، وبدأوا باتخاذ القرارات والأوامر من مكتب الإرشاد، ولم يشركوا الشعب، وبالتالي كانت مصر تمر بفترة صعبة، ما جعل الجماهير، التي لم يكن عددها يقدّر بالمئات أو الآلاف ثم وصل العدد، كما ذكر الراصدون، ما بين 25 إلى 30 مليون شخص من كافة أفراد الشعب، أن تخرج ضد حكم جماعة الإخوان تحت حماية القوات المسلحة، وبالتالي كان 30 يونيو استعادة مصر وإعادة مناخ ومطالب ثورة 25 يناير، وهي «عيش حرية كرامة إنسانية عدالة اجتماعية» .
أما حول فض اعتصام رابعة، فأنا أعتقد بأن هذا الاعتصام ـ الذي تجاوز 48 يوماً، وكان هذا الأمر يمثل إخلالاً بكل دواعي الاستقرار التي كانت تتطلبها خارطة الطريق، التي أعلنت، سواء من حيث صياغة الدستور أو انتخاب رئيس جمهورية كان من الممكن النظر إليه على أنه موقف سياسي تعبر عنه جماعة سياسية، لكن هذا الاعتصام تحول بالفعل إلى بؤرة تنطلق منها العديد من التظاهرات، التي استهدفت الخروج لإثارة الفوضى وتعطيل مصالح الناس، وخلق حالة لدى المواطن والرأي العام والقوى الخارجية بأن مصر ليست مستقرة، واستقرارها مرهون بعودة مرسي وجماعته لحكم مصر، وبالتالي الدولة لم تستطع الصبر على هذا الاعتصام، الذي انبثقت منه الفوضى في مصر، وتبيَّن أيضاً في اعتصام رابعة أن هناك عناصر لديها أسلحة ولديها نوايا سيئة بعيدة عن السلمية، وتعرض بعض الأفراد الأبرياء المتسللين للاعتصام للتعذيب والإقامة الجبرية، وبالتالي كان فض الاعتصام ضرورة وطنية للانتهاء من هذه الجرائم التي تقام في مصر.
● ما موقفكم من جماعة الإخوان المسلمين في المستقبل والمصالحة معها؟
ـ نحن في مرحلة ما قبل 25 يناير تواصلنا مع جماعة الإخوان، كالقوى السياسية الأخرى في مصر، التي توسمنا فيهم كمناضلين أن لديهم رؤية وطنية، ونجحت جماعة الإخوان بخداع الجميع، بأنها ابتعدت عن العنف والأساليب التي مارستها في الأربعينات والخمسينات، وأنها تتبنى الأسلوب الحضاري والسلمي في التعبير عن رأيها، ولكن بعد سيطرة أعضائها على الدولة في رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والمجالس النيابية، اتضح أن لهم وجهاً آخر، وتم استبعاد جميع القوى السياسية واحتقارها والانفراد بالقرارات، وتمكين جميع خلاياهم وكوادرهم على جميع مفاصل الدولة وعدم الاعتداد بأي قيمة ديمقراطية، وكان ذروة ذلك الإعلان الدستوري، الذي أصدره محمد مرسي في ديسمبر 2013، وبالتالي نحن نعد التعامل مع جماعة الإخوان يتوقف على اعتبارين، الاعتبار الأول النص الدستوري، الذي توافقنا عليه، وتم الاستفتاء عليه، ولا مجال فيه لحزب سياسي قائم على أساس ديني.. أما الاعتبار الثاني، فهو أن الخبرة المستفادة من التعاون مع «الإخوان» في الفترة الأخيرة، أنه لا يمكن الوثوق بهم، وأنهم مراوغون وانتهازيون.
قانون منع التظاهر
● ما رأيك بقانون منع التظاهر في الدستور الجديد الذي كنتم أحد المروجين له؟ وكيف ستتم معالجته؟
ـ يوجد في الدستور المصري الجديد نص واضح وصريح أن التظاهر السلمي حق لسائر المواطنين، هذا من حيث المبدأ، وقانون منع التظاهر صدر بليل، وفي غياب حوار مجتمعي، ومن دون الرجوع إلى القوى السياسية والوطنية بشأن الضوابط التي من الممكن أن تحكم التظاهر، وبالتالي خرج هذا القانون بشكل مشوه ومستفز، ولا يستند إلى الأصل الدستوري في أن التظاهر السلمي حق سلمي في الأساس، وأن أي تجمع يريد أن يعبر عن رأيه سلمياً يكفيه مجرد إخطار جهات الأمن، وبالتالي نحن نعتبر هذا القانون صدر من دون أخذ رأي القوى السياسية ويجب إلغاؤه، بصرف النظر عن الأسباب التي أدَّت إلى وضعه بشأن التعامل مع الانفلات الإخواني في مصر.
● ما رأيك بوضع القضاء المصري؟
ـ علينا أن نحترم ما استقر في مسألة الفصل ما بين السلطات الثلاث، وفقا للدستور، فالسلطة القضائية سلطة مستقلة، لا ولاية عليها من السلطة التنفيذية، وهي صاحبة الحق الأصيل في التعامل مع جميع القضايا بغير تدخل، سواء من السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية، وإذا ما أدخلنا التعليقات والانطباعات والتدخلات والمطالبات لدى كل حكم قضائي، فنحن ننتهك ما يمثل السيادة لهذه السلطة الجليلة، فلابد من أي شخص، كائناً من كان، ينتمي لأي فصيل سياسي أو من داخل مؤسسات الدولة، أن يكرس مبدأ الدفاع عن الفصل ما بين السلطات، وأن يكون للسلطة القضائية حقها الأصيل والمنفرد، ولا ضمير عليها ولا ولاية على القاضي إلا ضميره في أحكامه.
صباحي والقضايا العربية
● ما موقف مرشح الرئاسة حمدين صباحي من القضايا العربية، مثل كامب ديفيد وأمن الخليج وإيران؟
ـ حمدين صباحي ليس بحاجة للتعريف بانتمائه القومي، فهو ناصري قومي عروبي يتبنى كافة القضايا القومية والعروبية.. وحول موقفه من خلاف الإمارات وإيران بشأن الجزر العربية، فأنا متأكد بالقطع واليقين أن موقف حمدين صباحي أن تكون هذه الجزر عربية إماراتية، فهو يدافع عن كل ما يمثل انتماء مصر الأصيل لأمتها العربية، فعبر العديد من مواقفه خلال أربعين عاما من العمل الوطني دائماً يكون خلف انتمائه وفي صف أمته العربية، ولا تحتاج مواقف حمدين إلى الاستنتاج والتحليل التي يكون فيها طرف عربي.
أما عن معاهدة كامب ديفيد، فقد مضى عليها ما يزيد على 25 عاما، وهي مساس بالسيادة المصرية، وأبرز دليل ما يحدث في شبه جزيرة سيناء من غياب سيطرة القوات المصرية على الشرائح المتعددة في سيناء، كما جاء في الاتفاقية المشؤومة، وبالتالي على الأقل، وحتى لا نبدو أمام العالم أننا لا نحترم الاتفاقيات الدولية التي شاركت فيها أطراف عديدة، ينبغي إعادة النظر في هذه الاتفاقية، حتى يكتمل بسط سيادة مصر على منطقة سيناء، هذا في حده الأدنى.. أما في حده الأعلى، فهناك مطالبة واسعة من جماهير الشعب بالاعتراض عليها، وسيجري حمدين صباحي استفتاء كما أعلن في وقت سابق في أكثر من موقف وفي برنامجه الانتخابي السابق خلال الانتخابات الرئاسية 2012.
مسدس الذهب
● ما حقيقة القصة التي رواها المستشار مرتضى منصور بخصوص مسدس الذهب الذي أهداه صدام حسين لحمدين صباحي؟
ـ أنا شخصياً سألت حمدين عن هذه القصة، بحكم العلاقة التي بيننا، التي تمتد إلى أكثر من ثلاثين عاماً، وكان بإمكان حمدين أن «يزعل» مني بخصوص هذا السؤال، لأننا أثناء تجربة التواصل في الأزمة العراقية عشنا هذه الفترة ذراعاً بذراع.. قلت له ما القصة التي رواها الأخ مرتضى منصور بخصوص مسدس الذهب الذي أهداه لك صدام حسين، فأنا أريد أن أعرف هل ذلك صحيح؟ لأنني لم أسمع ذلك منك، فقال: ولا أنا أعرف، ولم يحدث ذلك بأنني تلقيت هدية من هذا النوع، وخاصة أن هذا السلاح، أيا كان، ذهبا أم فضة أم حديدا، له إجراءات، ويجب أن يكون مرتبطاً بقنوات أمنية وإدارية واضحة جدا، فلا يجوز لأي شخص أن يحمل أو يدخل سلاحاً نارياً من دون ترخيص، لذلك لو كان هذا صحيحاً، فلابد أن يمر عبر القنوات الرسمية، أي أن يحصل على ترخيص محدد من وزارة الداخلية بحقه في حمل السلاح، ولم يحدث أن حمدين قبل هدية على هذا المستوى من رئيس دولة، فلا هو أجرى ترخيص سلاح ولا أخذ موافقة الدولة في حيازته لسلاح ناري، واتضح أن هذه الرواية وهمية ومفبركة في ذهن صاحبها الذي يريد تشويه صورة حمدين أمام الجماهير.
● ما رؤيتكم في معالجة البنية التحتية والإرهاب في سيناء وسد أثيوبيا؟
ـ مرشحنا حمدين صباحي هو مرشح يمثل حزب الكرامة، ويمكن أن يكون محل دعم من التيار الشعبي والتحالف الاشتراكي وحزب الدستور والقوى الأخرى، فالقضية أن هناك أفكاراً يتبناها حمدين وأساسها كانت شعارات في ثورة 25 يناير، ونزعم أنها حتى الآن لم تخرج إلى دائرة التنفيذ إلا عبر جميع الحكومات المتعاقبة وتحت رئاسة المجلس العسكري ومحمد مرسي، وذلك هو التفسير لحالة التوتر والاحتقان الموجودة في الشارع السياسي المصري، وهو إحساس قطاع عريض منهم، قطاع الشباب، بأن ثورة 25 يناير حتى الآن لم تجد، على مستوى صانع القرار، من يستجيب لشعاراتها ويبدأ في العمل.
● كلمة أخير؟
ـ أشكركم، وأتمنى من الإخوة الأشقاء في الكويت الذين نقدّرهم ونقدّر مواقفهم المساندة لمصر في المرحلة الأخيرة، أن يثقوا بأن ولاء حمدين صباحي وحزب الكرامة والتيار الشعبي الأساسي ولاء قومي، وأن انتماء مصر لمنطقة الوطن العربي باعتباره أمناً قومياً مصرياً وعربياً.
حمدين صباحي والغزو العراقي على الكويت
في سؤال لـ«الطليعة» حول موقف حزب الكرامة، كقوميين مصريين، من الكويت أثناء الغزو العراقي، وأن هناك خطاباً لحمدين صباحي مصور وهو يمجد صدام حسين أثناء الحظر الاقتصادي، قال سامي: أنا شخصيا عشت هذه الفترة، وكنت المسؤول عن حملات دعم العراق أثناء الحظر الاقتصادي عليه بعد حرب الخليج الثانية عام 1990 (الغزو العراقي)، وأريد أن أذكر القارئ أن أول حملة خرجت لدعم العراق أثناء الحظر الاقتصادي كانت من مصر، وكان على رأسها المخرج الراحل يوسف شاهين، وكان ضمنها حمدين صباحي وأنا ورموز الحركة الوطنية المصرية، وقررنا في جلسة جمعت أفراد الحملة بعدم التعامل مع النظام الرسمي في العراق أو مقابلة صدام حسين، وذهبنا لدعم الشعب العراقي، وقد كانت أول مرة في حياتي أرى ظاهرة، أعتقد بأنها لن تتكرر، وهي أن أرى شعباً جائعاً ويعاني الجوع المباشر، وبعد ذلك توالت الحملات للأطفال والمساعدات الطبية والغذائية التي كانت في مواجهة الحصار الأميركي والغربي ضد الشعب العراقي، ولم نكن ضد الكويت ونؤيد صدام حسين على غزو الكويت، ولم يخرج على لساني ولسان حمدين والقوى الوطنية بأنهم متضامنون مع الغزو العراقي على الكويت، فهذا لم يحدث على الإطلاق، وأتحدى أن يذكر تصريح واحد لحمدين صباحي أو لنا يؤيد الغزو العراقي، فنحن كنا داعمين لشعب العراق ضد الحصار الأميركي عليهم.