نتنياهو يطرح رؤية جديدة لتضليل الرأي العام الأميركي

تناولت صحيفة نيويورك تايمز مسألة محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وقالت في تعليق بقلم مارك لاندلر نشرته في عددها بتاريخ الرابع من الشهر الجاري، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبعد يوم على اجتماعه مع الرئيس باراك أوباما، طرح خطوة حماسية نحو اتفاق سلام مع الفلسطينيين، قال إنها سوف تمكن إسرائيل من تقوية علاقاتها مع جيرانها العرب «وتدفع المنطقة نحو» قضايا مثل الصحة والطاقة والتعليم.

وتحدث نتنياهو في خطاب أمام لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية التي تعرف باسم «ايباك» والمؤيدة لإسرائيل عن «إمكانية تحسين حياة المئات من الملايين، ونحن كلنا لدينا الكثير لنكسبه من السلام».

وقال التعليق إن نتنياهو تكلم عن العمل، لوضع اتفاق سلام «خلال الأيام والأسابيع المقبلة»، مشيراً إلى أنه استمع على الأقل إلى طلب الرئيس أوباما من الجانبين الانضمام إلى اتفاق إطار عمل وضعه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وذلك بحلول نهاية شهر أبريل.

«وآمل أن تقف القيادة الفلسطينية إلى جانب إسرائيل والولايات المتحدة إزاء السلام والمصالحة والأمل».

ومضى التعليق إلى القول بأنها كانت رسالة تفاؤل من جانب زعيم إسرائيلي سبق له أن استخدم في الغالب ظهوره أمام هذا الحضور، من أجل سرد كل العوائق التي تقف في طريق اتفاقية سلام مع الفلسطينيين. ولكن نتنياهو حمّل أيضاً على حركة المقاطعة المتنامية التي تستهدف إسرائيل، وربط ذلك مع الفصول المظلمة من معاداة السامية في التاريخ.

وفي اجتماع في البيت الأبيض، وفق مسؤول أميركي رفيع، حث أوباما رئيس الوزراء الإسرائيلي بشدة على قبول إطار العمل المشار إليه الذي يمكن أن يحدد الشروط العامة المتعلقة بقضايا مثل أمن إسرائيل وحدود الدولة الفلسطينية المستقبلية ويسمح بتمديد المفاوضات التي تعود إلى ثمانية أشهر.

وقال ذلك المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن «الرئيس أوباما قال إنه يفهم وجود قضايا صعبة عندما تصل إلى النهاية. ولكن الاتفاقية سوف تشتمل على ما يكفي من الجوانب الجيدة بالنسبة إلى إسرائيل من أجل دعمه لها».

وأضاف المسؤول الأميركي إن نتنياهو أبلغ أوباما «أنهم يضغطون إزاء قضايا صعبة جداً بالنسبة إلى إسرائيل»، ولكن بخلاف الاجتماعات السابقة بين الرجلين، التي اختلفا خلالها حول إيران والمستوطنات، فقد تحدث عن وجود قدر قليل من التوتر.

وأشار التعليق إلى أن الاجتماع كان غير عادي أيضاً، لأن عملية السلام في الشرق الأوسط هيمنت عليه، بدلاً من القضايا المتعلقة بإيران أو سوريا، وبعد تفويض وزير الخارجية جون كيري بمفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين عاد الرئيس أوباما إلى الانخراط في المحادثات، وسوف يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس في السابع عشر من الشهر الجاري، لحثه على الانضمام إلى إطار العمل المذكور.

وكان نتنياهو أغدق في خطابه الكثير من الثناء على جون كيري، باعتباره «وزير الخارجية الذي لاينام مطلقاً»، وهي إشادة هدفت إلى الرد على الإسرائيليين الذين انتقدوا جون كيري بسبب تحذيره من أن إسرائيل يمكن أن تصبح منبوذة إذا فشلت في تحقيق السلام مع الجانب الفلسطيني.

شجب جهود المقاطعة

ولكن على الرغم من ذلك، فقد تحدث نتنياهو بإسهاب لشجب حركة مقاطعة إسرائيل، التي حققت حضوراً في الآونة الأخيرة، مع قيام صندوق تقاعد هولندي بقطع العلاقات مع خمسة بنوك إسرائيلية، إضافة إلى تصويت جمعية الدراسات الأميركية على مقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية.

هذه الحركة، التي تعرف باسم المقاطعة والتجريد والعقوبات، كانت، كما قال نتنياهو، معادية للسامية، وسوف تخفق في منع شركات مثل «أبل» و«فيسبوك» و«غوغل» من إقامة فروع لها في إسرائيل.
كما أشاد نتنياهو أيضاً بالممثلة سكارلت جوهانسون، التي رفضت التخلي عن عقد مع شركة صودا ستريم الإسرائيلية التي تقوم بتشغيل معمل في مستوطنة يهودية في الضفة الغربية. وقد كلفها موقفها هذا منصب السفيرة العالمية لأوكسفام إنترناشنال التي اعترضت على إنشاء معمل صودا ستريم.

زخم المقاطعة

وقال القادة الفلسطينيون وآخرون من مؤيدي المقاطعة إن الوقت الذي كرَّسه رئيس الوزراء الإسرائيلي لها في خطابه يشير إلى إدراكه للزخم الذي ولدته في الآونة الأخيرة.

وقالت ربيكا فيلكومرسن المديرة التنفيذية للصوت اليهودي للسلام وهي منظمة أميركية وجزء من حركة المقاطعة في بيان إن رئيس الوزراء «يكثر من الاحتجاج، وتركيزه على الحركة يظهر مدى ما تحققه من نمو وتشعر إسرائيل بالضغط عليها».

وأضافت فيلكومرسن وآخرون إن وصف الحركة بأنها معادية للسامية، هو تكتيك ترهيب يهدف إلى تحويل الانتباه عن سياسات إسرائيل، وخاصة احتلالها للضفة الغربية.

من جهته، قال عمر برغوتي الذي ساعد على تأسيس حركة المقاطعة في سنة 2005 إن خطاب نتنياهو كان «مزيجاً من التعصب الأعمى والنفاق رفع إلى المستوى التالي».
وأضاف في رسالة الكترونية أن «ذلك مثل وصف قائد في جيم كراو لمارتن لوثر كنغ بأنه عنصري».

وقال إن حركة المقاطعة والتجريد والعقوبات «ترفض بصورة قاطعة ومتساوقة معاداة السامية، كما ترفض القوانين والسياسات العنصرية الإسرائيلية».

كما قالت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، إن تركيز نتنياهو على المقاطعة «يعني أنه ينظر إليها بجدية».

وأضافت في مقابلة «إنه يتصرف بردة فعل هيستيرية، لأن هذه نقطة تحول، والناس يقولون طفح الكيل وأنت لا تستطيع الاستمرار في سحب الستار فوق العيون والقيام بدور الضحية».

ملف إيران

وإذا ابتعد نتنياهو عن العاطفة إزاء المقاطعة، فقد كان أكثر حذراً حول إيران، التي تهيمن في العادة على تلك الخطابات، وقد دعا إلى توجيه مزيد من الضغط على طهران، ولكنه لم يذكر مسودة قانون تدعمها «إيباك»، لفرض عقوبات جديدة، والتي يعارضها أوباما، وتعثرت في مجلس الشيوخ الأميركي.

وطالب نتنياهو الذي يتطلع إلى الجولة التالية من المحادثات النووية مع إيران بأن تدعو أي اتفاقية نووية مع طهران إلى تفكيك مفاعل الماء الثقيل في أراك، والتخلي عن كل الأجهزة النابذة، وإزالة كل مخزونها من اليورانيوم المخصب. وخلص نتنياهو إلى القول بأن برنامج إيران النووي إذا كان يبدو مثل بطة، ويسير مثل بطة ويصيح مثل بطة، فإنها «بطة نووية».

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.