
حوار هازار يتيم:
اختار خالد الجاسر أن يجمع مقتنياته من العملات والطوابع والصور والرخص والوثائق والنوادر من القطع الأنتيك التاريخية، ليحولها إلى بانوراما للعرض المتحفي برؤية فنية متميزة.. دفعه عشقه إلى جمع كل ما يخص بعض الحقب التاريخية، من عملات وطوابع، يرى فيها خير دليل على شكل الحكم وطريقة عيش تلك الشعوب.
كانت هواية جمع الطوابع هي التي أدخلت الجاسر هذا العالم السحري، ودفعته لعرضها أمام الجمهور، من خلال مشاركته في معرض «كويتي وأفتخر» الذي كان يرى فيه طوق النجاة للشباب، لكنه على أرض الواقع اكتشف أن هدف منظميه استثماري بحت، ولا يمت لدعم الشباب بصلة.
«الطليعة» التقت خالد، وأجرت معه الحوار التالي:
● كيف بدأت هذه الهواية معك؟
– منذ الصغر، حيث كنت أجمع الطوابع والعملات من كل بلد زرته، وكل ما أقتنيه منذ الصغر ليس له قيمة مادية تذكر، ولكن له قيمة معنوية كبيرة بالنسبة لي.
● ما حصيلة مقتنياتك؟
– من أهم مقتنياتي، وهي ليست للبيع، ما أقتنيه عن الدولة المصرية من طوابع وعملات ووثائق.. إلخ، وهي مجموعة أعمل على تكملتها، لتوثيق تاريخ أهم وأقدم دولة عربية، وهي مصر.. أما بالنسبة لمقتنياتي الأخرى، فمعظمها للبيع للهواة، مع حرصي الدائم على توفير هذه التحف بأقل الأسعار الممكنة.
حب المعرفة
● ما الهدف من جمع الأشياء القديمة؟ ولماذا يهتم الكثيرون حول العالم بجمع العملات الورقية والمعدنية والطوابع البريدية؟ وما العامل المشترك بينهم؟
– أعتقد بأنه حب المعرفة، حيث إن لكل عملة أو طابع بريدي هدفا أو قصة من ورائها، فالعملات تدلنا على الكثير من خفايا التاريخ عن مكان إصدارها، كالحالة الاقتصادية لذاك المكان أو الزمان، فكثيراً ما نجد العملة نفسها لمكان ما بأوزان مختلفة، من الذهب أو الفضة أو النحاس، حيث كانت السلطات ومنذ قدم الزمان وحتى الآن تقلل من وزن المعدن المتداول بنفس القيمة الاسمية للعملة في وقت الأزمات الاقتصادية، تماماً كما تفعل بعض الدول الآن، حين تطبع المزيد من العملات الورقية بمقدار أكثر من حاجة السوق، ما يؤدي إلى التضخم الاقتصادي، وفقدان العملة الكثير من قيمتها، كما تحكي العملات الكثير عن نظام الحكم والمعتقدات أو الديانات التي مورست في ذاك العهد، فمثلاً نجد العملات الرومانية مصكوكا عليها صور الآلهة الذين كانت تتم عبادتهم من جهة، ومن جهة أخرى نجد صورة الحاكم واسمه، والعام الذي حكم فيه، وكل ذلك يعد دليلاً مادياً على ما كُتب عن هذا الحاكم أو ذاك، أي باختصار هي شاهد على التاريخ، وكذلك طوابع البريد، فهي تكرم شخصيات، وتدون قصصاً، وتحتفل بذكريات، وتخلد مناسبات من خلال طبع هذه المعلومات على الطابع نفسه.
●علام تتوقف قيمة الشيء القديم الذي تقتنيه؟
– تتوقف القيمة المادية على ندرة الشيء.. أما القيمة التاريخية أو المعنوية، فتعتمد على مطابقة الشاهد على التاريخ الملموس، أي التوافق المادي مع ما كتب عن هذه الحقبة التاريخية.
● حدثنا أكثر عن مقتنياتك؟
– من الممكن تصنيف مقتنياتي إلى قسمين، الأول هو عملي الدؤوب على توثيق حقب معينة للدولة المصرية، والقسم الثاني يمكن وصفه بالاستثماري، حيث إن سبب شرائي لها، هو بيعها للهواة بأرخص الأسعار الممكنة.
● إلى أي مدى يمكن وصف هذه الهواية بالمكلفة؟
– مكلفة جداً.
● هل فكرت في الاستثمار في هذا المجال؟
– من الممكن اعتبار كل فلس دفع لاقتناء النوادرهو استثماري، بالإضافة إلى متعة الاقتناء، حيث إن أسعار التحف والمقتنيات الأخرى، مثل العملات الورقية والمعدنية دائمة الارتفاع وبشكل سريع وشبه يومي.
هواية ثقافية
● يقال إن هواية جمع المقتنيات ثقافة.. فكيف ذلك؟
– بالطبع، هي إحدى أغنى الثقافات، حيث إن الهاوي يجمع قطعاً تعد شاهدة على التاريخ، قد تثبت أو تنفي حدثاً تاريخياً ما، وهذه الثقافة نجدها متجلية بقيمتها بالمتاحف العالمية، حيث يذهب الملايين لزيارة تلك المتاحف، للتعرف على تاريخ ما، من خلال القطع المعروضة، فضلاً عن أهميتها السياسية، ولنا بالكيان الصهيوني عبرة، حيث يقوم بطمس الآثار أو القطع الإسلامية، ويبرز القطع اليهودية، لإثبات أحقيته بفلسطين المحتلة.
● ما أغرب وأثمن الأشياء التي تقتنيها؟
يمكن وصف كل مقتنياتي بالنادرة أو الغريبة، ويمكن أيضاً وصفها بالثمينة، لقيمتها التاريخية، أما عن أثمن قطعة أمتلكها مادياً، فهي بلا شك ثاني ضرب لعملة إسلامية، وهو دينار أموي من الذهب.
حرفة وتجارة
● ما موقف الأسرة من هذه الهواية؟ وماذا عن أصدقائك؟
– هم الذين شجعوني على البدء بالتجارة بما أهوى وأعشق.
● ماذا أضافت لك هذه الهواية؟
– حين أصبحت الهواية حرفة تعرَّفت على الكثير من خبايا التاريخ، حيث بدأت القراءة والبحث والتمحيص عن كل قطعة أمتلكها أو أنوي شراءها، فضلاً عن العلاقات التجارية الأخوية التي تمكنت من الوصول إليها.
● كيف استطعت تنمية هذ الهواية؟
– مادياً، استطعت اقتناء معظم ما أمتلك من دخلي أو راتبي الشهري الذي أحصل عليه من عملي.. أما بالنسبة لتنمية هذه الهواية، علمياً، فقد اقتنيت العديد من الكتب التي أثرتني بمعلومات قيمة.
● ما شعورك عندما تجلس بين مقتنياتك؟
– أشعر بأنني أجلس مع التاريخ، وأعيش تلك الحقب الزمنية التي لم أتواجد فيها.
«كويتي وأفتخر»
● حدثنا عن مشاركتك في «كويتي وأفتحر».. وهل هي المشاركة الأولى لك؟
– هي المشاركة الأولى لي، ولاحظت أن مشروع «كويتي وأفتخر» هو مشروع استثماري، وليس مشروعاً لدعم الشباب، فإيجارات المواقع بقرية «كويتي وأفتخر» باهظة الثمن، ولا يمكن لأي شاب لديه حرفة أو موهبة أن يستطيع دفع تلك الأموال لاستئجار مكان بالقرية، وبالتالي، لا يمكن وصف المشروع بمشروع دعم للشباب، بل إنه مشروع تجاري مربح لمنظميه.
ومن المضحك المبكي أنني دائماً كنت أضرب مثلاً لأصدقائي وهو أنه «لو كان الملياردير بيل غيتس مخترع برنامج مايكروسوفت في الكويت لسجن، حيث إنه بدأ مشروعه بكراج البيت، وقام ببيع منتجاته للشركات الكبرى من دون أي ترخيص تجاري»، وهذا ما يعد جريمة يعاقب عليها القانون الكويتي!
كنت أظن أن المشاريع التي رفعت شعار دعم الشباب وحرفهم، مثل مشروع «كويتي وأفتخر»، لا يُطلب من المشاركين أي ترخيص تجاري بديل، أو على الأقل تكون خطوة إلى الأمام في الطريق لإعادة هيكلة اقتصاد الدولة المهترئ، ولكن للأسف لا أرى ذلك، بل بت على يقين بأن الإصلاح الاقتصادي، وإعادة هيكلته بالكامل لن يرى النور من غير إصلاح سياسي كامل وجذري.
وبالنسبة للدولة، فليست هناك جدية بكل ما تتفوه به الإدارة الحالية، حيث لم نسمع عن حاضنات تكنولوجية أو تجارية أو صناعية، كتلك الموجودة بكل دولة مهتمة بتنمية أهم مورد لها، وهو المورد البشري.