كتب محرر الشؤون الاقتصادية:
هل الكويت بلد يصلح للسياحة؟ وهل يمكن أن تعتمد الكويت على السياحة كمصدر للدخل إضافة للنفط؟ وإذا كانت هناك سياحة قائمة بالفعل، فكيف يمكن تطويرها؟ وكثير من الأسئلة من هذا القبيل التي تتردد في الذهن بمجرد سماع الدعوات التي انطلقت، أخيرا، مطالبة بتحويل الكويت إلى مركز سياحي في المنطقة.
ففي الوقت الذي مازلنا نعيش فيه خيبة الأمل الكبيرة من الفشل الذريع في تحقيق ولو خطوة واحدة من التحول إلى «مركز مالي»، على الرغم من مرور ما يقرب من عقد من الزمن على انطلاق هذه الفكرة، خرجت علينا بعض الدعوات التي تطالب بتحويل الكويت إلى مركز للسياحة في المنطقة، ورافق ذلك تناثر أخبار تفيد بتوقيع وزارة التجارة والصناعة مطلع أكتوبر الماضي مناقصة بقيمة 300 الف دينار، من أجل وضع الخطط لتنفيذ الاستراتيجية السياحية في الكويت التي لا يعلم أي أحد على أي أسس يمكن أن تقوم هذه الاستراتيجية وما المقومات السياحية التي ترتكز عليها؟ وكيف يمكن أن تتحول الكويت إلى مركز سياحي، في ظل حالة الفشل المحبط التي نعيشها في كافة المجالات وليست الاقتصادية فقط؟!
مقومات متوافرة.. والإنجاز غائب
على الرغم من أن الكويت تتمتع فعلا بمقومات لو تم تطويرها والاستفادة منها، فإنها يمكن أن تتحول إلى مركز للسياحة في المنطقة، فهي تقع على الخليج العربي، ولديها شواطئ مميزة وجزر متنوعة المساحات، وتملك الفوائض المالية الكافية لتطوير هذه المناطق، وجعلها مواقع جذب سياحي، كما أنها تملك مقومات التحضر، كالانفتاح الحضاري والثقافي والاستقرار الأمني، فإن هذا «الحلم» يبدو بعيد المنال، بسبب معوقات عدة تحول دون تحقيق ازدهار سياحي في البلاد، على الأقل في السنوات القريبة، يأتي على رأسها عدم وجود الرغبة في الإنجاز وفقدان الأمل في تنفيذ المشاريع التنموية، ومن ضمنها المشاريع السياحة، ثم بعد ذلك تأتي المعوقات الأقل تأثيرا، مثل عدم وجود قانون ينظم القطاع السياحي في الكويت، وعدم توافر الأراضي للقطاع الخاص لإنشاء مشاريع سياحية وخدمية عليها.
وحتى الآن، لا ندري السر وراء إطلاق هذه الدعوات، وهل هذا الأمر مرتبط بالمناقصة التي وقعتها وزارة التجارة والصناعة أم إنه إعلان رسمي لفشل فكرة «المركز المالي»، والتحول إلى فكرة جديدة تدغدغ بها الحكومة مشاعر المواطن الذي أصابه الاحباط مما آلت اليه أوضاع البلاد؟ فالكل يعلم علم اليقين بأن القطاع السياحي في الكويت غير متطور، وأن الكويت غير جاذبة للسائح، سواء الداخلي أو الخارجي، وهذا ما أكده تقرير صادر عن مؤسسة «اكسفورد بيزنس جروب»، الذي بيَّن أن قطاع السفر والسياحة في الكويت لايزال بصفة عامة غير متطور، كما أن الكويت لا تتمتع بمناطق جذب سياحي مثل الدول المجاورة، وذلك على الرغم من بعض المؤشرات الايجابية التي أعلن عنها في هذا القطاع خلال الصيف الماضي، ومنها إدراج الجهاز الفني لدراسة المشروعات التنموية والمبادرات لتطوير المنتجعات والمرافق الترفيهية، وإنشاء حوض لمراسي السفن في جزيرة فيلكا، ضمن المشروعات ذات الأولوية، وافتتاح منتجعات 4 و5 نجوم بحلول 2015، لتحقيق معدل نمو سياحي بنسبة 3.6 في المائة سنويا حتى 2023.
في حين توقع المجلس العالمي للسفر والسياحة أن يبلغ عدد السياح إلى الكويت 331 الفا خلال العام الحالي، وهذا رقم هزيل جدا، مقارنة بنحو 7.9 ملايين زائر استقبلتهم دبي خلال الأشهر التسعة الماضية فقط.
غياب الرؤية الواضحة
وفي الشأن ذاته، جاء تقرير شركة «ليدرز غروب» للاستشارات، ليؤكد بدوره أن «قطاع السياحة في الكويت يواجه ضعف الميزانيات وروتينا قاتلا وبيروقراطية القرار، ولكن العامل الإيجابي أننا بدأنا نرى جهوداً مبذولة من القائمين على هذا القطاع، لكن، وبكل أسف، فإن هذه الجهود تبذل في ظل غياب الرؤية الواضحة لخطة عمل متكاملة تنهض به وتعيد للكويت مكانتها السياحية بين دول المنطقة»؟
ويرى التقرير أن واقع المشاريع السياحية الصغيرة في الكويت مرير، ولا يكاد يذكر، إذ إن عدد هذه المشاريع بلغ منذ عام 2007 إلى 2012 ما مجموعه 214 مشروعاً فقط، تمَّت الموافقة على 125 منها، تشمل مختلف القطاعات، وليس فقط المتعلق منها بالسياحة، في حين بلغ عدد المشاريع التي التي تم الموافقة عليها خلال عام 2012 نحو 41 مشروعاً، بمجموع رؤوس أموال مقدارها 7.9 ملايين دينار، مؤكدا أن جميع التوقعات تشير إلى تراجع نمو الاقتصاد الكويتي مع نهاية عام 2013، والذي يتوقع أن تبلغ نسبته 3.3 في المائة فقط، ما سينعكس على مختلف القطاعات، ومنها القطاع السياحي الذي لا يحظى إلا بحدود دنيا من النمو.
أما مجلة «كوندى ناست ترافلرز» الأميركية، فقد وضعت الكويت في المرتبة الخامسة عالمياً في تصنيفها لعام 2013، والخاص بالدول غير الجاذبة سياحياً، مثل باكستان وأنغولا وتوغو والرياض.
وأكدت المجلة أن «الكويت لا تملك المقومات السياحية أو أي من وسائل الترفيه سوى المطاعم والمجمعات التجارية لأغراض التسوق، وبالتالي يمكن اعتبارها ضمن الدول غير الجاذبة سياحيا»، موضحة أن الكويت لا تملك البنية التحتية المطلوبة لجذب السياح، إذ يغيب عنها كثير مما يتوافر في جارتها إمارة دبي على سبيل المثال.
أسباب التراجع
وقد لخصت معظم التقارير المعنية بالشأن السياحي الصادرة خلال الأعوام الماضية تردي الوضع السياحي في الكويت إلى جملة من الأسباب والمعوقات تقف حائلاً أمام تحقيق الازدهار السياحي في الكويت أهمها، عدم وجود قانون للسياحة ينظم القطاع السياحي ككل في الكويت، وخاصة أن الكويت تحتاج إلى تشريع ينظم أعمال ونشاطات قطاعات المطاعم والفنادق والمشاريع السياحية، وكذلك عدم وجود البنية الاساسية السياحية اللازمة لتنشيط هذا القطاع، بالإضافة إلى تردي البنية التحتية بشكل عام، والتي لا يمكنها تحمل أي زيادات إضافية في عدد السكان المقيمين حاليا على أرض الكويت، فمع أي زيادة في عدد قاطنيها تعاني اختناقات مرورية، وأزمة في الكهرباء والماء، وأزمة في المستشفيات، فالكويت لم تطور بنيتها التحتية منذ سنوات طوال، يضاف إلى كل ما سبق عدم وجود وزارة أو هيئة حكومية مستقلة للسياحة تكون مهمتها الأساسية تطوير هذا القطاع، وتسهيل الفيزا السياحية أمام الراغبين في القدوم بما يتناسب مع جعل الكويت دولة سياحية في المنطقة، وكذلك عدم توافر الأراضي للشركات لإنشاء مشاريع سياحية عليها، وتأخر الكويت سياحيا جعل من الصعب استقطاب سياح من الخارج حاليا، في ظل وجود العديد من الخيارات المتاحة أوالدول السياحية في المنطقة.
إنفاق متزايد
ونظراً لتأخر الكويت، سياحيا، وافتقارها المقومات السياحية والترفيهية الكافية، فإنها تفقد كل عام مليارات الدولارات التي تنفقها الأسر الكويتية على السياحة الخارجية في هروب جماعي خارج البلاد خلال فترات الاجازات، وقد توقع تقرير متخصص لشركات السياحة والسفر الكويتية صدر في أغسطس الماضي أن يصل حجم انفاق الأسر الكويتية إلى نحو 5.2 مليارات دولار خلال موسم الصيف الماضي، وذلك على الرغم من تأثر الموسم الماضي نسبياً بشهر رمضان المبارك، وتؤكد بيانات بنك الكويت المركزي أن ميزان المدفوعات على السفر ارتفع بنحو 36 في المائة بين 2010 و2013، أي أن المتوسط السنوي للنمو بلغ 18 في المائة، وتعد زيادات الرواتب خلال السنوات القليلة الماضية بمنزلة دافع إضافي للسفر ومحفز على زيادة الإنفاق على الترفيه والاستجمام والتسوق، ولاسيما خارج البلاد بالنسبة للغالبية العظمي من الأسر الكويتية.
وينقسم المسافرون إلى نوعين، الأول أصحاب الدخول العالية الذين يختارون أوروبا كوجهة أولى، والتي تعد مكلفة من حيث المعيشة، والثاني أصحاب الدخول المتوسطة، وهؤلاء كانوا يختارون دولا عربية أو شرق آسيوية، حتى جاءت الاضطرابات في الدول العربية والاحتجاجات في تركيا التي غيّرت وجهات الكثير من الكويتيين باتجاه دول شرق آسيا والدول الأوروبية.
انا اتفق مع هذا القول م اقول اي صح يعني احنا لي متى على هالحال لا سياحة ولا نظام