
كتبت شيخة البهاويد:
أعاد النائب محمد طنا اقتراحا بقانون للحقوق المدنية والاجتماعية لغير محددي الجنسية، بعد أن حصل على تأييد أربعة نواب آخرين، لإسباغ صفة الاستعجال على الاقتراح، وعرضه على لجنة غير محددي الجنسية في مجلس الأمة، لتتمكن من إصدار تقريرها بخصوصه وتقديمه للمجلس بصفة مستعجلة.
ولم تألُ اللجنة جهداً، حيث أعلن مقررها النائب عسكر العنزي عن الانتهاء من إعداد التقرير حول الاقتراح بقانون، وسيتم رفعه لمجلس الأمة للتصويت عليه.
وجاء نص القانون كالآتي:
مادة أولى: يحدد مسمى «غير محدد الجنسية» أمام خانة الجنسية لكل من المسجلين في اللجنة التنفيذية للمقيمين بصورة غير قانونية أو اللجنة العليا للجنسية بمجلس الوزراء أو مكتب الشهيد، وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع، بشرط أن يكون الفرع مولوداً أو مقيماً بدولة الكويت، ويعتمد هذا المسمى دون سواه في جميع دوائر الدولة والهيئات والجهات التابعة لها.
مادة ثانية: يصدر لكل من يدرج اسمه تحت مسمى غير محدد الجنسية تبعاً للمادة السابقة بطاقة مدنية صالحة لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد وتحمل رقما مدنيا خاصا به، وتعتمد في كافة وزارات الدولة والجهات الرسمية التابعة لها دون الرجوع إلى أي جهة أخرى أثناء فترة سريانها، ويحق له بموجبها الحصول على المستندات التي تكفل حقوقه المدنية والقانونية ومنها على وجه الخصوص:
– الإقامة الدائمة في دولة الكويت.
– العلاج المجاني في جميع تخصصاته ومتطلباته والدواء ورعاية المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة.
– التعليم المجاني في جميع المراحل الدراسية، إضافة إلى مراحل التعليم العالي، وفقاً لنظم وقواعد القبول الخاصة بها.
– إصدار شهادات الميلاد.
– إصدار شهادات الوفاة.
– تحرير وتوثيق عقود الزواج والطلاق والوصية وحصر الإرث وجميع ما يتعلق بالأحوال الشخصية.
– إصدار رخص القيادة بجميع أنواعها.
– إصدار جوازات للسفر والتنقل إلى خارج البلاد والعودة.
– الحق في التقاعد وصرف المستحقات ومكافأة نهاية الخدمة في القطاعين الحكومي والخاص.
– الحق في اختيار العمل في القطاعين العام والخاص.
– الحق في التملك بصورة فردية أو بالاشتراك مع الغير.
– الحق في اللجوء إلى المحاكم المختصة.
مادة ثالثة: يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القانون.
من ذلك يتضح أن القانون يكفل كافة الحقوق المعيشية الإنسانية للأفراد من غير محددي الجنسية عدا الحصول على الجنسية الكويتية.
«الطليعة» استطلعت آراء بعض المدافعين عن حقوق الإنسان في الكويت حول هذا القانون، وفي ما يلي التفاصيل:
في البداية، قال الناشط الحقوقي فلاح الثويني، عضو مجموعة 29، المدافعة عن حقوق عديمي الجنسية في الكويت، والتي ساهمت في تقديم هذا القانون ضمن مشروع الهيئة الوطنية لعديمي الجنسية: «لا يخفى أن قضية البدون من أكبر وأطول الملفات انتهاكاً في ملف الكويت، سواء في الحرمان من الحق في التجنيس أو الحق المدني والإنساني والاجتماعي والاقتصادي أو في العزل الممنهج للكويتيين البدون، فهم لا يسكنون ولا يتعلمون ولا يعملون مع الكويتيين منذ عام 1986 وحتى يومنا هذا، وكانت الحلول المقترحة إما غير جادة وإما انها غير شاملة أو لا يتم تبنيها بشكل منهجي مدروس يعالج المشكلة من الجذور ويحقق متطلبات إيفاء الكويت بالتزاماتها الدولية والانسجام مع مبادئ الدستور والمعايير الإنسانية العالمية، فكانت رؤية الهيئة الوطنية لعديمي الجنسية تتمحور في ثلاثة محاور رئيسة، تشمل محور التجنيس ومحور الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية ومحور الاندماج، وهي محاور متوازية، فلا ينتظر أحد المحاور الآخر حتى يتحقق، بل السعي يكون متوازيا لتحقيقها جميعا، وملخص الرؤية أن عذر الحكومة في بحث استحقاق أطراف من دون سواها للتجنيس من الكويتيين البدون يجب ألا يعني الحرمان من الحقوق الإنسانية وباقي الحقوق أو الاندماج مع المجتمع الكويتي في مدارسه الحكومية أو العمل معه في ذات القطاعات المختلفة، لذلك كان التنسيق مع أعضاء المجلس لاقتراح قانون الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية وتوقيعه من خمسة نواب، ليحمل صفة الاستعجال، فالهدر في حقوق الناس وكراماتهم ينبغي عدم التواني فيه وتوقيعه من خمسة نواب يمثلون مختلف شرائح المجتمع ما هو إلا رسالة جادة للحكومة بضرورة إقرار هذا القانون.
الحاجة للقانون
وأضاف: ولربما قال قائل ما الحاجة لقانون وبعض الحقوق تم منحها كمزايا من الجهاز المركزي؟ والجواب يجب تصويب الأمور، فهذا القانون يثبت أنها حقوق مستحقة وليست منحة، وثانيا كي لا يبقى البدون تحت رحمة مزاجية الأجهزة الحكومية في ما يتعلق بالحقوق والقرارات، بل بقانون ملزم للحكومة يتيح استجواب الوزير المسؤول سياسيا عن تنفيذه.
ويجيب الثويني عن التساؤل الدائر عن عدم وضع جميع المحاور في قانون واحد بأن «كل مشاريع القوانين السابقة فشلت، لأنها خلطت الحقوق بالتجنيس، ودخلت في دهاليز اللعبة السياسية من احتساب من يقف مع القانون ومن هو ضده تحت قبة عبدالله السالم، فإذا كان هناك توافق على الحقوق فقد يكون التوافق أقل بخصوص التجنيس، ما يهدد بنسف المشروع، كسائر مشاريع القوانين السابقة، فلا نكون حققنا الحقوق ولا التجنيس.
فشل الجهاز المركزي
وأوضح الثويني أن مرور ثلاثة أعوام وشهور على مرسوم إنشاء الجهاز المركزي من دون تحقيق إنجاز ولّد اليأس في نفوس الكثير، وما نشاهده من تظاهرات هذه الأيام ما هو إلا دليل على فشل معالجة الجهاز لهذه القضية الشائكة.. لذلك، لابد من الإسراع في علاج المشكلة والضغط باتجاه إقرار الحقوق التي تأخر ردها لأصحابها لعقود طويلة.
من جانبها، أيَّدت المدافعة عن حقوق الإنسان الناشطة الحقوقية هديل بوقريص هذا القانون، موضحة أن «دولة الكويت انضمت إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بتاريخ 3 أبريل 1996 بموجب قانون رقم 11 لسنة 1996، والعهد الذي انضمت إليه الكويت لم يميز بين مواطن أو مقيم أو حتى عديم جنسية أو مقيم بصورة غير قانونية أو بدون، وتلك التسميات العديدة أطلقت على الكويتيين البدون طوال خمسين عاما مضت، ولا يزالون يعيشون تحت كل تلك المسميات، والغريب في الأمر أن الكويت كدولة من المفترض أن يكون لديها مستشارون يقرؤون تلك المعاهدات والاتفاقيات الدولية قبل الانضمام والتصديق عليها، إلا أن البروتوكول السياسي للدولة بشكل عام يتيح لتلك المعاهدات والاتفاقيات التوقيع والانضمام والتصديق من دون دراستها قبل الخوض بها.
وأضافت بوقريص: في دولة كالكويت، فيها عدد لا يستهان به من عديمي الجنسية أو البدون، يتم حرمان هذه الشريحة التي بلغت ما يزيد على 180 ألف إنسان من جميع الحقوق الإنسانية اللصيقة التي تولد مع الإنسان، وهي حقوق طبيعية، وكذلك الحقوق القانونية التي تصيغ له وجوده وكيانه كفرد في المجتمع، رغم أن الشرعنة الدولية المتمثلة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أخذ دستور دولة الكويت منه معظم نصوصه، ومنذ كتبنا الدستور وحتى يومنا هذا نقوم بحرمانهم من أبسط حقوقهم بتمييز واضح ضد هويتهم التي لم نعطهم حتى اسما ثابتا لها، وهذا يدل على تخبطنا وأخذهم إلى طريق مبهم لا أمان ولا استقرار فيه، وهو يتنافى مع الطبيعة الإنسانية التي تميل إلى الأمان والاستقرار.
وأوضحت أن «الحقوق الإنسانية هي حقوق طبيعية، تكاملية، عالمية، شمولية، وغير قابلة للتصرُّف، وهذا يعني أن الوقوف عند حق الإنسان الكويتي البدون أو عديم الجنسية يجب ألا يمس تلك الخصائص، لنستطيع القول إننا حققنا ذلك فيه، وإلا عدنا إلى التمييز العنصري ضدهم، وهو أمر صادقت الكويت على عدم وقوعه فيها منذ 1 يوليو 1968، وهي الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، فحرمان البدون من تلك الحقوق الطبيعية المكتسبة أمر يتعارض مع كل ما انضمت وصادقت دولة الكويت عليه من اتفاقيات ومعاهدات، سواء اتفاقيات الطفل أو المرأه أو العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما ذكرت في السابق، فالبدون لا يزالون محرومين من الذوبان في هذا المجتمع، حتى عبر تأمين ضمان اجتماعي، كالوظيفة التي تكفل لهم العيش بكرامة، أو الانضمام إلى نواد وجمعيات نفع عام، كجمعية الصحافيين الكويتية، رغم أن الصحافة الكويتية تضم عددا كبيرا من البدون، إلا أنهم محرومون من الحصول على هوية لتمثيل الجمعية، كما أن رابطة الأدباء، على سبيل المثال، لا تقوم بقبول الأدباء البدون فيها، ومن المؤسف أن الأمثلة في المجتمع كثيرة في كافة المجالات، كالتعليم والصحة، وهنا أجد أن هذه المعلومات يجب ألا تكتب في التقارير حين مناقشة وضع دولة الكويت أمام مجلس حقوق الإنسان فحسب، بل إن هذه المعلومات ينبغي أن تنتشر في مجتمعنا الذي يجهل ما يعانيه هؤلاء الناس، الذين ولدوا وعاشوا بيننا، وسيموتون بيننا، لأنهم منا وليسوا غرباء أو دخلاء علينا، وأتمنى ألا نكون قد تأخرنا كثيرا منذ تاريخ الانضمام إلى هذا اليوم، وعلينا أن نبدأ بمحاسبة أنفسنا على كل هذا الوقت من دون التحرك لمنح هؤلاء حقوقهم.