
كتب آدم عبدالحليم:
انشغلت الدواوين الكويتية في الأيام الأخيرة بالأخبار المتواترة المتعلقة باستاد جابر الرياضي، فأحاديث البرلمانات الشعبية للشارع دارت كلها عن عيوب فنية أصابت عدداً من الأعمدة الخرسانية، التي أثرت بشكل عام في عوامل السلامة في المدرجات، التي قيل إنها قد تسقط في أي وقت، بسبب ميلان واضح للمدرجات إلى الأمام، ما قد يعرّض حياة الجماهير للخطر.
عيوب فنية ومشكلات
ولم تكتفِ تكهنات رجل الشارع عند العيوب الفنية المتعلقة بالتنفيذ، لكنها تطرَّقت إلى مشاكل جوهرية بالمخطط الهندسي، الذي قيل إنه لشركة عالمية، فضلاً عن عيوب أخرى ذكرتها بعض الدواوين، نقلا عن عدد من وسائل الإعلام، تتعلق بعيوب طالت المبنى ككل، بحيث لا يصلح من خلالها افتتاح الاستاد، ومن ثم إقامة المباريات عليه.
وتتلخص تلك المشاكل، إلى جانب انحراف وميلان المدرج «وفقا لحديثنا مع عدد من المواطنين»، في عدم تكامل «تراك» حارات مضمار الملعب، والتي تخصص لمسابقات ألعاب القوى، بسبب عيوب فنية، وقلة عدد المواقف الخاصة للسيارات، التي لا تتناسب بأي حال من الأحوال مع إمكانية حضور 60 ألف متفرج، فضلاً عن انخفاض مستويات الإضاءة الخاصة بالاستاد، وعدم صلاحية أرضية الملعب (نجيلة الملعب) لإقامة المباريات.
وعلى الرغم من كل تلك الأحاديث وتخوف المواطن من مشروع قد يكون سببا في إزهاق أرواح، لكن لم يصرح مسؤول حكومي بالحقيقة المفقودة، وتعامل المختصون مع الأمر بمبدأ الصمت المطبق، الأمر الذي أجبر عدداً من الأطراف النيابية على التحرك، لاستيضاح حقيقة ما يُثار من شائعات في الشارع الكويتي.
تحركات نيابية
أول تلك التحركات جاءت من النائب فيصل الشايع، الذي وجَّه سؤالا إلى وزير الشباب، يستفسر منه عن خبر منشور في الصحف، يشير إلى وجود مشكلة كبيرة في استاد جابر تتعلق بالخطورة في سلامة البناء، الأمر الذي أدَّى إلى وقف العمل به، طالبا منه توضيح أبعاد مشكلة استاد جابر؟ ومدى صحة ما يتم تناقله في وسائل الإعلام؟ وهل تم تشكيل لجنة مختصة لمتابعة المشكلة وتحديدها؟ مع تزويده بأسماء أعضاء اللجنة وتخصصاتهم والجهات التي يمثلونها، وهل هناك تقرير تم إنجازه؟ وفي حال أكد التقرير وجود أخطاء، فما الجهة المسؤولة عن تلك الأخطاء؟ وهل الأخطاء تتعلق بالتصميم أم المواصفات أم بسبب التنفيذ ومخالفة المواصفات؟
التحركات النيابية لم تنتهِ عند ذلك الحد، فقد تسلمت الأمانة العامة لمجلس الأمة أسئلة مشابهة لعدد قليل من النواب، لكن التحرُّك الأكبر يتمثل في ما اتخذته لجنة حماية المال العام، بإمهالها الحكومة أسبوعين لتقديم تقريرها النهائي تجاه ما يُثار حول مخالفات الاستاد.
وقد أكد مقرر اللجنة اجتماع أعضائها لمناقشة مشكلة استاد جابر الدولي، الذي لم يرَ النور حتى الآن، وقد تطرَّق الاجتماع إلى ملاحظات ديوان المحاسبة التي عرضت في الاجتماع، وقد تبادل الأعضاء الآراء الواردة من الهيئة العامة للشباب والرياضة ووزارة الأشغال حول المشروع، ودور كل جهة فيه، وذلك قبل أن يؤكد أن اللجنة طالبت الجهتين بموافاتها بتقرير بأسباب تأخر المشروع، وعدم افتتاحه حتى الآن، مشدداً على أن اللجنة ستحاسب أي شخص يثبت تقصيره أو إدانته عن طريق التوصية بالإحالة للنيابة العامة، وفقا لما نص عليه الدستور والقانون.
أوامر تغيرية
وتعد الأوامر التغيرية أهم ما جاء على رأس مخالفات رصدتها تقارير ديوان المحاسبة في عملية بناء استاد جابر، الذي انتقلت في بادئ الأمر من الهيئة العامة للشباب والرياضة إلى وزارة الأشغال، نظرا لعدم قدرة الهيئة الإشرافية بهيئة الشباب والرياضة على تحمُّل ضخامة تكلفة المشروع المادية الذي لم يعرف على وجه التحديد قيمته الحقيقية.
ويعد نفي رئيس مجلس إدارة المجموعة المنفذة للمشروع ما قال عنه ادعاءات وأقاويل «وصفها بمحض افتراء» عن القيمة الحقيقية للمشروع في تصريح شهير له مع اثنين من المسؤولين في عام 2010 بقوله «إن القيمة الحقيقية للمشروع بدأت بـ 55.250 مليونا، ثم وصلت في ما بعد إلى 59.456 مليونا، بعد أن طرأت أوامر تغيرية» بمنزلة التصريح الوحيد المتعلق بكلفة المشروع المالية الذي قال أيضا إن شركته سلمت الاستاد رسميا في سبتمبر 2007.
إلى ذلك، ينتظر الجميع رد الجهات المسؤولة (وزارة الأشغال والهيئة العامة للشباب والرياضة) على ملاحظات لجنة حماية الأموال العامة، ولاسيما بعد أن خرجت تسريبات تؤكد دخول تقارير هيئات حكومية أخرى على الخط كجهات تحقيق مكلفة من مجلس الوزراء بالوصول إلى نتائج محايدة لاستاد تأجل افتتاحه أكثر من أربع سنوات، ووصفه من قبل أحد النواب ان استاد جابر يمثل حالة الضياع التي تعانيها بعض مرافق الدولة.