كتب محرر الشؤون المحلية:
ما إن صدر تصريح رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك حول انتهاء دولة الرفاه ومطالباته المجتمع الكويتي بالتحول من مجتمع مستهلك الى منتج حتى تحولت المنتديات الكويتية على اختلافها الى ساحة للنقاش العام حول هذه القضية، معترضين على هذا التوجه الذي بالطبع قد تكون له مسبباته، وقد يعكس حالة التخبط الكبير الذي عايشته مختلف وزارات ومؤسسات الدولة طيلة سنوات عديدة تحت مفهوم الدولة الربعية وتوزيع الهبات يميناً وشمالاً دون أدنى محاولات لانتشال البلد من حالها المأساوية أو التفكير بمستقبلها بصورة واقعية أكثر وتطوير أداء هذه الوزارات والمؤسسات على مختلف المستويات، وهو ما أدى الى استمرار مسلسل الأزمات سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية وغيرها من أزمات أخرى.
وكل هذا يدل بوضوح تام على أن الكويت لم تحظ بحكومة جادة وقادرة على العمل، وتمتلك الاستراتيجيات اللازمة والضرورية لمواجهة الأزمات والتقلبات، فهناك فساد وإفساد ممنهج وصل الى المواطن العادي أيضاً، ولعل التقرير الذي نشرته الزميلة «الراي» يوم أمس الأول الاثنين (28 أكتوبر) للجنة متابعة قضايا المال العام الذي رصد أكثر من 100 تعد على المال العام خلال العام الحالي، والتي تنوعت ما بين السرقات والاستيلاء على المال العام، واختلاس أموال عامة من الوزارات والتزوير في محررات رسمية، كما أشار التقرير الى أن محكمة الاستئناف سجلت 25 قضية ضد الوزراء في محكمة الوزراء فيما يتصل بقضايا المال العام، وهو ما يستلزم وقفة جادة لمعالجة مثل هذا الأمر.
إضافة الى ذلك، فإن التصريحات التي أطلقها وزير المالية في لقائه في إحدى المحطات الاخبارية أخيراً حول خطة التنمية السابقة التي أثارت جدلاً واسعاً حول ملياراتها الـ 37، والتي تعادل ميزانيات دول، والتي قال عنها إنها «غير صحيحة» وأنه يجري استحداث خطة تنموية جديدة وبديلة تبدأ في أبريل من العام المقبل، ويرى بعض المراقبين أنها لن تختلف عن سابقتها، وأنها قد تدفع نحو المزيد من الهدر في الأموال العامة.
تساؤلات عديدة انتشرت في العديد من وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد بصورة مباشرة رئيس الوزراء حول دولة الرفاه التي انتهت، وكيفية المعالجة القادمة، وما الحلول والاستراتيجيات المطروحة، وإذا كانت الخطة المليارية التنموية التي رصدت لها المبالغ الكبيرة لم تف بالغرض المطلوب، وأضعنا خلال السنوات السابقة فرصاً كبيرة وعديدة للتطوير، فإلى أين ستسير الأمور؟
واقع الحال يشير إلى أن هناك مؤسسات وأطرافاً لا تؤمن بالدولة الدستورية الديمقراطية القائمة على القانون، ولا تزال تسير وفق عقلية «المشيخة» وتدير البلد حسب هواها ومزاجها الخاص.
صحيح إن دولة الرفاه لا يمكن أن تستمر، ولن تستمر، ولكن على الحكومة في الوقت ذاته إيجاد بدائل لمصدر الدخل الوحيد والناضب والذي هو عرضة لتقلبات الأوضاع تارة في الصعود وتارة أخرى نحو الهبوط، ولكن في ظل إدارة كهذه لن نستطيع.