عبد الله النيباري : هل فشلت خطة التنمية الخمسية؟

عبد الله النيباري
عبد الله النيباري

بدخول شهر أبريل عام 2014، يفترض أن تكون خطة التنمية الاقتصادية الخمسية للفترة 2009-2010/ 2013-2014، قد انتهت مدتها، ويفترض أن تتقدَّم الحكومة بتقرير حول تنفيذ الخطة، وما تم إنجازه من خلالها، وأيضا يفترض أن تتقدَّم الحكومة بخطة تنمية للأعوام الخمسة المقبلة.

فقد ذُكر في إطار الخطة الماضية، أنها جاءت وفق رؤية استراتيجية طويلة الأجل لمدة 25 عاما، تمتد حتى عام 2035، وتنفذ بخطط خمسية متتالية. ولكن حتى الآن لا يوجد حديث.. لا عن هذا ولا عن ذاك، فيما دخل البلد في السنة المالية الحالية، 2014-2015، والتي يفترض أن ميزانيتها موضع بحث ونقاش في مجلس الأمة.

والآن، ما نتائج وإنجازات خطة التنمية؟ وماذا تحقق من مستهدفاتها، وما لم يتحقق؟.. وإذا كان هناك إخفاق.. فما أسبابه؟

جاءت خطة التنمية الاقتصادية الخمسية لمعالجة الاختلالات التي يعانيها اقتصاد الكويت، نتيجة للاعتماد الكبير على قطاع النفط، الذي تشكّل إيراداته العامل الرئيسي في توليد الدخل الوطني (الناتج المحلي الإجمالي)، وتمويل الإنفاق العام الحكومي.

فعبر المصروفات على المرتبات لموظفي الدولة والإعانات والمنح والقروض ومشتريات الدولة، وما يخصص للمشاريع، تضخ السيولة في شرايين الاقتصاد، وتكون المصروفات الحكومية العامة حوالي 30 في المائة من الدخل الوطني، لكنها تعد المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي في الكويت.

واعتماد الاقتصاد الكويتي على النفط أدَّى إلى تصنيفه بالاقتصاد الريعي، الذي يعتمد على ثروة طبيعية، لا يدخل العمل الإنساني في إنتاجها، إلا بنسبة صغيرة، والنفط الذي يُباع البرميل منه بما يفوق المائة دولار لا تتعدى تكاليف إنتاجه العشرة دولارات.

وقد ولَّد هذا النمط الاقتصادي والريعي، الاختلالات التي يعانيها الاقتصاد الكويتي، التي تتمثل في تضخم الإنفاق على الاستهلاك، وانخفاض الإنفاق على التكوين الرأسمالي، وضعف جهد العمالة الوطنية في الإنتاج، والاعتماد على العمالة الوافدة بنسب كبيرة، وصلت في الكويت إلى 83 في المائة من إجمالي العمالة، وتقلص نصيب العمالة الوطنية إلى أقل من 17 في المائة، وتتركز معظم العمالة الوطنية في القطاع الحكومي، بنسبة 83 في المائة من إجمالي العمالة الوطنية.

وأدَّت الزيادات في إيرادات النفط، التي تشكل 93 في المائة من إجمالي الإيرادات، وخاصة في السنوات الثلاث الأخيرة، نتيجة لارتفاع أسعار النفط، إلى ارتفاع المصروفات الحكومية من 11.2 ملياراً عام 2009-2010، وهي سنة الأساس للخطة إلى 21 ملياراً عام 2012-2013، أي إلى حوالي الضعف في غضون ثلاث سنوات، مع ما يصاحب ذلك من هدر في الإنفاق العام، بما يشكّل تحدياً في المستقبل لظهور العجز في الميزانية.

هذا إلى جانب تدني كفاءة وأداء العمالة الوطنية، والانخفاض الشديد في أداء الأجهزة الحكومية، التي تتسم بالبطء والتعقيد وضعف الرقابة وتوغل الفساد.

زيادة الدخل ورفع نصيب الفرد

استهدفت الخطة تحقيق نمو في الدخل الوطني (الناتج المحلي الإجمالي) بمعدل 5.1 في المائة سنويا، وذلك بتنويع هيكل الملكية في الأنشطة الاقتصادية، وتقليص هيمنة القطاع العام، وتعزيز الدور الإنتاجي للطبقة الوسطى في دعم التنمية الاقتصادية، وتأكيد الشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص، ومنها التخصيص، وتخفيف سيطرة القطاع النفطي على الاقتصاد الوطني.
ويتطلب تحقيق نمو بمعدل 5.1 في المائة في الناتج المحلي، زيادة الإنفاق الاستثماري (التكوين الرأسمالي) في السنوات الخمس بمبلغ 37 مليار دينار، بمعدل 7.4 مليارات دينار سنوياً، وقسمت الخطة نصيب الاستثمارات بين القطاعات، مخصصة النسبة الأكبر للقطاع الخاص، بإنفاق 17 مليارا، بمتوسط سنوي يبلغ 3.4 مليارات دينار، بنسبة 4.6 في المائة من إجمالي حجم الاستثمارات المطلوب لتحقيق زيادة في ناتج القطاع، بنسبة 8.8 في المائة، فيما خصصت للقطاعات الأخرى أقل من ذلك، فخصص بلقطاع النفطي 8 مليارات دينار، بمعدل سنوي 1.6 مليار دينار، بنسبة 2 في المائة من إجمالي الاستثمارات والقطاع العام، ليحقق زيادة في دخل القطاع بنسبة 2 في المائة سنوياً، وخصص للقطاع العام غير النفطي مبلغ 12 مليارا، لتحقيق زيادة في دخل القطاع بنسبة 4.4 في المائة.

انخفاض حجم الاستثمارات

لكن التنفيذ الفعلي للاستثمارات جاء أقل من المستهدف في العامين 2010 و2011 بنسبة 29 في المائة، بإجمالي للعامين 10.9 مليارات، بدلا من المستهدف 15.4 مليارا، وفق ما جاء في تقرير الحكومة عن الخطة للسنة الرابعة، 2013-2014، وكان القصور الأكبر في نصيب القطاع الخاص، حيث بلغ الإنفاق الاستثماري للعامين 4.1 مليارات، أقل من المتوقع (7.6 مليارات)، وبنسبة 46 في المائة، وكذلك القطاع النفطي كان الاستثمار الفعلي أقل بنسبة 37 في المائة من المستهدف، ولكن على الرغم من انخفاض الاستثمارات في التكوين الرأسمالي عن المستهدف بنسبة إجمالية بلغت 29 في المائة، فإن الناتج المحلي الإجمالي حقق نموا بمعدل 6.5 في المائة، فاق المستهدف 5.1 في المائة.. وتعود هذه الزيادة إلى ارتفاع إيرادات قطاع النفط، وزيادة نصيبه في إجمالي الناتج، وذلك نتيجة الزيادة الكبيرة في أسعار النفط التي أدَّت إلى ارتفاع إيرادات النفط.. فقد ارتفعت الأسعار من 35 دولاراً للبرميل عام 2009 إلى 77 دولارا عام 2010، ثم إلى 107.5 دولارات عام 2011، بنسبة 29.6 في المائة، 30.3 في المائة، 29.8 في المائة للأعوام 2010، 2011، 2012 على التوالي، وقد أدَّت الزيادة في نصيب القطاع النفطي إلى تقلص نصيب القطاعات غير النفطية في النتاتج المحلي، من 47.5 في المائة عام 2009، إلى 35 في المائة عام 2011، وتقلص نصيب القطاع الخاص من 17 في المائة عام 2009، إلى 14 في المائة عام 2011.

تركيبة السكان وسوق العمل

استهدفت الخطة إصلاح التركيبة السكانية وتركيبة سوق العمل لصالح المواطنين، وذلك بزيادة نسبة السكان من المواطنين من 31.5 في المائة الى 35 في المائة، وتحقيق زيادة في نسبة العمالة الوطنية إلى 21 في المائة من إجمالي العمالة، ولكن النتائج الفعلية سجلت بقاء نسبة المواطنين في التركيبة السكانية عند 31.7 في المائة عام 2012، أقل من 35 في المائة المستهدفة.. أما نسبة العمالة الوطنية إلى إجمالي العمالة، فقد تحسنت قليلاً بنسبة 0.7 في المائة من5٫8 في المائة إلى 6.5 في المائة كما حققت ارتفاعا طفيفاً من 16٫5 إلى 17.2 في المائة، من اجمالي العمالة أقل من 21 في المائة، النسبة المستهدفة، وارتفعت العمالة الوطنية في القطاع الخاص من 68 إلى 83 ألفا عام 2012، ومن نسبة 5.8 في المائة إلى 6.6 في المائة، لكنها لم تصل إلى المستهدف، بنسبة 8 في المائة، كما أن استيعاب المواطنين الداخلين إلى سوق العمل في القطاع الخاص كان أقل بحوالي 50 في المائة من المستهدف (14 ألفا)، فيما ارتفعت نسبة من تم استيعابهم في القطاع العام إلى 46 في المائة عن المستهدف (8000).

إرتفاع نسب البطالة

يشير تقرير الخطة لسنة 2013-2014، إلى ارتفاع نسبة البطالة بين المواطنين، من 16.2 ألفا، بنسبة 4.7 في المائة في سنة الأساس، إلى 19.4 ألفا، بنسبة 5 في المائة سنة 2013، وسجل التقرير ارتفاع نسبة البطالة بين حملة شهادات الدبلوم والشهادات الجامعية.

ونكتفي بهذه الجرعة من قراءة تقارير الخطة والخلاصة، كما سجل تقرير الخطة للسنة الرابعة 2013-2014 أن خطة التنمية الخمسية أخفقت في تحقيق الأهداف الرئيسة، التي تمثلت في ارتفاع الدخل الوطني خارج قطاع النفط، والاعتماد على القطاع، كما أخفقت في تحقيق زيادة في حجم الاستثمارات، ولم تحقق المستهدف في تعديل التركيبة السكانية وتركيبة سوق العمل لصالح المواطنين.

وقد يعزى الإخفاق إلى الخطأ في منطلقات الخطة، واعتبارها القطاع الخاص قاطرة التنمية، وفكرة تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري، لافتقاد ذلك للأسس الموضوعية.

فكيف يكون القطاع الخاص قائداً للتنمية، ونصيبه في الناتج المحلي الإجمالي هو في 17 في المائة من الناتج القومي، وتجاهل دور النفط والإنفاق الحكومي العام، الذي وصل نصيبه إلى نسبة 62 في المائة في عام 2011، وفقا للتقرير الاقتصادي للبنك المركزي لعام 2011.

مستهدفات الخطة

تبنت الخطة خمسة مستهدفات، هي:

-1 زيادة الدخل الوطني (الناتج المحلي الإجمالي)، ورفع الدخل الفردي الحقيقي (من دون آثار التضخم).
-2 إعطاء دور ريادي للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، واعتباره قاطرة التنمية.
-3 دعم التنمية الشرية، بتطوير منظومة التعليم والتدريب.
-4 تصحيح التركيبة السكانية، برفع نسبة المواطنين في تركيبة السكان وتركيبة سوق العمل.
-5 رفع كفاءة الإدارة الحكومية، بتكريس آليات الإدارة الفعالة، وغرس مفاهيم الشفافية والمساءلة والنزاهة وإعادة هيكلة الأجهزة الحكومية، مؤسسيياً وتنظيمياً.

فهل نجحت الخطة في تحقيق هذه الأهداف؟ أم لم يحالفها التوفيق، فأخفقت؟

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.