
بيروت- هازار يتيم:
كل شيء كان يبدو طبيعياً في مخيم عين الحلوة.. هذا على الأقل ما تلمسه عندما تسير في أزقته الضيقة، وتتحدث إلى قاطنيه.. هذا المخيم الذي يعد من أكبر مخيمات الجنوب، والذي بات يعرف بمخيم الشَتَاتِ، صار محطَ أنظار الكثيرين، وخاصةً بعد خبر تَوقيف ماجد الماجد، زعيم كتائب عبدالله العزام، واكتشاف مُكوثه داخل المخيم.
أعادَ هذا الخبر الحديثَ عن تواجد المنظَمات الأصولية الهاربة من وجه العدالة، والتي باتت تشكل عبئاً كبيراً على المنظمات الفلَسطينية، التي أَصبحت بدورها مستهدفة ومهددة من قِبل هؤلاء، وعبئاً على المخيم ذاته، عبر الاقتتال الداخلي والتفجيرات وعمليات الاغتيال.
تنامي الحركات الأصولية
وفي هذا السياق، أكد القائد العام للكفاح المسلح العميد محمود العيسى الملقب بـ«اللينو» لـ«الطليعة»، تنامي الحركات الأصولية داخل مخيم عين الحلوة، وأعلن بالفم الملآن أن ماجد الماجد كان موجوداً داخل مخيم الشتات منذ سنوات طويلة.
بين التأكيد.. والنفي
في المقابل، أكد الناطق الرسمي لعصبة الأنصار الشيخ أبوشريف عقل، أنهم لم يكونوا على علم بوجود زعيم كتائب عبدالله العزام ماجد الماجد، إلا أنهم أكدوا وجوده داخل المخيم، منتحلاً اسماً غير اسمه، وطلبوا منه الخروج من المخيم، خوفاً من تحويله إلى نهر بارد ثان، وأن المخيمات الفلسطينية لا تستطيع تحمّل هكذا أشخاص (ينتمون إلى تنظيم القاعدة)، وخصوصاً أن واقع وجود ماجد الماجد داخل المخيم يُنبِئ بِوجود غَيره من الأُصوليين الذين يدورون في فلَك تَنظيم القاعدة والخارجين عن القانون، على الرغم من نَفيِ الفصائل الفلسطينية ذلك.
فارون من وجه العدالة
وفي هذا الخصوص، أشار اللينو إلى أن منطقة الطوارئ، والتي يجري الحديث عنها أنها منطقة تتنامى فيها الأصوليات، هي منطقة خارج نطاق عين الحلوة، وهي منطقة لبنانية بامتياز.. إذاً هي مسؤولية لبنانية – فلسطينية.
وعن بعض المعلومات التي تشير إلى وجود الشيخ الفار أحمد الأسير والمطرب فضل شاكر المطلوبين للدولة اللبنانية بقضايا إرهابية وأمنية، شدد على أنها «معلومات لا أستطيع نفيها أو تأكيدها».
أما أبوشريف عقل، فقد تحفظ على تسمية المطلوبين الإسلاميين بالتكفيريين، مؤكداً أن هؤلاء لم يقوموا بأي عمل إرهابي على مستوى لبنان، وهناك تهم مُعلبة وجاهزة ضدهم.
وأشار إلى أن «هؤلاء الشباب تجمعنا معهم لقاءات دورية، والحقيقة أننا في كل مرة نلمس من هؤلاء المطلوبين حرصهم على أمن المخيم وأمن الجوار».
وبيَّن أبوشريف أن توفيق طه ينتمي إلى كتاب عبدالله العزام، لكن المعلوم أيضاً أن كتائب عبدالله العزام تنقسم إلى سرايا، منها سرية زياد الجراح، وهي سرية هدفها ضرب صواريخ على الكيان الصهيوني، لذلك توفيق طه ليس له أي عمل أمني داخل لبنان.. ولفت الشيخ أبوشريف إلى أن تجربة نهر البارد تجربة أليمة جداً بالنسبة للفلسطينيين و«نحن كعصبة أنصار لن نسمح بأن تتكرر مأساة نهر البارد».
مراكز تدريب للأصوليين
بدوره، اعتبر الصحافي نبيل المقدم، أن مخيم عين الحلوة بات مركزاً لتدريب الخلايا والشبكات الأصولية الناشطة في تنظيمات تدور في فلك «القاعدة» وتجري تدريباتها في منطقة النفق في المخيم وفي حي الطوارئ والصفصاف بإشراف مدربين عسكريين من جنسيات مختلفة، من بينهم عدد من المدربين الأصوليين الفلسطينيين، موضحاً أنه بات للأصوليين مساجدهم ومعاهدهم الدينية ومؤسساتهم ومخيمات تدريبهم، إضافة إلى امتلاكهم محطات إذاعية محلية على نطاق ضيق، وبات الإنترنت الوسيلة الفضلى في تواصلهم مع قياداتهم في الخارج.
فمن خلال الإنترنت يتلقون التعليمات والإرشادات والنشرات الدورية، مستخدمين الرسائل المشفرة المتطورة وفق أنظمة اتصال إلكترونية حديثة، يديرها خبراء في علم الاتصالات الإلكترونية.
تعاطف ديني
هذا، ويتمتع الأصوليون بتعاطف من جهات دينية تصنف في خانة الاعتدال، كـ«الحركة الإسلامية المجاهدة» التي يترأسها الشيخ جمال خطاب، و«معهد مرشد الديني» الذي يتولى إدارته الشيخ عبدالله حلاق، فيما يعد الشيخ ماهر حمود الأب الروحي للجميع، وصمام الأمان في أي خلاف بين التنظيمات والفصائل، وهو يلعب دور الإطفائي في مشاكل كثيرة، وعلى تنسيق دائم مع الجهات السياسية والسلطات الأمنية اللبنانية.
وتَكشف بعض المصادر الأمنية الرسمية الخاصةِ لجريدة «الطليعة»، أنّ هناك انتقالا لمجموعات متطرفة وأُصولية من قيادات «داعش» إلى مخيم عين الحلوة، لتنشيط الخلايا النائمة، وتشكيل غرفة موحدة تكون نقطةَ تواصل بين الخلايا الأصولية، ويجري بعدها الانتقال إلى الأعمالِ التخريبية التي تستهدف كل لُبنان.
ما بين تأكيد اللينو، ونفي الشيخ أبوشريف عقل، واعتراف بعض الموقوفين التابعين لتنظيمات أصولية وجودهم في المخيم.. تبقى الحقيقة برسم الدولة اللبنانية التي يعود لها وحدها تأكيد وجود هذه التنظيمات من عدمها، واتخاذ الإجراءات المناسبة للوقوف أمام الخطر الذي تمثله هذه الأصوليات والذي يهدد لبنان برمته.