نشرت وزارة العدل الكويتية إعلاناً للتوظيف في وظيفة باحث مبتدئ قانوني، والتي تعد الخطوة الأولى للتعيين كوكيل نيابة، مبينة في الإعلان أن التقديم لهذه الوظيفة للذكور فقط، ما يُعد تراجعاً من الدولة في إلغائها للتمييز ضد النساء، والتي كانت قد تقدَّمت فيه خطوة إلى الأمام في العام الماضي، حين قبلت الوزارة دفعة، وللمرة الأولى في تاريخ الكويت، من خريجات الحقوق اللاتي تم تعيينهن في وظيفة باحث قانوني، تأهيلا لهن للعمل كوكيلات نيابة اسوة بزملائهن الذكورفي سلك القضاء، وذلك عملاً بالدستور الذي حظر التمييز على أساس الجنس، وعملاً بالاتفاقيات الدولية التي سبق أن وقعت عليها دولة الكويت لرفع التمييز عن المرأة، كما أن طالبات كلية الحقوق، الخريجات من جامعة الكويت، يعتبرن أغلبية وأظهرن تميزاً ملحوظاً بالتفوق، وحصلن على مراكز تفوق الطلبة الذكور في كثير من الأحيان، إضافة إلى مقتضيات العدالة والمساواة بين المواطنين والمواطنات ومتطلبات العمل الوظيفي، الذي يحتاج إلى وجودهن، ولم يكن من المقبول عدم القبول بتوظيفهن في وظائف من صلب تخصصهن، ولم تحصل الخريجات على حقهن في التوظيف، إلا بعد الضغط ورفع الدعاوى للحصول على حقهن مما ترتب عليه تعيين مجموعة أولية منهن العام الماضي.
اليوم، تعود الوزارة إلى عهدها السابق في التمييز العنصري بين المواطنين والمواطنات، وتفضيل طرف على آخر، ما أثار حفيظة جمعية المحامين، التي رفضت مثل هذا الإعلان، وأيدتها في ذلك الجمعية النسائية الثقافية التي قالت في بيان لها إن «قرار وزارة العدل يعتبر تمييزاً صريحاً ضد المرأة الكويتية، وتراجعاً عن تنفيذ حق دستوري من حقوقها، لا تملك وزارة العدل الحق في التراجع عنه، بل هو مخالفة صريحة للدستور الذي نص في مادته الـ 29 على (أن الناس سواسية في الحقوق والواجبات.. لا تمييز بينهم بسبب الجنس)».
على الجانب البرلماني، فقد طالبت النائبة صفاء الهاشم وزير العدل نايف العجمي بسحب الإعلان خلال أسبوع وإلا فالاستجواب، وقد أعلن مجلس القضاء أن الإعلان جاء للذكور فقط انتظاراً لتقييم أداء وكيلات النيابة لقبول دفعة جديدة في ما بعد، ما يوضح التمييز الذي بناء عليه لم يتم تقييم أداء وكلاء النيابة قبل قبول دفعة جديدة، ولا يفهم من ذلك إلا أن التقييم قائم على أساس الجنس لا الشخص، فهل لو جاء أداء المقبولات من وكيلات النيابة عالي التقييم، فلن يتم قبولهن في ما بعد؟ وما علاقة أداء مجموعة أشخاص موجودين في وظيفة ما بأداء أشخاص آخرين سيتم قبولهم بالمستقبل، إلا إذا كان هذا الحكم المسبق قد جاء على أساس تمييزي لا علاقة له بنوعية العمل بل بالنوع الإنساني!