
حوار عزة عثمان:
أكد نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، نديم خوري، والباحثة المتخصصة في اليمن والكويت- قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بلقيس واللي، أن عملهما في المنظمة الدولية يعتمد في المرتبة الأولى على الزيارات الميدانية من قِبل الباحثين في المنظمة الذين يلتقون الأشخاص الضحايا، للتعرف على الانتهاكات التي يتعرضون لها، وشددا في لقاء مع «الطليعة» -على هامش المؤتمر الصحافي الذي عقد أخيرا في الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان لعرض التقرير العالمي 2013، على أن العاملين في المؤسسة يقومون بالتدقيق بالمعلومة من كافة المصادر قبل نشرها، واعتبرا أن عمل المؤسسة ليس مجرد انتقادات فقط، من دون فائدة، كما يقول البعض، مؤكدين أن عمل المنظمة غالبا لا يأتي بنتيجة فورية، ولكنه يأتي بثمار جيدة عقب عدة سنوات، مستشهدين في ذلك بعدة أمثلة، وبينا أن منظمة حقوق الإنسان ليست شرطة دولية لديها الحق في ملاحقة الدول المنتهكة لتلك الحقوق ومعاقباتها، ولكن ما يطبق على أي دولة هو الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها، وأكدا أن تقاريرهم ليست إلزامية، ولكن المعايير الدولية هي الإلزامية، في حين أن تسليط الضوء على الانتهاكات يزيد من كلفتها على الدول التي تقترفها، ولفتا إلى أن البلدان التي يعملون معها لا تتعاطى معهم في كل القضايا، وأن هناك قضايا لا ترد عليها، وقضايا أخرى تقدم الرد فورا مثل الكويت، التي ردت عليهم في شأن قضية البدون، ولكن هناك قضايا أخرى فضلت عدم التطرُّق إليها، وأخيرا عبَّرا عن أسفهما من أن حكم الإعدام لا يزال مستمرا في الكويت، معتبرانه مخيبا للأمال بالنسبة للمؤسسة، وفي ختام حوارهما، أكدا أنهم في المؤسسة ينظرون إلى الكويت على أنها كانت دائما تلعب دورا رائدا في مجال الحريات وحقوق الإنسان، وبالتالي جاءت هذه الانتقادات لتسمح للمجتمع المدني بتسليط الضوء عليها، حتى تلعب الكويت دورها في المستقبل، وتكون ساحة حقيقية لحرية التعبير، وخصوصا أن العالم العربي يشهد تشددا في هذه المسائل.
حول ما سبق دار الحوار التالي:
● ما الآليات التي يتم على أساسها إصدار تقارير منظمة هيومان رايتس ووتش؟
– آليات العمل التي تتبعها المنظمة في 90 بلدا حول العالم تعتمد في المرتبة الأولى على الزيارات الميدانية من قبل الباحثين في المنظمة ولقاء الأشخاص الضحايا، ومعرفة الانتهاكات التي تعرضوا لها، وبعدها نقوم بالتدقيق في المعلومة، من خلال عدة مصادر، ثم نرسل المعلومات للسلطات، ونسأل عن موقفها منها، ثم نتعرَّف على المعلومات التي لدى السلطات، وتريد أن تقولها أو توضحها لنقوم بنشرها.
استجابة الحكومات
● ما مدى استجابة الحكومات للرد على أسئلتكم وتوضيح ما تريدون الاستفسار عنه؟ وما أهم القضايا بالنسبة لكم؟
– يختلف هذا الموضوع طبعا من بلد لبلد، على الرغم من أن إطار حقوق الإنسان هي واجبات مؤكدة على كل الدول التي توقع على الاتفاقيات الدولية، ومنظومة حقوق الإنسان هي المسؤول الأول عن ذلك. وبالنسبة لاستجابة الحكومات، هناك بعض الدول مثل الكويت التي ترد على بعض الكتب الموجهة من قبلنا لها، وعلى الدراسات التي نقدمها، مثل موضوع الجهاز المركزي لموضوع البدون، حيث تمَّت الاستجابة لكتابنا، والرد علينا بكل وضوح، وهناك مواضيع أخرى مثل الحريات لم تتم الاستجابة ولم نتلق ردا، وهناك بلدان كثيرة أخرى في حالة استجابة تامة معنا في كل الموضوعات وتبادل المعلومات، وتعاط كبير معنا، ولكن أيضا هناك بعض الموضوعات لا تلقى تعاطيا حقيقيا معنا.
وتقدم المنظمة أحدث المعلومات عن الصراعات أوقات الأزمات – مثل شهادات اللاجئين – بهدف خلق رأي عام، ورد فعل دولي إزاء الحروب في العالم، كما تهتم المنظمة بقضايا العدالة الدولية، ومسؤولية الشركات العالمية، والحرية الأكاديمية، وأوضاع السجون، وحقوق الشاذين جنسياً، وأحوال اللاجئين، هذا إلى جانب الأهداف الرئيسة للمنظمة، وهي الدفاع عن حرية الفكر والتعبير والسعي لإقامة العدل والمساواة في الحماية القانونية، وبناء مجتمع مدني قوي، ومحاسبة الحكومات التي تنتهك حقوق الإنسان.
● هناك اتهام يوجه لكم من قِبل الكثيرين، بأنكم تركزون فقط على الانتقادات وليس على حقوق الإنسان، فكيف تردون؟
هدفنا في النهاية هو احترام حقوق الإنسان وحمايتها من أي ممارسة ضدها، وليس هدفنا أبدا هو فقط الانتقاد. نعم ننتقد، وهذا ضمن عملنا، وانتقادنا يكون علنا، ولكننا في النهاية نهدف لحماية حقوق الإنسان من الانتهاكات، وتسليط الضوء على أي وضع مخالف لتلك الحقوق كي يتحسن، وعملنا رصد في المقام الأول لمدى الحفاظ على حقوق الإنسان أو انتهاكها في أي دولة وفي أي مكان.
معاهدات دولية
● كثيرون يعتبرون أن عملكم لا جدوى منه، وأنه مجرد كلام ورصد وانتقاد ويتساءلون أين الفائدة من منظمة حقوق الإنسان.. فماذا تقولان؟
– الملزم بالنسبة للدول هي الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها وتعهدت بتطبيقها، والحرص على عدم الانتقاص منها، وهذه التعهدات التي وقعت عليها الدول ملزمة، وتقارير حقوق الإنسان قانون دولي وليس شرطة دولية، تقاريرنا ليست إلزامية، ولكن المعايير هي الإلزامية، ولا يمكن أن يجبر أحد هذه الدول على أن تطبق الاتفاقيات، ولكن تسليط الضوء على الانتهاكات تزيد كلفتها على الدول، لأنه لا يجب على أي أحد انتهاك حقوق الإنسان بأي شكل من الأشكال، أما قضية هل سينجح عملنا أو الفائدة منه، فعملنا لا يأتي غالبا بثماره بشكل فوري، ولكن في كثير من الأمور نجني ثمار عملنا وتتحقق الفائدة منه بعد عدة سنوات، فعلى سبيل المثال موضوع عاملات المنازل منذ عشر سنوات لم يكن هذا الموضوع ينال تعاطيا مجتمعيا، ولكن بعد رصدنا له وللانتهاكات التي تحدث للخدم، وتقديمنا الأبحاث والتقارير التي قمنا بها، أصبح هناك مجتمع مدني يطالب بتحسين وضعهم، وأصبحت هناك معاهدة دولية جديدة بخصوص الخدم، وهذا أخذ وقتا طويلا، وإن كنا لا نأخذ نتيجة مباشرة، فهذا لا يعني أنه لا أهمية ولا فائدة لعملنا، وأيضا مثال أخر على نتيجة عملنا، وهو القنابل العنقودية التي استخدمتها إسرائيل في جنوب لبنان، فقد أصبح الآن 105 بلدان من بلدان العالم موقعة على تحذير استخدام هذه القنابل في الحروب، وهذه بالنسبة لنا تعد خطوة للأمام، وأيضا خطوة مميزة جدا توقيع هذا العدد من الدول على هذا التحذير ورفض استخدام القنابل العنقودية رفضا تاما، وهذه إدانة واضحة لإسرائيل بإلقائها مثل هذه القنابل، وهناك تعهد مكتوب من قِبل الجيش الإسرائيلي بعدم استخدام القنابل الفسفورية أيضا.
قضايا الكويت
● ما أهم القضايا التي ترون أنه يجب معالجتها بشكل سريع في الكويت؟ وهل خاطبتم الحكومة بشأنها؟
– دعونا الحكومة الكويتية إلى السعي لحل أربع قضايا مهمة، أولاها قضايا سجناء الرأي، ونوضح هنا أن رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أكد في أحد المؤتمرات بالخارج أن الكويت لا يوجد بها سجناء رأي، في حين أن هناك تزايد لحالات انتهاك حرية التعبير، كما بحثنا القضايا المتعلقة بالتطاول على الذات الأميرية.
● وهل وجدتم استجابة لتلك الأمور؟ وهل هناك تحسن يُحسب للكويت؟
– سعدنا بقرار العفو الصادر من أمير البلاد، والخاص بـ«التطاول»، وفي الوقت ذاته نرى أن حرية التعبير في الكويت مازالت محدودة جدا، وعلى الكويت أن تلتزم المواثيق الدولية التي وقعت عليها، أبرزها اتفاقية حقوق الإنسان.
وما أثار استغرابنا، هو أن الحكومة الكويتية اعتبرت الدعوة لتغييرها انقلابا، علما بأن تلك الدعوات لم يكن بها عنف، لذلك لا تعد انقلابا، وخصوصا أن الاتفاقيات الدولية دعت إلى تغيير الحكومات، كما نرى أن سب الأديان لابد أن يقيد، طالما أنه لا يدعو إلى العنف.
حالة القضاء
● بالنسبة للقضاء الكويتي، ما القضايا التي ترون أنها يجب أن تتغير فيه؟ وماذا عن مطالباتكم بالنسبة للبدون؟
– ندعو القضاء الكويتي إلى تطبيق المعايير الدولية المتبعة في قضايا الرأي، وعلمنا أن هناك 106 آلاف من البدون خرجوا إلى الشارع للمطالبة بحقوقهم، وتمَّت ملاحقتهم في انتهاك صريح للقانون الدولي، في حين أن الحكومة أعلنت عن تجنيس 4 آلاف شخص ولم يتم تجنيس أحد.
وندعو الحكومة الكويتية أيضا إلى تجنيس كل من يولد من أطفال البدون على أرضها، والنظر في الإقامة القانونية لذويهم، وإعطائهم حقوقهم التي أقرت لهم ومنعتها العقبات الإدارية.
● وماذا عن أوضاع الوافدين؟
– الوضع لا يزال يتراجع بالنسبة إلى الوافدين في الخليج بشكل عام، وليس في الكويت فقط، وهذا التراجع يتزايد مع عدم وجود عقود عمل تتوافق مع القانون الدولي، وخاصة بالنسبة إلى العمالة المنزلية، وندعو الحكومات المصادقة على اتفاقية 2011 الخاصة بالعمالة المنزلية، كما ندعو إلى إلغاء نظام الكفيل، الذي يعرض العمالة الوافدة إلى الانتهاكات.
● ماذا يمثل حكم الإعدام الذي ينفذ في الكويت أو في أي دولة أخرى بالنسبة لمنظمة حقوق الإنسان؟
– للأسف، الأحكام بالإعدام لا تزال مستمرة في الكويت ويتم تنفيذها، وأخيرا تم تنفيذ الحكم على خمسة سجناء، وهذا «يثير خيبة الأمل» بالنسبة لنا.
● هل هناك ما يوجب ضرورة إلزام الكويت بما وقعت عليه من المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات العامة؟
– هذه الاتفاقيات ملزمة، ويجب تطبيقها طالما تم التوقيع عليها.
● هل انتقصت الانتقادات التي وجهتها منظمة حقوق الإنسان للكويت من مكانتها المعروفة لديكم؟
– لانزال ننظر إلى الكويت على أنها كانت دائما تلعب دورا رائدا في مجال الحريات وحقوق الإنسان، وبالتالي جاءت هذه الانتقادات لتسمح للمجتمع المدني بتسليط الضوء عليها حتى تلعب الكويت دورها في المستقبل، وتكون ساحة حقيقية لحرية التعبير، وخصوصا أن العالم العربي يشهد تشددا في هذه المسائل.