
كتب محرر الشؤون المحلية:
تحول السؤال البرلماني للنائب عبدالله الطريجي إلى ما يشبه التحقيق أو إلى نوع من الاستجواب المكتوب بين النائب من جهة ووزير المالية من جهة أخرى.. هذا ما نشرته الصحافة اليومية في 14 مارس الماضي.
الموضوع، وكما يظهر من عنوانه، يتعلق بقيام الشركة الكويتية للاستثمار – التي تسيطر عليها الهيئة العامة للاستثمار، كنسبة مساهمة، أو كأعضاء في مجلس الإدارة، حيث إن الهيئة لديها 6 ممثلين في مجلس الإدارة من أصل ثمانية أعضاء في المجلس.. ومن واقع هذه المساهمة والتمثيل في مجلس الإدارة، فإنها من الناحية الواقعية تملك قرار المجلس كأغلبية وتوجيه وعلاقات- نقول قيام هذه الشركة بالمساهمة في شركة خاصة وهي شركة أدفانتج للدراسات والبحوث الإدارية. حيث وجَّه النائب الطريجي عدة أسئلة لوزير المالية حول هذه المساهمة، وقد أجاب الوزير عن أسئلة النائب، بأن «الكويتية للاستثمار» قامت بشراء حصة في 2009/12/2، بنسبة 30 في المائة من رأس المال في شركة أدفانتج بمبلغ 165 ألف دينار، كما قامت بعد ذلك بتقديم قرض بمبلغ 55 ألف دينار للشركة.. وبموجب إجابة الوزير، تبيّن أن «الكويتية للاستثمار» لم تسترد هذا القرض، جراء تعثر شركة أدفانتج، بل قامت بتحويله (القرض) إلى أسهم ملكية بشركة أدفانتج، وبذا تكون الشركة الكويتية للاستثمار تحمَّلت مبلغ 220 ألف دينار، ما بين المساهمة والقرض في رأسمال شركة أدفانتج.
السؤال المحوري
ومتى بدأت الشركة الأخيرة، أدفانتج، تُمنى بخسائر مالية وتعثر في وضعها المالي؟
يجيب وزير المالية إجابة واضحة، بأن التعثر المالي لشركة أدفانتج وبداية خسائرها حدثت منذ عام 2009، أي في الفترة التي قامت بها الشركة الكويتية للاستثمار بالمساهمة فيها ومنحها القرض، وهنا يمكن للنائب أن يتساءل، كما الجميع: مادامت ميزانية شركة أدفانتج قد مُنيت بخسائر منذ عام 2009، لأسباب بررها وزير المالية، مع أنه في الحقيقة غير معني بهذا الموضوع، باعتباره لم يحدث في عهده الوزاري، نكرر السؤال: مادامت شركة أدفانتج قد مُنيت بخسائر منذ تلك الفترة، لماذا أتت المساهمة من شركة تمتلكها الحكومة في رأسمال الشركة، وهي شركة خاصة؟ ما يُثير تساؤلات حول قدر من التنفيع، لا أكثر، وفوق ذلك تُمنح قرضاً يتم تحويله إلى أسهم في الشركة التي ساهمت فيها؟!

إعدام الاستثمار
أي خطوة استثمارية تحتاج إلى دراسة الميزانية السنوية أو نصف السنوية قبل الدخول في مساهمة في أي شركة، حتى لو كانت من كبريات الشركات، ويُضاف إلى موضوع الميزانية ودراستها معرفة خطط الشركة للأعمال القادمة. إن ما جرى بين «الكويتية للاستثمار» تجاه شركة أدفانتج، هو نوع من الهبة من الأموال العامة إلى جهة فردية خاصة لا أكثر، وكل ما قامت به «الكويتية للاستثمار» أنها أعدمت هذا الاستثمار من دفاتر الشركة، ولسان حالها يقول «يا دار ما دخلك شر»!
مبلغ وقدره 220 ألف دينار مصيره الإعدام، وعفا الله عما سلف، وهذا لا يعني سوى هدر للمال العام، وما يعزز الأمر، أن العملية ليست على أساس استثماري، إذ لم تكن هناك توصيات بالمساهمة وتقديم القرض.
شركة بلا مقر
وأخيراً، ورد في إجابة وزير المالية للنائب الطريجي، أن «الكويتية للاستثمار»، كونها مساهمة بنسبة 30 في المائة بشركة أدفانتج، فقد تقدمت لوزارة التجارة والصناعة بطلب حلها أو تصفيتها (أدفانتج)، مبررة طلبها هذا، بأنه لا يوجد مقر لشركة أدفانتج يمكن مخاطبتها فيه، أي ليس لها عنوان، ولهذا تمَّت مخاطبة وزارة التجارة، وهذا يعني أيضا أن هناك شركة استثمارية ذات أموال عامة، بل هي أول شركة استثمارية في الكويت- حيث إنها تأسست في عام 1961 – تساهم في شركة أخرى غير معروفة المقر، ولا يمكن مخاطبتها بعنوان محدد.. الأمر متروك حاليا لقرار وزارة التجارة والصناعة بشطب الشركة من سجل الشركات، أو تعيين مصفٍ قضائي لتصفيتها.. فهل انتهت القصة القصيرة هنا؟
لا، لم تنتهِ بعد.
إجابتان لا ثالث لهما

لم تتوقف أسئلة النائب عبدالله الطريجي عند هذا الحد، فقد وجَّه سؤالا لوزير المالية، متضمنا سبعة استفسارات، منها ستة متعلقة بهذه المساهمة، طالبا من الوزير أن تأتي إجاباته بشكل محدد، والشكل المحدد الذي يقصده النائب أن تترادف المساهمة بالتواريخ.. فعلى سبيل المثال هناك قرض من «الكويتية للاستثمار» بمبلغ 55 ألف دينار، لم يحدد الوزير تاريخه في معرض اجابته بالرد الأول..
في أي تاريخ مُنح هذا القرض؟ بالطبع في تاريخ لاحق على تاريخ المساهمة المباشرة التي تمَّت في 2009/12/2.
ويتساءل النائب الطريجي مجددا بالقول حرفيا:
«… وكما هو معلوم بأن هناك بيانات مالية ربع سنوية ونصف سنوية وكذلك سنوية للشركات، فهل كان لدى الشركة الكويتية للاستثمار علم بأن هذه الشركة كانت تواجه مشاكل مالية وإدارية قبل دخولها في هذا الاستثمار؟ وهل يُفهم من دخول الشركة الكويتية للاستثمار بهذا الاستثمار وبهذا التوقيت أنه إنقاذ لبعض الأطراف من تحمُّل خسائر محققة، تحملها المال العام؟».. وهنا يفترض أن يكون رد الوزير بإجابتين لا ثالث لهما، إما القول بأن «الكويتية للاستثمار» لديها علم بأوضاع شركة أدفانتج المتعثرة، ومع ذلك ساهمت في رأسمالها ومنحتها قرضا ماليا، وهذا يعني أن هناك شبهة تنفيع ولامبالاة كاملة بالمحافظة على المال العام، أو إجابة ثانية لا ثالث لها، بأن «الكويتية للاستثمار» لم تكن تعلم عن الأوضاع المالية المتعثرة لشركة أدفانتج، وهذه الإجابة تعني الدخول في مساهمات بأموال عامة بجهل مطلق عن أوضاع الشركة المساهم فيها.. ولا نعتقد بأن شركة استثمارية مضى على تأسيسها نصف قرن تساهم في شركة أخرى وهي تجهل أحوالها وأوضاعها المالية جهلا مطلقا…!
سؤال و استجواب
لا نعتقد وجود إجابة أو رد ثالث خلاف هذين الردين.. لا يمكن القول «لعم» وفق كاريكاتير المرحوم ناجي العلي، فلا هي بلا ولا هي بنعم.. لذا، توجه الطريجي بتحديد الاسئلة، لتأتي الردود واضحة لا تحمل التباسات أو تأويلاً، وفوق ذلك إبهام وإضاعة الرد في تفاصيل بعيداً عن الأسئلة الموجهة للوزير.
بقي أن نعرف أن شركة أدفانتج تملكها السيدة النائبة صفاء الهاشم، وفق ما ورد في سؤال النائب الطريجي ورد وزير المالية..
الاستجواب فيه منصة ومرافعات، وسؤال الطريجي نوع من الاستجواب الكتابي، فهل يتحوَّل إلى استجواب كامل؟