
كتب محرر الشؤون البرلمانية:
هناك عدة ملاحظات على الخطوة التي اتخذها ثلاثة نواب في مجلس الأمة الحالي، بتقديم استقالاتهم من عضوية مجلس الأمة، بعد أن سنّ رئيس المجلس، كعادته، «السُنة الحميدة»، بسحب الاستجواب الموجَّه لرئيس مجلس الوزراء من النواب الثلاثة، وجرى التصويت على عملية السحب، ليس فقط من نواب المجلس، بل أيضا من الوزراء، وهذا يُضاف إلى «السنن الحميدة» التي تعمل على «قضم» الدستور ومواده.. وحتى لا نبتعد عن موضوع الملاحظات نقول:
أولاها، أن المستجوبين لم يشكلوا كتلة نيابية، قبل إجراء الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت صيف العام الماضي، أو بعد نجاحهم في المجلس كأعضاء.. فقد خاضوا الاستجواب كأعضاء منفردين، لا يجمعهم جامع «كتلوي» أو سياسي، فالعملية كانت مجرَّد تلاقٍ فردي تجاه إجراء ما يتيحه لهم الدستور واللائحة.. كما لا يجمعهم توجه سياسي مشترك، فكل واحد باتجاه.
ثاني الملاحظات، أنهم دخلوا الانتخابات الأخيرة بدواعي العمل، قدر الإمكان، لتقويم الأوضاع السائدة، بعد تعديل آلية الصوت الواحد، وبعد تفسير المحكمة الدستورية لقانون الانتخابات الأخير الذي قضى على أحقية الناخب باختيار مرشح واحد.. لقد دخلوا الانتخابات النيابية بنية حسنة، علّهم يستطيعون فعل شيء ما تجاه الرقابة أو التشريع.
إلا أن النية الطيبة قد لا تكفي لتصل بهم إلى مرادهم، إذ لم يمر من عُمر هذا المجلس إلا أشهر قليلة، حتى ثبت لهم أن وجودهم، ما هو إلا وجود شهود زور لا أكثر، وعليهم الانصياع لما يُفرض في المجلس، بقراراته واتجاهاته، فما هو إلا مجلس شكلي لا أكثر.. لذا، فالنوايا الطيبة لا تقود إلى وعي سياسي صحيح، فما جرى في قانون الانتخابات من تعديل يُراد به للمرشح ثم للنائب أن يكون مثل القطط تسير فرادى وتعيش فرادى، من دون وجود اتجاهات سياسية محددة تخوض الانتخابات ضمن نهج سياسي واضح.
ثالث الملاحظات: بهذه الاستقالة الثلاثية تعزز الرأي السياسي بمقاطعة الانتخابات ذات الصوت الواحد.. فقد ثبت بالبرهان من خلال «مجلس السنة الحميدة»، وبعد تشتيت الكتل، بموجب هذا التعديل، أن الحكومة قادرة على الهيمنة على هذا الشكل من نتائج الانتخابات، بما تضمه من أصوات عددية، من جراء مرسوم الصوت الواحد.. وبهذا، حتى أصحاب النوايا الطيبة غير قادرين على العمل في وسط هذه الأجواء.. وبالتالي، مَن يتذرع أن بمقدوره أن يتولى مسؤولياته التشريعية، كما نص عليه الدستور، رقابة وتشريعا، فعليه أن يعيد حساباته، وخاصة بعض القوى السياسية التي لايزال وجودها قائما في هذا المجلس.
مناهضة الاتفاقية
وأخيراً، يجب الاستفادة من الأحداث المتعلقة بالاستقالة الأسبوع الماضي، للاستمرار في مناهضة التلاعب بآلية التصويت الانتخابية بموجب الصوت الواحد.. فقد اجتمعت قوى سياسية في الأيام الماضية، وضمَّت مشارب سياسية مختلفة، لكنها اتفقت في بيانها السياسي، أو المؤتمر الصحافي الذي عقدته، على رفض الاتفاقية الأمنية الموحدة التي صدرت من مجلس التعاون الخليجي، ويفترض أن تتم الاستفادة من هذه الحادثة، لدعوة تلك القوى لاستنهاضها مرة أخرى ضد تعديل آلية الانتخابات، فالأمر ليس شأناً وزارياً، بل هو تعدٍ صارخ على حقوق الشعب الكويتي، وهذا ما تم إثباته من خلال المقاطعة الشعبية التي جرت مرتين لانتخابات مجلس الأمة، وهذا أيضا ما تم إثباته من واقع ما دار في جلسة مجلس الأمة الأسبوع الماضي، وأدَّى إلى استقالة الأعضاء منه.