
كتب أنور عبدالعزيز ناصر:
من المعروف أن الحركة التعاونية في الكويت ذات تجربة راسخة في عمق الحياة الكويتية منذ سنوات طويلة، ومرَّت بمراحل أثرت في مسيرتها. صحيح أن هناك إيجابيات وتجارب قدَّمتها الجمعيات التعاونية، إلا أنه شاب العديد منها الكثير من المشكلات والسلبيات والتجاوزات والتعديات، ما جعلها أمام اهتمام إعلامي وشعبي.
لذلك، نادى – ولايزال- الكثير من المهتمين بهذا الملف الحيوي، بأن تكون الجمعيات التعاونية تحت مجهر الرقابة والمحاسبة والمتابعة المستمرة والدقيقة، سواء لأدائها داخل مجالس إدارتها، أو من خلال ما تقدمه من خدمات وأعمال في مناطقها، أو في شؤونها المالية والمحاسبية، وضرورة أن تخضع لمبدأ الثواب والعقاب، وذلك بأن تقوم الوزارات والهيئات الحكومية المسؤولة عن العمل التعاوني بمسؤوليتها وواجباتها وفق القانون، من دون محاباة ولا تدخلات سياسية وشخصية، لأن هذا القطاع يدير موارد مالية ضخمة، وخدمات معيشية رئيسة للمواطنين، ويرتبط بالبنى الاجتماعية والاقتصادية والتنموية.
وهذه الأيام تمر الجمعيات التعاونية في الكويت بأجواء انتخابية وفق النظام التعاوني الجديد، المتمثل بالصوت الواحد، وفق المعايير اللائحية التنظيمية الجديدة للمرشحين لمجلس إدارة الجمعية، فضلاً عن انعقاد الجمعيات العمومية لمناقشة التقارير المالية والمحاسبية والإدارية والتصويت عليها من قِبل أعضاء الجمعيات العمومية.
وتشهد المناطق حملات وصولات وجولات للمرشحين وتكتيكات انتخابية، من أجل الظفر والفوز بمقاعد مجلس إدارة الجمعية، وسط حالة من الانتظار لما ستسفر عنه نتائج هذه الانتخابات التي ستنتج 9 أعضاء جدد لمجلس إدارة الجمعية وفق التطبيق الأول لقانون التعاون الجديد.
انتخابات جمعية الروضة
حملت انتخابات جمعية الروضة وحولي التعاونية تغييرا جذريا في المناصب لأعضاء مجلس الإدارة، حيث فقد الأعضاء المنتمون لتيار الإخوان والمحسوبون عليهم المناصب القيادية فيها.
وكان واضحاً من خلال المتابعة الدقيقة لمجريات الأمور، أن هناك رغبة في التغيير نحو تيار جديد وبعيد عن تيار الإخوان.
منذ سنوات بدأت توجهات مختلفة بتوحيد جهودها، من أجل إبعاد جمعية الروضة وحولي التعاونية عن أي قيادة تحمل فكراً دينياً أو طائفياً أو فئوياً، حيث تشكل تجمع الـ 29 (وذلك نسبة إلى عدد الدواوين المنضمة لهذا التجمع)، الذي يهدف بشكل أساسي إلى ابعاد الفكر المسيطر عن الجمعية، من دون أن يرتبط بأي انتخابات أخرى.
وبدأ تشكيل أول قائمة منافسة لانتخابات الجمعية، وكانت قاب قوسين أو أدنى من النجاح، وهنا استشعر الإخوان ضرورة التحرُّك لمواجهة هذا النشاط، وقاموا بكسب ود البعض والتأثير على البعض الآخر، من خلال دعم البعض بانضمامه إلى قائمتهم، من أجل ضمان استمرار سيطرتهم على مجلس إدارة جمعية الروضة وحولي التعاونية، لما يملكه هذا الموقع من تأثير على مواقع أخرى مهمة.
ارتفع حماس ونشاط تجمع دواوين الـ 29 إلى جانب المستقلين، وعزمهم على المضي في تحقيق هدفهم، والمبدأ الذي انطلقوا منه، واستطاعت قائمة الـ 29 تحقيق تقدم ملفت للنظر في الانتخابات السابقة (التي سبقت هذه الانتخابات، قبل القانون الجديد) عندما فاز بمقعدين مقابل مقعد واحد للقائمة الأخرى.
القانون الجديد
جاء قانون التعاون الجديد وانتخابات مجلس إدارة بعدده الكامل (9 أعضاء)، ليفتح باب التغيير للمجلس، لأنه من الصعوبة أن يقوم أي تجمع بدعم تسعة أعضاء أو حتى خمسة.
وللتحضير للانتخابات التي أقيمت في 12 مارس، قام تجمع الـ 29 بدعم ثلاثة مرشحين ودخول مرشحين مستقلين، وكل هؤلاء في مقابل مرشحي تيار الإخوان، وقام هؤلاء بجولاتهم وتكتيكاتهم الانتخابية.
وأسفرت النتائج عن نجاح اثنين من القائمة المدعومة من الـ 29، ونجاح ثلاثة مستقلين بعضهم مقرَّب من الـ 29، مقابل ثلاثة من الأعضاء المنضوين للإخوان، وهو ما أفقد قائمة الإخوان المناصب القيادية لمجلس إدارة الجمعية، والتي صارت من نصيب الأغلبية المعارضة للمجلس السابق والمعارضة لتوجهاتها وفكرها.
ولابد من الإشارة هنا إلى ما حدث في الجمعية العمومية التي أقيمت يوم 11 مارس، اليوم الذي سبق الانتخابات، فقد حاز مكتب التدقيق للسيدة فاطمة صقر الرشود (ابنة منطقة الروضة) غالبية أصوات الجمعية العمومية، أي خسارة التدقيق التابع للمجلس السابق، وهذه كانت بمنزلة بداية لنهاية سيطرة تيار الإخوان، ودليل على رغبة الجمعية العمومية للتغيير.
والآن، يوجد مجلس جديد لجمعية الروضة وحوّلي التعاونية، ونأمل أن يثبت كفاءة دمائة الجديدة، فالجمعية تعد من أكبر الجمعيات التعاونية في الكويت، وتضم منطقتين هما الروضة وحولي، ولديها موارد مالية ضخمة، وتساهم بالعديد من الإنشاءات والخدمات.
ونتمنى أن تتميز الجمعية بالتجانس والتكاتف، وتنبذ الخلاف، وترفض الإقصاء، وأن تعمل بروح الفريق الواحد، من أجل المصلحة العامة ، وأن تتضافر جهودها، حتى تكون عضوا فاعلا ومنتجا، وأن ترعى مصالح الأهالي وتحقق أهدافها في خدمة مجتمعها، وأن تضع في اعتبارها أنها ستكون هي أيضا تحت مجهر الرقابة والمحاسبة من جانب أهالي وأبناء المنطقة، وكذلك من جانب المهتمين والمراقبين.


