كتب محرر الشؤون المحلية:
أول مشهد عند نقطة الحدود الفرنسية – السويسرية مركبة أمامنا ورجل الأمن الحدودي يتحدَّث مع صاحبها، ويلوّح له بيديه.. وكان علينا التوقف خلف المركبة، بانتظار التفتيش، حتى ينهي رجل الأمن حديثه مع صاحبها. تواردت في أذهاننا صور الحدود العربية في ما بينها عندما يمر الراكب من خلالها.. ويبدو أن العدوى انتقلت إليهم، ولابد من الصبر والتوثب للرد على أي استفسارات يريدها.. مع قدر من الوقت بالانتظار يغادر من كان بالأمام، ويصل رجل الأمن إلى المركبة، ملقيا تحية الصباح، مستفسراً عن سبب التوقف.. الإجابة أننا رأينا السيارة التي أمامنا متوقفة، وأخذنا الطابور حتى يأتي دورنا.. فأجاب بكل بساطة، أن من كان متوقفا قبلنا يريد معرفة طريق ومكان ما وشرح له كيفية الوصول لمراده، ولم يكن هناك داع لأن نتعطل ونقف خلفه، وأمرنا بالدخول من دون أوراق أو جوازات سفر، مستغربا توقفنا، لأن آخر قد توقف قبلنا لمراد يريده ليس له علاقة بتفتيش أو تقديم أوراق ثبوتية.
غادرنا نقطة الحدود، واستمرت صور الحدود العربية في أذهاننا، فهي عالقة مع الزمن، وتتجدد دائما، حتى لو غطاها الغبار أو النسيان.
نقطة حدود خليجية
المشهد الآخر أيضا نقطة حدود خليجية مشتركة.. ألواح كونكريتية ضخمة على شكل تعرجات، تتخللها مطبات بارتفاعات متفاوتة، لنصل إلى أول شباك ونلقي السلام والرد بنوع من التمتمة، لا تعرف منها هل أعاد السلام أم يمضغ قطعة لبان.. تنهي ختم الجواز، وتحصل على الأوراق، وتتوجه إلى مصاطب الجمارك، وعليك النزول من المركبة وفتح صندوق السيارة.. وأحيانا يشتد الزحام ويتكاثر الركاب وتتعطل عملية التفتيش، حتى لو كانت مركبتك خالية من الأمتعة.. تنهي الإجراءات الرسمية، وعليك عدم احتساب الوقت، فلا وزن للوقت ولا تأفف أو امتعاض أو أي تلميحة بعدم الرضا.. هل تم الانتهاء من الإجراءات؟ ليس بعد..! عليك القيام بالتأمين على المركبة، حتى لو كان وجودك في المنطقة الأخرى يقل عن الساعة، لا يمكن الخروج إلا بعد إجراءات التأمين على المركبة، مهما كانت المدة التي ستقضيها في الطرف الآخر، والويل إن كان كمبيوتر الشركة معطلاً أو أصابه خلل، فسيتم عمل إجراءات التأمين يدوياً، وتعبئة النماذج بالقلم، ما سيسبب تزاحما وفوضى.
بعد مرور 30 عاماً على إنشاء هذا المجلس، لم يتم بعد توحيد التأمين في ما بين الشركات.. على الأقل وحدوا التأمين قبل العملة أو الاتحاد، كما تم التبشير به منذ أيام! تنهي الإجراءات مع ورقة التأمين، وتمر ما بين الحواجز الأسمنتية، وأخيراً تقف أمام عسكري يدقق على الأوراق، وأهمها ورقة التأمين.. وهكذا فرجت أخيراً، ونكرر بضرورة عدم احتساب الوقت أو التعطيل الذي عانيته.. ولاتزال الأمور على حالها.
لقطة جماعية
المشهد الثالث.. يتضاحكون ويجتمعون ويبتسمون للكاميرا للقطة جماعية تجمعهم ويصدرون البيانات بمختلف مستويات درجاتها.. اجتماعات متكررة، وضحكات وابتسامات تصاحبها مودة وحب في ما بينهم، والصورة تظهر اتكاء أحدهم على مرفق الآخر.. يا للعطف والإنسانية!.. لا نعلم ما يدور، وبعدها وقبل إسدال الستارة يتم السحب وتتوتر الأجواء وتضيع الابتسامات.. وبالتبعية الضحكات، ولا نعلم ما دار أو ما يدور، فنحن شعوب علينا «السمع والطاعة»، لا سؤال، حتى لو لم يكن يحمل علامة استفهام أو تعجب من باب التمويه.. هؤلاء رعية ليس من شأنهم معرفة الأسباب أو حتى سبب واحد، وليس من حقهم مناقشة ما يدور أو مساءلة المسؤول عن هذه الخطوة.. فالرعية عليها تقبّل الابتسامات والضحكات واللقاءات.. نوع من التلقي من دون استفسار أو مساءلة.
انتهت المشاهد الثلاثة، ولايزال مشهد التعاون الخليجي قائما.. ولايزال التعامل على حاله بمعاملة المواطنين كرعايا لهم حق الأكل والشرب والنوم.. أما الاستفسار ومعرفة ما يدور والمساهمة بالشأن العام، فهذا ليس من صلاحياتهم!