
بيروت- هازار يتيم:
وضع استمرار الاشتباكات في طرابلس وازدياد عدد القتلى والجرحى، الحكومة اللبنانية في مواجهة كبيرة أمام الاستحقاق الأمني، الذي بات هاجس اللبنانيين الأوحد، رغم ما يمرون به من صعوبات معيشية واقتصادية.
ويسيطر الملف الأمني الشائك على كافة جوانب حياة المواطن اللبناني، مع استمرار الدعوات لبسط القوى الأمنية سلطتها على كافة الأراضي اللبنانية، فالوضع لم يعد يحتمل، وبات على الحكومة الإسراع في إيجاد حل جذري ونهائي لما يجري.
وتواجه الحكومة امتحانا عسيرا في ملف طرابلس، التي لاتزال تعيش وضعا أمنيا صعبا مع تجدد الاشتباكات والمواجهات، من دون أن تفلح أي جهود في وضع حد لها، إضافة إلى ما يجري في عرسال بعد تفجير منطقة النبي عثمان واستعادة الجيش السوري لسيطرته على منطقة يبرود وهروب المسلحين إلى مخيمات اللاجئين في عرسال.
وتتهم بعض الأوساط اللبنانية الدولة ككل والحكومة بالأخص بمماطلتها لإيجاد حل يوقف الوضع المتوتر، مشيرة إلى أنه من المفترض بها أن تشكل شبكة أمان سياسية تحصن البلاد أمنيا، وتسد الثغرات التي ينفذ منها أصحاب المخططات السوداء لزرع بذور الفتنة وضرب الاستقرار.
وترى تلك المصادر أن الحكومة تواجه تحديا أمنيا خطيرا يتمثل بكيفية مواجهة الأعمال الإرهابية، بمختلف أشكالها، بكل الوسائل المتاحة، وتعزيز قدرات الجيش والقوى الأمنية للقيام بواجباتها.
فالوضع الأمني تفاقم بعد تدهوره في طرابلس ومنطقة البقاع الشمالي ومحيط بلدة عرسال، حيث وصف رئيس الحكومة تمام سلام ما يجري بـ«الخطير جداً»، محذراً من خروج الأمر عن السيطرة إذا استمر الوضع على حاله، مبديا خشيته من مداهمة الفتنة للبلاد، والتي تسعى الدولة بكل وسائلها لمحاصرتها.
من جانبه، أكد بيان للجيش عن تعزيزه لانتشاره في منطقي عرسال واللبوة وفي داخلهما والعمل على فتح جميع الطرقات بين هاتين البلدتين، لتأمين مرور المواطنين، والحفاظ على الأمن والإستقرار في المنطقة.
وتكشف بعض المصادر لـ«الطليعة» أن ما يجري في طرابلس تتداخل فيه عوامل إقليمية، وأخرى سياسية مذهبية، وأمنية داخلية، الهدف منها استنزاف المدينة، حيث اتخذت هذه الاشتباكات بُعداً بالغ الخطورة على المشهد السياسي في البلاد.
ويسود الخوف مع اتساع رقعة الاشتباكات، وتصاعد الحصيلة الدموية بشرياً، وارتفاع التكاليف الاقتصادية والتجارية والاجتماعية، ويبدي المراقبون خوفهم من أن تصبح طرابلس رهينة خطوط تماس داخلية وإقليمية يصعب إزالتها، لارتباطها بعوامل خارجة عن قدرة المعالجات المحلية وحدها، على الرغم من تسارع الجهود السياسية والأمنية لاحتواء التدهور الواسع وبروز اتجاه إلى تطوير الخطة العسكرية التي كان كلف الجيش القيام بها ووضعت في إمرته كل الأجهزة والقوى الأمنية لتنفيذها قبل أشهر.
وتكشف المصادر أن الحل في طرابلس يتوزع على مستويات ثلاثة، تتمثل بإعادة الاستقرار إلى المدينة، من خلال خطة أمنية ناجحة، وتعويض المتضررين من الاشتباكات وإطلاق ورشة إنمائية لتحريك الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
في المقابل، من المتوقع أن تعقد الحكومة جلستها الأولى في اليومين المقبلين بعد عودة رئيس الجمهورية من مشاركته في القمة العربية التي عقدت في الكويت، وسيكون الملف الأمني على رأس أولويات برنامجها.