من استاد جابر إلى مستشفى الجهراء.. رزنامة الزمن والإنجاز المفقود

استاد جابر.. مشروع دولة مازال معطلاً ينتظر الفرج
استاد جابر.. مشروع دولة مازال معطلاً ينتظر الفرج

كتب محرر الشؤون المحلية:
هي أيام قليلة، وينقضى الربع الأول من عام 2014، أو بالنسبة المئوية 25 في المائة من العام.. انقضاء هذه الفترة لا يعني تقليب أوراق الرزنامة اليومية الموجودة على المكتب، أو رزنامة الحائط، للإعلان عن نهاية اليوم، اليوم يعني الإنجاز على المستوى الفردي أو الحكومي.. ليس لنا أي شأن على المستوى الفردي، بل ما يعنينا هو المستوى الحكومي، المفترض أن يكون تحت عدة رقابات من قِبل الجهة التنفيذية ذاتها، ولاسيما أن هناك جهازاً لمتابعة المشاريع الحكومية، مهمته متابعة المشاريع «المفككة» دائماً، والحؤول دون أن يطوفها التاريخ المحدد، حتى يحلل موظفوه رواتبهم التي يتقاضونها فيه، وأيضاً هناك جهتان رقابيتان أخريان، الأولى ممثلة بمجلس الأمة، بغض النظر عن كل المساوئ، لكننا نفترض ذلك على الأقل نظرياً، والأخرى فنية، ممثلة بديوان المحاسبة، لمتابعة الإنجازات، وبالوقت ذاته التجاوزات المرتبكة، وما أكثرها.. إذن رزنامة اليوم يفترض أن تحمل ثقلاً من المهام، حتى لا تبقى القرارات طائرة بالسماء، من دون قرار أو مرسى.

تصريح رئيس الوزراء

لابد من هذه المقدمة لموضوعنا هذا كصاحب الدكان حين يقول يا فتاح يا عليم في صباح يوم هادئ عند افتتاح نشاطه اليومي.. نقول ذلك على ضوء تصريحات بعض الوزراء السابقين واللاحقين الذين وعدوا بها وطواها الزمن والنسيان، من دون أن يكون هناك مردود فعلي لمثل تلك التصريحات.. نأخذ منها في الوقت الحالي التصريح الذي كان ضمن أسئلة صحافية لسمو رئيس مجلس الوزراء في 14 نوفمبر من العام الماضي، أي منذ أربعة أشهر ونصف الشهر، وما نشر في ذلك الوقت «ورداً على سؤال حول سبب تأخير افتتاح استاد جابر الأحمد الدولي، ما أدَّى إلى هدر الملايين، قال سمو الشيخ جابر المبارك إنه تم تشكيل لجنة، للتأكد من سلامة الاستاد، والتحقق من مكامن الخلل المرتبطة به، بالإضافة إلى تشكيل لجنة أخرى، لمعرفة المتسبب الحقيقي وراء هذا الخلل، سواء كانوا قياديين أو مقاولين أو استشاريين، لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم، وأن محاسبة القيادي تتم بتشكيل مجلس تأديبي من مجلس الخدمة المدنية، برفع توصية لمجلس الوزراء، وهذا ما سيتم في مشروع استاد جابر».

ولم ينحصر نشر هذا التصريح على المستوى المحلي فقط، فقد قامت جريدة الاتحاد الإماراتية بنشر خبر لها بعدها بأيام تذكر فيه «أن مجلس الوزراء الكويتي كلف وزير الإعلام والشباب الشيخ سلمان الحمود بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول استاد جابر الدولي، لمعرفة أسباب تأخر إنجازه»، ليأتي هذا الخبر مكملاً للحديث الصحافي الذي أدلى به سمو رئيس مجلس الوزراء.

تقرير مركز الشفافية

وفي هذا الاتجاه، وعلى ضوء القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء في 13 نوفمبر من عام 2013، أتى تقرير مركز الشفافية للمعلومات بتاريخ يناير 2014، وتطرَّق إلى موضوع استاد جابر.. ولأهمية التقرير، نورد فقرة طويلة منه تقول: «وأوضح الحمود أنه تم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق برئاسة مستشار من محكمة الاستئناف، بالتنسيق مع وزير العدل، لتتولى فحص كافة أوراق المناقصة الخاصة باستاد جابر الأحمد الدولي، والإجراءات التي تمَّت للتعاقد وتنفيذ المشروع، وعمَّا إذا كان قد شاب تلك الإجراءات خلل أو إهمال من عدمه، وبيان المتسبب، بما شاب الأعمال من خلل وقصور، ومسؤولية الجهة المشرفة على تنفيذ ذلك المشروع من الشركة المنفذة، وعمَّا إذا كان شاب عملية التسلم إهمال أو تقصير في ضوء التقرير الفني المعدّ من قِبل معهد الكويت للأبحاث العلمية.. وإجمالاً، بيان المتسبب في التأخير، والأضرار التي ترتبت منذ طرح المشروع حتى الآن، على أن تعد اللجنة تقريرها خلال شهرين من تاريخ أول اجتماع لها، والاطلاع على كافة المستندات والتصميمات والتقارير المتعلقة بالمشروع، من دون التقيد بالقواعد والإجراءات الإدارية المعمول بها في مثل هذه الحالات، مراعاة للوقت، على أن تتم موافاة مجلس الوزراء بتلك النتائج خلال شهرين من تاريخه».

أسئلة ومعلومات مسربة

يتضح من تصريح وزير الإعلام والرياضة، أن من يرأس هذه اللجنة أتى من السلطة القضائية، كما أن لها الحق باستدعاء من تشاء لأداء مأموريتها، وتوسيع نطاق مهامها، لتشمل من صمم الاستاد، والاستشاري المشرف، والمقاول والجهات الحكومية المعنية بمتابعة المشروع.. وأهم أمر في ذلك، وهنا نأتي إلى موضوع الإنجاز، أن مدة عمل هذه الجهة شهران، ابتداء من تاريخ أول اجتماع لها.. ومنذ اتخاذ قرار من مجلس الوزراء في نوفمبر من العام الماضي يكون قد مرَّ على مبدأ إنشاء هذه اللجنة أربعة أشهر ونصف الشهر.. وقد يمر شهر أبريل المقبل من دون أن نسمع أي أخبار أو تقارير، أو ما وصلت إليه اللجنة بشأن الاستاد الرياضي الدولي.. وعن ماهية الأخطاء الإنشائية التي تحول دون استخدامه، وكيف تم تسلمه من المقاول، وحول الخدمات الأخرى المكملة له، ومعرفة إن كان الملعب الرئيسي يفي بالمتطلبات الدولية.

العديد من الأسئلة من دون أجوبة، ولم يظهر أي شيء في هذا الخصوص، على الرغم من مضي المدة بالأيام والأشهر.. ولكن ما تسرب من معلومات، وما تم نشره من معلومات أخرى، يظهر أن هناك محاولة لمعالجة التشققات بمواد بناء متطورة.. ولكن دائما ما تضاهي كلفة تلك المواد وأجور المعالجة كلفة بناء الاستاد، بالإضافة لذلك، لا يعرف إن كانت المعالجة تشمل ملعب الكرة، أم الأمر متعلق بالنواحي الإنشائية فقط.. يضاف إلى ذلك أن هناك نواحي ليست في مجال الإنشاءات أو المواد المستخدمة، بل شكوك من السهل إثارتها عند استخدام مثل هذه المواد للمعالجة، ليس لها دخل في عملية التصليح، بل في المواءمة في الاختيار.

مسؤولية مجلس الوزراء

وبعيداً عن موضوع الاستاد، نعرف أيضا أن المادة 123 في الفصل الرابع من الدستور المتعلق بالسلطة التنفيذية أتت لتحدد مهام وأداء مجلس الوزراء، التي نصت على «يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية»، والمادة لا تحتاج إلى تفسير، فمجلس الوزراء عليه مراعاة مصالح الدولة ككل، والذود عنها، وعليه أن يتولى التخطيط والتنفيذ والإشراف على كافة أعمال الدولة، وهو المسؤول أمام الجهات الرقابية، ولا توجد أي جهة أخرى تنازع المجلس اختصاصه أو مهامه.

جهل احتساب

ونخرج من إطار الاستاد الدولي المجمد، لنجد أن هناك جهة أخرى سحبت اختصاصات مجلس الوزراء، بقيامها بتولي بناء مشاريع يفترض أن تكون تحت إشرافه، عن طريق الوزارات المعنية، ومنها مشروع بناء مستشفى الجهراء، الذي رسا أخيراً على إحدى الشركات المحلية، بقيمة إجمالية بلغت 364.976.262/803 دينارا، وهي الشركة ذاتها التي تقدمت بعطاء المناقصة الأولى قبل إلغائها لبناء هذا المشروع بمبلغ 499000 دينار، أي لنقل نصف مليون دينار، وهناك فرق ما بين العرض الأول والثاني بمقدار 134 مليون دينار.. هناك ما يسمى في تقديم العطاءات سوء الاحتساب bad calculation.. ولكن أن يصل سوء الاحتساب إلى هذا المستوى، فيعد ذلك «جهل الاحتساب».

ومعلومة أخيرة نوردها لمجلس الوزراء، أن من يتولى هذا المشروع هي الشركة ذاتها التي تولت إنشاء استاد جابر (المجمد)!

نتمنى أن يتم بناء مستشفى الجهراء خلال المدة المحددة له بثلاث سنوات، فالمرضى أكثر حاجة من اللعب بكرة القدم.

مراوحة في المكان

وحتى تنتهي لجنة مجلس الوزراء من تقريرها، بعد مضي الأيام ونزع أوراق الرزنامة السنوية، نرى أن الأمور ستراوح في مكانها.. ونتساءل، أما كان الأجدى إعادة بناء عدد من الاستادات الرياضية في الأندية الرياضية القائمة، بدلاً من هذا المشروع المجمد؟

استاد نادي اليرموك على حاله الاسمنتي منذ سنوات، بقية الاستادات على حالها منذ سنوات.. ملاعب كرة القدم أصابها «داء الثعلبة» لسوء أرضيتها.

ابدأوا بالأصغر قبل الأكبر، إن كان ليس باستطاعتكم بعد مرور تسع سنوات على وضع حجز الأساس إنجاز مشروع استاد جابر المجمد.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.