
كتب محرر الشؤون العربية:
هو ليس من دون مقدمات الهجوم القوي الذي شنه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على محمد دحلان خلال جلسة المجلس الثوري لمنظمة فتح.. فقد وجه إليه وأمام الحاضرين من أعضاء المجلس عدة اتهامات، أو بالأحرى إدانات كبيرة بالضلوع في تصفية صلاح شحاتة مؤسس الجهاز العسكري لحركة حماس في غزة، وقياديين آخرين من كوادر لتنظيمات فلسطينية.. وأن يديه كانت طولى في عملية تسميم الرئيس السابق ياسر عرفات، وأنه اختلس من صندوق الاستثمار الفلسطيني ما يقارب الـ 200 مليون دولار.. فقد كانت هناك مقدمات لهذا الهجوم الكبير من أبومازن ضد دحلان مسؤول الأمن الوقائي الفلسطيني في السابق، قبل أن يُطرد من المنظمة الفلسطينية (فتح) ومن السلطة الفلسطينية.. فقد تم إيقاف رواتب عدد من العاملين الفلسطينيين في السلطة من المحسوبين على دحلان، كما جرى إيفاد وفد فلسطيني لقطاع غزة برئاسة د.نبيل شعث، للتباحث بأمر المصالحة الفلسطينية في الوقت ذاته لقطع التحرك الذي باشره دحلان في قطاع غزة مع حركة حماس.. وأيضا أتت هذه الاتهامات أو الإدانات بعد الاجتماع شبه الرسمي الذي عقده محمد دحلان مع المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع المصري.. قبلها سرت أخبار عن اجتماع عقد بين دحلان وأحد القادة الأمنيين الإسرائيليين في مكان إقامته في أبوظبي.. هي ليست المرة الأولى التي يحدث فيها نزاع أو تناحر ما بين أطراف في منظمة فتح أو السلطة الفلسطينية عامة، كما أنها ليست المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن اختلاسات مالية يقوم بها قياديون من منظمة فتح، أو ضلوع بعضهم بعلاقات ما مع أطراف إسرائيلية من الناحية الأمنية، ولكن يبدو أن هناك عدة ارتباطات تجري ما بين أطراف عربية، ممثلة ببعض الأنظمة، وقيادات من السلطة الفلسطينية، وعلى رأسهم محمد دحلان، بقصد ترتيب التجهيز ليكون دحلان بديلاً عن أبومازن، في حال رحليه أو ترحيله من السلطة الفلسطينية.
يتعرَّض محمود عباس لضغوط قوية من مختلف الاتجاهات، عربية وأميركية، للقبول بالإملاءات الإسرائيلية، وهذا ما دعا إلى إصدار بيان من السلطة الفلسطينية ومنظمة فتح لتأييده في وقوفه ضد هذه الضغوط منذ شهر، بعد توقف المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية، وبعد أن قاربت مهلة التسعة أشهر التي حددها وزير الخارجية الأميركي للانتهاء من المفاوضات والوصول إلى إطار الاتفاق، وقد قاربت هذه المهلة على الانتهاء بحلول نهاية شهر أبريل المقبل.. أمام ذلك تأتي تحركات دحلان، بأمواله التي لايزال يمتلكها أو بما يُغدق عليه من أموال أو عن طريق الأطر العربية الأخرى.. فكلنا يعرف العلاقة التي تميزت أخيرا بين الإمارات ومصر بالزيارات والهبات، ومنها تأتي المساعي للاستقبالات والتشاور بين دحلان مع أطراف مصرية نافذة.. هي عملية مترابطة ما بين الأموال والعلاقات!
في هذا الإطار الواسع أتى هجوم أبومازن وسط اجتماع المجلس الثوري لحركة فتح ليس محدداً بالإطار الفلسطيني لتسيير الأمور بسلاسة وحل المشاكل بيسر، بل بإطار عربي ودولي، والأيادي الإسرائيلية ليست بعيدة عنها، بعد أن ظهرت علانية علاقات بعض الأطراف الرسمية العربية مع إسرائيل، حيث غدت وزيرة الخارجية الإسرائيلة السابقة والمسؤولة عن المفاوضات حاليا تسيبي ليفني صديقة لبعض المسؤولين الرسميين العرب وتُستقبل بابتسامة واسعة من قبلهم.