مدخرات الكويت في 61 عاما.. ستذهب مع الريح خلال 4 سنوات

مدخرات الكويت من النفط طوال الأعوام الماضية لا تكفي إلا لـ 4 أعوام فقط
مدخرات الكويت من النفط طوال الأعوام الماضية لا تكفي إلا لـ 4 أعوام فقط

كتب محرر الشؤون الاقتصادية:
كثيراً ما نسمع عن الفوائض المالية التي حققتها الكويت على مدى الأعوام الماضية، وكثيراً ما يتحدَّث البعض عن أن هذه المدخرات تكفي لمئات السنين، ويذهب البعض إلى أبعد من هذه الحدود، ويتحدَّث عن أن هذه المدخرات لن تنفد أبد الدهر. ولكن الحقيقة المفجعة، هي أن كل هذه المدخرات التي تكوَّنت على مدى أعوام وأعوام، لا تكفي إلا لسنوات تعد على أصابع اليد الواحدة.

وعلى الرغم من التأكيدات المستمرة، بأن الكويت مازالت تتمتع بمركز مالي مريح، حتى إذا تمَّت مقارنتها مع نظيراتها من الدول الخليجية الغنية بالنفط مثلها، لكن في ظل الوضع الحالي الذي نعيشه، والارتفاع المستمر في المصروفات، والهدر المالي الذي لا يقبله عقل، على حساب الإنفاق الاستثماري، وعدم القدرة على تنويع مصادر الدخل، مثلما نجحت دول الجوار، فإننا بلا شك أمام تهديد للمستقبل المالي للدولة، على المديين المتوسط والبعيد، وأمام تهديد خطير، باستهلاك كل الفوائض المالية التي تحققت في غضون فترة من 4 إلى 5 سنوات على أقصى تقدير.

استثمارات

ووفقاً لآخر تصنيف، حلّت الهيئة العامة للاستثمار الكويتية، التي تدير صندوق احتياطي الأجيال القادمة منذ تأسيسه، في المرتبة السادسة لصناديق الثروة السيادية العالمية، من حيث قيمة الأصول، بموجودات قيمتها 410 مليارات دولار، وفقا لمؤسسة صناديق الثروة السيادية «SWF Institute» المتخصصة في دراسة استثمارات الحكومات والصناديق السيادية في تصنيف شهر يناير 2014، التي صنفت الهيئة العامة للاستثمار بعد دراسة لموجودات أكبر الصناديق السيادية بالعالم.

وقد بلغ إجمالي التحويلات المالية التي تمَّت إلى صندوق الثروة السيادي الكويتي – ممثلا في الهيئة العامة للاستثمار – خلال السنوات الـ 10 الماضية، اعتباراً من العام المالي 2003 / 2004، وحتى العام المالي 2013 / 2014، ما مقداره 113 مليار دولار (تعادل ما يقرب من 32 مليار دينار).

وقد تضاعفت هذه التحويلات السنوية من 10 إلى 25 في المائة ابتداءً من السنة المالية 2013/2012، بعد قرار مجلس الوزراء استقطاع 25 في المائة من الإيرادات النفطية لمصلحة الصندوق السيادي، بدلاً من نسبة الـ 10 في المائة، التي كان يجري العمل بها منذ تأسيس الصندوق عام 1953.

زيادات مخيفة

والتخوُّف الكبير أن تبتلع الزيادات السنوية في الإنفاق كل مدخرات الكويت على مدى الأعوام الماضية، فقد وصلت الزيادات والدعومات خلال الأعوام الماضية إلى أرقام مخيفة، حيث أظهرت بيانات وزارة المالية، أن الإنفاق الحكومي على دعم السلع والخدمات قفز خلال 10 سنوات، بين عامي 2004 و2014، بنسبة 450 في المائة من نحو مليار دينار، إلى 5.5 مليارات دينار، بمتوسط نمو سنوي يصل إلى نحو 25 في المائة.
واستحوذ الدعم في ميزانية العام 2013/2014 على نحو 27 في المائة، من إجمالي مصروفات الميزانية العامة، التي بلغت 21 مليار دينار. كما استحوذت المرتبات والأجور، وما في حكمها، على 9.6 مليارات دينار، مشكّلة بذلك نسبة 45.9 في المائة من إجمالي الميزانية، فيما بلغت المصروفات الاستثمارية 3.2 مليارات دينار بنسبة 15.2 في المائة.

وبالنسبة لتصنيف الدعم في الميزانية، يستحوذ دعم الوقود على أعلى نسبة من إجمالي الدعم في ميزانية 2014/2013، بنحو 2.7 مليار دينار، وبنسبة تبلغ 48.5 في المائة، وفي المرتبة الثانية، دعم المنتجات المكررة والغاز المسال بمبلغ 625.6 مليون دينار، والمرتبة الثالثة دعم العمالة الوطنية في الجهات غير الحكومية بنحو 461 مليون دينار، في حين سجل دعم خفض تكاليف المعيشة 239 مليون دينار، ودعم الرعاية الاجتماعية 396 مليون دينار، وإعانات الرسوم الدراسية 209 ملايين دينار، وبدل الإيجار 192 مليون دينار، والخدمات الصحية للمواطنين في الخارج 175 مليون دينار، هذا بالإضافة إلى دعومات أخرى، تتمثل في دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، ودعم الإعفاء من قروض عقارية، ودعم المؤسسة العامة للرعاية السكنية.

الحذر للمستقبل

ولا شك أن عجز الحكومة في تنويع مصادر الدخل، وتطوير البنية التحتية، وخلق فرص العمل في القطاع الخاص، أوجد ضرورة الحذر في زيادة الإنفاق مستقبلا، قبل أن يحدث العجز في الميزانية خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث توقع صندوق النقد الدولي العجز في الميزانية خلال العام 2017، إذا استمر وضع الإنتاج النفطي والإنفاق الحكومي على حاله .

والغريب في الأمر، هذا التناقض الحكومي الكبير.. ففي حين نجد الحكومة تطلق التحذير تلو الآخر من الإنفاق والهدر المالي المتزايد، وهذا ما أكدته الأرقام التي عرضتها وزارة المالية في الجلسة السرية التي عُقدت في مجلس الأمة الشهر الماضي، والتي أكدت أن الوضع الاقتصادي للكويت مقلق جدا، والحالة المالية المقبلة ستكون صعبة جدا، إذا لم يتم تحسين الأوضاع، من خلال وقف الهدر في جميع الجوانب، نجدها – أي الحكومة – تناقض كل ذلك، وترتفع مصروفاتها بنسبة 23 في المائة على الأساس السنوي في 2013، لتبلغ بذلك الزيادة التراكمية في الإنفاق خلال العامين الماضيين قرابة 70 في المائة، وتستحوذ المصروفات المختلفة والمدفوعات التحويلية على أكبر جزء من هذه المصروفات.

ووفقا لتقرير قسم الأبحاث في مصرف «سيتي بنك»، فإن ارتفاع الإنفاق يزيد من المخاوف، في ما يتعلق بالتوجه المالي للكويت، وخصوصاً نوعية الإنفاق، التي تتمثل في زيادات مرتبات وكوادر.
والمؤكد أن كل هذا الهدر المتواصل والكبير في الميزانية، وما وصلنا إليه من ترهل كبير في ميزانية الدولة، تتحمَّله الحكومات المتعاقبة، ولاسيما في جزئية الكوادر والرواتب والمنح والهبات المستمرة، وهذا كله يحتم علينا دراسة كاملة لجميع الأوضاع المالية، وتكوين رؤية واضحة عن المستقبل المالي للبلاد، فما ستؤول إليه الأمور في حال استمرار الهدر مخيف .

شفط المدخرات

تؤكد الأرقام أن الإنفاق في الميزانية العامة يرتفع بمتوسط نمو سنوي يصل إلى نحو 25 في المائة، ومع الوضع في الاعتبار أن ميزانية العام 2014/2013، بلغت 21 مليار دينار، فإنه من المتوقع أن تصل المصروفات في الميزانية العامة إلى 30 مليار دينار (تعادل ما يقرب من 106 مليارات دولار) خلال العامين المقبلين فقط.. وباحتساب مدخرات الكويت التي تكوَّنت على مدى 61 عاما، هي عمر صندوق الأجيال المقبلة، والبالغة 410 مليارات دولار، وبعد أكثر من 75 عاما من إنتاج النفط في الكويت، نجد أنها لا تكفي إنفاق الدولة، البالغ 30 مليار دينار (نحو 106 مليارات دولار)، إلا لـمدة 4 سنوات فقط، حيث خلال السنوات الأربع تنفق الكويت ما مقداره 120 مليار دينار، تعادل 424 مليار دولار، أي بزيادة تقدَّر بـ 14 مليار دولار عن إجمالي موجودات الصندوق السيادي الكويتي .

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.