كتبت عزة عثمان:
بحضور ممثلين عن السفارة الأميركية في الكويت ومنظمة العفو الدولية، وبمشاركة بعض الناشطين في مجال حقوق الإنسان، أقامت الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان مساء أمس الأول ندوة بعنوان «البدون يتحدثون» في قاعة الساير بمقر الجمعية، والتي روى فيها عدد من البدون معاناتهم.
قضية مؤرقة
في البداية، أكد مدير الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان، المحامي محمد الحميدي، أن قضية البدون مؤرقة للمجتمع الكويتي بشكل عام، فمنذ 40 عاما، ولم تجد هذه القضية حلاً، مبيناً أن الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان تعد تلك القضية قضيتها الأولى، وأسست لجنة لرصد فعالياتهم وتظاهراتهم.
وأضاف أن البدون كانوا يسمعون ولا يتكلمون، ولم تصل القضية إلى حل، وهدفنا اليوم أن نسمع لهم ولمعاناتهم.
من جانبه، قدَّم الناشط سعدون محمد سردا إعلاميا للقضية، مبينا أن مطالبات البدون قابلها تخوين وتهم ملفقة وحرمان غير مبرر من الحقوق المدنية، وكل ذلك ما هو إلا استمرار غير مبرر للتضييق على البدون، موضحاً أنه لا توجد قضية في العالم كله ليس لها تأثير سياسي، ومؤكدا أن قضية البدون لم يتم التعامل معها بجدية.
وأضاف أنه على الرغم من أن الأمور في البداية كانت تسير على ما يرام، ولم يكن هناك خطاب كراهية، فإنه في العام 1986 بدأت المعاناة، موضحاً أن كل من طالب بحقه اتهم، ولو كنا في دولة ديمقراطية، لتمت محاسبة الصحف التي اتهمت عبدالله عطاالله بأنه سعودي وعبدالحكيم الفضلي بأنه عراقي، مؤكداً أنه يجب الاشتغال على محورين: الأول حقوقي، والثاني سياسي، من خلال جمعيات النفع العام ومجلس الأمة، مشددا على أهمية توحيد الجهود، لإيجاد حل للقضية، ولرفع المعاناة عن البدون، وإيجاد مقومات الحياة لهم.
وفي مداخلة له، أعرب أحد الحضور عن أسفه من عقد اجتماعات مرات عديدة بحضور ناشطين ومنظمات حقوقية.. وما إن ينتهي الاجتماع حتى يذهبوا ويغيروا رأيهم، على الرغم من توثيق تلك اللقاءات في وسائل الإعلام، ومع ذلك لا يحدث شيء، مطالبا بحل القضية بالأفعال، وليس بالأقوال.
45 شهيداً من البدون
من جهته، قال الباحث التاريخي مساعد الدريب إن شهداء الكويت أغلبهم من قبائل الكويت، مبينا أن هناك 155 شهيداً من أصل 600 شهيد من القبائل، بينهم 45 من البدون، وهذا دليل على انصهار البدون في المجتمع الكويتي.
وأشار الى أن ديكسون ذكر القبائل التي كانت تدفع الضريبة لحاكم الكويت، مضيفا أنه من غير المعقول أن نحرم هذه الفئة من التجنيس، ومن يقرأ التاريخ يعرف جذور تلك الفئة.
بدورها، قالت أم زبن، وهي كويتية وأم لأربعة أبناء من البدون معاقين حرموا قانون المعاقين الجديد، إنها تعاني أن أبناءها لا يتلقون أي إعانة من أي جهة، بالإضافة الى أن زوجها مريض بورم منذ أسبوعين، معربة عن أسفها من أن الكويت التي وصل خيرها إلى العالم كله، لم تحصل هي وبناتها الكويتيات أمهات البدون على شيء منه، متسائلة: هل المطلوب أن تطلق؟ مناشدة وزيري الداخلية والدفاع ألا يقصرا مع أبنائها البدون، وخصوصا من يعانون مثلها.
تعارض مع الدستور
وقال الناشط يوسف العصمي إن قضية البدون لا تحتاج الى تمهيد للحديث عنها، لافتا إلى أن قضية البدون لن تحل إلا بأمرين: قرار سياسي ومسار قانوني، مضيفا أنه لو كانت هناك رغبة من مجلس الأمة في حل قضية البدون لاصطدموا بالقانون القائم، مشيرا إلى أن الجهود السابقة لم تكن تستوعب مستوى الحدث.
وخاطب العصمي الممثلين عن الشعب في مجلس الأمة وسألهم أين كنتم من قانون إنشاء الجهاز المركزي الذي يتعارض مع الدستور الكويتي وفي المادة 8 التي تجاهلها الجميع، وجعلت من الجهاز سلطة رابعة لا يمكن التدخل في أعماله، معتبرا أن ذلك كارثة ووصمة عار في جبين كل تشريعي الى يوم يبعثون.
وأضاف أن هناك مادة في هذا القانون تقيد السلطات مع تعاونها، في ظل وجود الجهاز المركزي، موضحا أن رئيس الجهاز صالح الفضالة ظلمهم، وقد تم الاستدلال على 64 ألف بطاقة، مشيرا الى أن من المفترض إحالة هؤلاء الـ 64 ألفاً إلى النيابة، متسائلا: لماذا لا تقوم بإبعادهم؟
وأكد العصمي أنه إذا كان هناك حل، فيجب أن يكون البدون موجودين على الطاولة.
انتهاكات
من جانبه، قال الناشط في مجال حقوق الإنسان نواف الهندال إنه حضر مع زملائه الناشطين، كراصدين للدفاع عن حقوق الإنسان، سواء كان شرطياً أو متظاهراً، لافتا إلى أنهم شهدوا عدة انتهاكات في تيماء، ومنع المتظاهرون من التظاهر السلمي والتعبير عن آرائهم، وتم اعتقال أطفال، من بينهم الطفل علي حبيب.
وأضاف أن ردة فعل الجانب الأمني كانت أكثر بكثير مما يقوم به المتظاهرون.
وقال الباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا روري دايك من منظمة العفو الدولية: «نحن نتحدث عن أكثر من 50 عاما من الحرمان للحقوق الاجتماعية والتعليم والصحة، لكن ما يقلقنا هو الخوف على المستقبل وحرمانهم من حرية التعبير».
وأضاف: قابلنا المسؤولين في الجهاز المركزي، وناقشنا الموضوع، وكذلك قابلنا رئيس الوزراء في 2012، ولكن للأسف لم نجد أي تطور، وسنستمر في حملتنا، وسنقوم بحملات مع منظمات كويتية.
وقال الطفل المعتقل علي الحبيب إن أحد رجال الأمن اتصل بوالدي وطلب حضوري كشاهد، غير أنه تم اتهامي بسبع تهم، من بينها زعزعة أمن البلد، مضيفاً أنهم قالوا له إنه سيعرض على وكيل النيابة الذي وجّه لي تهم الاعتداء على رجال الأمن والمشاركة في تظاهرة غير مرخصة، وتم حجزي وخرجت في ثالث يوم، ولاتزال قضيتي مستمرة.
وقال الناشط عبدالحكيم الفضلي: تم تهديدي بالاغتصاب فقط، لأن حراك الكويتيين مستمر إلى الآن منذ أربع سنوات، لافتا إلى أن الحضور في هذه الندوة خير رد على التهديدات التي وجهت له.